لماذا يتحدى نصر الله المخابرات الصهيونية ؟ .
أحمد الحباسى
أرخى ظهور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مراسم العاشر من محرم بظلاله على المتابعات والتحليلات الإستراتيجية، التي رأت فيه تحديا كبيرا للتهديدات الصهيونية ونصرا معنويا ونفسيا لصالح المقاومة وجمهورها.. هذا ما تقوله قناة المنار لسان حزب الله حول الحدث ، هنا ، يجب أن نصـارح الجميع بأن جمهور المقاومة عربيا ومحليا بقدر فرحه العارم بمشاهدة وظهور سماحة السيد بقدر خوفه من تواصل فترة ظهوره بما لها من انعكاسات أمنية خاصة في ظل التهديدات الصهيونية الأمريكية الخليجية المعلنة ( تهديدات خليجية على لسان الجماعات الإرهابية السعودية المنتشرة في سوريا والعراق ولبنان ) ، ولعله مع كل إطلالة للامين العام ، إطلالات ستة منذ انتصار تموز 2006 ، يطرح السؤال ، لماذا يتحدى سماحته كل التهديدات الصهيونية بالأساس ؟ .
لعل أول من يدرك حجم التحديات الأمنية التي تستدعيها عملية الظهور بين الجموع الشعبية وفي الحاضنة الشعبية للمقاومة المتمثلة في الضاحية بالأساس هوسماحة السيد ، فالرجل يملك حسا أمنيا خاصا بالإضافة إلى قدرة عجيبة على الاستجابة إلى متطلبات الحماية الأمنية ، ولعله من القلائل في العالم العربي الذي يحظى بحماية على غاية من الكفاءة النوعية والإنسانية بما يعنى حجم التحديات الأمنية المفروضة على طاقم الحراسة وحجم المخاطر التي يواجهها الرجل طيلة الظهور لبعض الدقائق في منطقة معزولة ” عارية” يمكن لعيون الرصد الاستخبارية الصهيونية أن تسجلها أوتستفيد منها في تحديد مكانه واستهدافه – لا قدر الله – بعدة وسائل تقنية برا أوجوا أوبحرا.
بطبيعة الحال ، ظهور سماحة السيد هوتحد أمني للمخابرات الصهيونية وتحد أمني لقوات الحماية لسيد المقاومة بما يعنى أنها معركة ساخنة بين جهازين أمنيين معروفين بالدقة والكفاءة وقبول التحديات ، ولأنها معركة كسر عظم وفعالية فالسيد يرى نفسه مجبرا على الدخول فيها والقبول بنتائجها لأنه يعتقد أن جاهزية المقاومة لا تكون كاملة إلا بتوفر فاعلية قصوى لجهاز أمن المقاومة الذي يشرف على حماية كل المعلومات التي تخص الجانب العسكري والجانب المتعلق بالاتصالات اللاسلكية بالذات والجانب الإعلامي ، وجانب مهم آخر هوحماية الشخصيات والكوادر المهمة في حزب الله ، من هنا ، نفهم أن عملية ظهور السيد هوتحد أمنى ب”اللحم الحي ” كما تقول بعض المصادر لاختبار الجهاز ووضعه في تحد قاس ومرعب مع أكبر جهاز استعلامات وتجسس في المنطقة وفي العالم ، ولان السيد لا يخاف التحديات حتى لوتعلقت بجانب حمايته الشخصية فهويقبل التضحية حتى يعطي الفرصة لجهاز أمنه الخاص للبقاء في حالة جاهزية عالية مثله مثل كل عناصر القوة التابعة للحزب.
هذه هي طبيعة المعركة بين سماحة السيد أولنقل بين عقل السيد وبين عقل الصهاينة الجبناء ، والسيد يريد هنا أن يثبت قدرة المقاومة ونجاحها في مواجهة هذا الجهاز الذي جعل منه الكيان أسطورة لا تقهر مثل ما فعل مع جيش ” الدفاع” الصهيوني بنفس التشبيه لكن حرب تموز 2006 وتقرير فينوقراد الصهيوني أثبتا للجمهور الصهيوني وللعالم أن هذا الجيش بالإمكان هزمه متى توفرت الإرادة الحرة المقاومة ومتى توفر عنصر الجاهزية القصوى للمواجهة ومتى كان هناك قرار سيادي سياسي لبناني يوفر الغطاء السياسي لتلك المواجهة ، ومع أن جهاز أمن المقاومة قد حقق نتائج تاريخية مهمة في اصطياد عملاء الموساد وتفكيك عدة شبكات بما فيها بعض المعدات الالكترونية المعدة للمراقبة والتصنت على كيان المقاومة في كل عناوينه ، فالسيد يريد تحقيق انتصار نوعى آخر بقدرته على التحرك في ظل كل التحديات الأمنية ، ويريد من جسم الحماية للمقاومة أن يفرض على العدومعركة ندية كاملة لا مكان فيها للهزيمة .
عندما نتحدث عن المخابرات الصهيونية فنحن لا نتحدث عن كيان بمفرده في مواجهة حزب الله بل نحن نتحدث طبعا عن ” منظومة” متحركة على الأرض اللبنانية ، منظومة معلومات واستعلامات ومخابرات دول متلاصقة عضويا مع المخابرات الصهيونية أهمها وكالة المخابرات الأمريكية بأفرعها الألمانية والفرنسية والخليجية ، السعودية والأردن على وجه الخصوص ، وعندما نستعيد بالذاكرة عملية استهداف الشهيد عماد مغنية ندرك طبعا أن تلك العملية لم تكن لتتم بذلك الشكل وفي ذلك المكان إلا بمشاركة عديد الأجهزة التي تتشارك المعلومات مع الموساد وتخدم المصالح الصهيونية ، ولان حزب الله يدرك أن السفارة الأمريكية في بيروت هي الحصن الذي تنفذ فيه الإستراتيجية الاستعلاماتية الصهيونية فقد خرج على لسان الحزب علمه ومتابعة لهذه التحركات المشبوهة بما أحدث ارتباكا واضحا أدى إلى إقفال ما يسمى "بمكتب الوكالة” في بيروت .
” لقد سمحوا لي ببعض الدقائق” … يتحدث السيد طبعا عن جهاز أمن المقاومة ، لكنها دقائق تاريخية معبرة تؤكد فشل المخابرات المعادية في الدخول إلى عرين معلومات المقاومة ، وبقياس مساحة لبنان ومساحة تحرك السيد بالتوازي مع القدرات الفنية والبشرية التي تملكها كل الأجهزة المعادية المذكورة وما يوفره فريق 14 آذار من خدمة معلومات حول تحركات الحزب في المربع الأمني بالذات فان خروج سماحة السيد حتى لبضع دقائق هوانجاز أمنى استعلاماتي بامتياز يؤكد بأن الحزب قادر على الانتصارات النوعية رغم كل العوائق والتضحيات ، ولعل إسرائيل التي نجح الموساد في سنة 1992 من اغتيال الأمين العام للحزب الشهيد عباس الموسوي تواجه اليوم أعقد وأصعب التحديات التي فرضها حزب الله على المؤسسة السياسية العسكرية الصهيونية مؤكدا أن زمن الهزائم قد ولى وأن هذا الظهور العلني يؤكد مقولة أن إسرائيل أوهن من بت العنكبوت .