المطبخ السوري ينضج في العقبة
حكومة الظل التي ستبقى الحاكمة في سوريا بعد الاسد لم تنجلي بعدُ ملامحها، فيما اللاعبون الاساس هم من رفعوا الاعلام على سفاراتهم في دمشق أو من ألبسوا الحالة السورية الجديدة العباءة العربية، ويمتازون بالاشتراك في ادانة التوغل الاسرائيلي في الاراضي السورية ويدعون الى وقف فوري لجميع العمليات العسكرية، واحترام ارادة الشعب. وهذه الفئة هي التي اجتمعت في الاردن السبت الماضي لاطلاق عملية سياسية جامعة بمباركة الاسرة الدولية وصدر عنهم بيان باسم اجتماع العقبة فحواه ان تكون السلطة عملية انتقالية سلمية تحت ظل حوار وطني شامل كي يتم الانتقال لدولة مدنية على ان تكون ادواتها اممية دولية.
واجتماع العقبة بمثابة امتداد لمبادرة مايو 2023 التي انطلقت في الرياض بشعار (خطوة مقابل خطوة) لاقناع الاسد التخلي عن الداعمين الاساسيين؛ الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله، في مقابل رفع العقوبات عن سوريا وتدفع المساعدات لبنائها باموال دول الخليج الفارسي.
الا ان هذه المرة سارعت الاردن لعقدها بحضور؛ سعودي عراقي لبناني مصري، ومشاركة وزراء خارجية القطر والامارات والبحرين، وامين عام الجامعة العربية، تحت مسمى لجنة الاتصال العربية لرسم ملامح المرحلة القادمة في سوريا. الا ان السيناريو الاهم كان في الاجتماعات التي تلت الحاضنة العربية وهي الدول الاعضاء في المجموعة المصغرة بخصوص سوريا؛ المانيا وفرنسا وبريطانيا واميركا، والاجتماع التالي بحضور وزير خارجية اميركا ووزير خارجية تركيا والمبعوث الاوروبي للشؤون الخارجية والمبعوث الاممي في سوريا "بيدرسون"، للتركيز على دعم عملية سياسية وفق قرار الامم المتحدة المرقم 2254، الذي يشدد على وحدة الاراضي السورية. يقصدون من اجتماعهم اختبار صدقية الجماعة التي سيطرت على دمشق وهي ذات ارث في التشدد الديني، وقواعدها تنتمي الى تنظيمات متطرفة.
هذه المقدمة تميط اللثام عن الراعي الاول وراسم سيناريو حكومة الظل الا وهو اللاعب الاميركي لا غير فاميركا هي المؤسسة للمجاميع الارهابية ـ التكفيرية بشكل مباشر بدءا من تنظيم داعش ومروراً بجبهة النصرة، وجميع قادة هذه المجاميع كانوا نزلاء في السجون سيئة الصيت الاميركية مثل؛ "كروبر" و"ابو غريب" و"بوكا" وسجن الموصل. وان اغلب المقاتلين او المنتمين لهذه الجماعات من الشبان صغار السن. اذ كان ابو محمد الجولاني ضمن تنظيم القاعدة في العراق بقيادة ابومصعب الزرقاوي فاعتقلته القوات الاميركية وزج في سجن بوكا وعمره 23 عاماً واطلقت سراحه بعد خمس سنوات اي في عام 2008، ليحشد في غضون عام واحد خمسة آلاف مقاتل لينشط في سوريا ويشكل بعدها جبهة النصرة عام 2012. لتعلن اميركا في مايو/2013 ان الجولاني "ارهابيا عالميا"، فيما وضعته لجنة العقوبات التابعة لمجلس الامن الدولي على قائمة الارهابيين. واعلن برنامج المكافأة من اجل العدالة التابع للخارجية الاميركية في مايو 2017 عن مكافأة تصل الى عشرة ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي الى التعرف على الجولاني. اليس كل هذا برنامج لتضخيم حجم امثال هذه الشخصيات كي تكون محوراً لجيل من الشباب السلفي المتعصب لمذهبه بعد ان فشلت الحركات السلفية والاخوانية فشلاً ذريعاً في كثير من الدول العربية والاسلامية سواء على مستوى شمال افريقيا او منطقة الشرق الاوسط. فيما تبقى الشعوب مسلوبة الارادة لا تدري اين تولي وجهتها الصحيحة وقد اُشبعت بألوان من الشعارات والخطابات الرنانة من قبل اكثر الحكومات. وبالتالي ستكون سوريا النواة الاولى لدولة يقودها في ظاهر الامر جماعة تدعى انها اسلامية ولكن حقيقة الامر ستكون المختبر الذي تراهن عليه حكومة الظل بكل وقاحة.