استيطان ينسف التسوية
أحمد مصطفى علي
يكشف استمرار الكيان الصهيوني في إقامة المزيد من المشاريع الاستيطانية فوق الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وكان آخرها مصادقة حكومته على إقامة 2610 وحدات استيطانية جديدة في مستوطنة (جفعات همتوس) المقامة على أراضي القدس الشرقية في بيت صفافا، يكشف استهتاره بالقوانين والأعراف الدولية كافة وضربها عرض الحائط جميع الإدانات والاستنكارات التي تصدر من مختلف دول العالم.
المشروع الاستيطاني الجديد هو مخطط تدميري لما يعرف ب"حل الدولتين"، لأنه يقسم الدولة الفلسطينية ويسد الطريق أمام ربط الأحياء الفلسطينية في جنوبي القدس مع الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يعير أدنى اهتمام إلى عملية التسوية.
المشاريع الاستيطانية "الإسرائيلية" المقامة على الأراضي المنهوبة من أصحابها الحقيقيين، يبدو أنها تنال تزكية الولايات المتحدة قبل إعلانها، وإن كانت تدين الاستيطان ببيان ظاهري كنوع من رفع العتب، وإلا ما سر تزامن كشف المصادقة على المشروع الاستيطاني الأخير في القدس المحتلة مع نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض؟
من المؤكد أن المشروع الاستيطاني الأخير يندرج ضمن خطة الاحتلال الرامية إلى تهويد كامل مدينة القدس بحلول العام ،2020 التي تهدف إلى بناء نحو 60 ألف وحدة استيطانية في القدس المحتلة وحدها، بعد قضم ونهب الأراضي التي ستقام عليها هذه الوحدات، وما يستلزم من أجل تحقيق ذلك حتماً من عمليات تطهير عرقي ضد أبناء الشعب الفلسطيني والسعي إلى كسب المزيد من الوقت لتكثيف الاستيطان الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى إنهاء احتمالات السلام، ويهيئ إلى مستقبل غير مستقر يسوده العنف والتطرف والذي لا يمكن التحكم به.
المرجو أن يكون الاتحاد الأوروبي جاداً في تحذيره من أن علاقته مع "إسرائيل" ستكون رهن التزامها بعملية التسوية مع الفلسطينيين وتأكيده بأنه لن يعترف بأي تغيير لحدود ما قبل العام 1967 بما فيها القدس المحتلة، حتى يشعر مسؤولو الكيان بمدى خطورة هذه الخطوة الاستيطانية الجديدة التي تشكك بالتزام "إسرائيل" بالحل السلمي.
الإجراءات الصهيونية الأحادية الجانب بتغيير الوضع على الأرض ستكون لها تداعيات خطرة على إمكانية أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، ولذلك فهي غير قانونية بموجب القانون الدولي، وسوف تزيد الصعوبة أمام حلفاء "إسرائيل" للدفاع عنها ضد الاتهامات بأنها غير جادة بشأن التسوية، لذلك فهي مطالبة اليوم بأن تعيد النظر بسياستها الاستيطانية والتراجع عن قرارها هذا، بسبب حساسية المنطقة التي سيقام فيها هذا المشروع.
إعلان رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين اعتزام حكومته الاعتراف بدولة فلسطين، أفضل رد طبيعي من المجتمع الدولي تجاه عنجهية الكيان الصهيوني وسياساته العدوانية والعنصرية، ويجب أن تحتذي دول أخرى بالسويد، لأن ذلك يشكل دفعة كبيرة لاستعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة من عدو لا يرحم.