kayhan.ir

رمز الخبر: 79491
تأريخ النشر : 2018July24 - 20:35

ترامب يدرك تماما الرسالة من إغلاق مضيق هرمز


ابو رضا صالح

الحديث عن اغلاق "مضيق هرمز" وان كان رمزيا، لكنه حمل في طياته رسائل مبطنة احداها اساسية ، يبدو ان ترامب تلقفها وفهمها اكثر من اي شخص آخر.

بعبارة سلسة وفي ذات الوقت زاخرة بالمعاني داءت ردا على تهديدات ترامب المتكررة، اعلن الرئيس الايراني : "اما يحق لايران ان تستفيد من تصدير النفط في الخليج الفارسي او لا يحق لاحد" .

رغم ان هذا التصريح كان سياسيا وجاء ردا على تهديدات ترامب واعلام فرحة بعض الدول المشاطئة للخليج الفرسي حيال تصعيد الضغوط على ايران ، لكن التأييد المباشر الذي صدر عن قائد فيلق القدس وتصريحه بشان عملانية هذا التهديد من جهة، والدعم الشامل من قبل المسؤولين وابناء الشعب ومختلف التيارات السياسية من جهة اخرى كشفت عن مدى عزم وارادة الجمهورية الاسلامية الايرانية لتنفيذ هذا التهديد. واخيرا فان الاشادة بتصريح رئيس الجمهورية من قبل القيادة الرشيدة حسمت الامر بشان ضمانة حتمية تنفيذه في حال مواجهة ايران لاي تهديد.

بعد هذا التصريح الذي تصدر الاخبار والصحف العالمية وفي حين ان مواقف الجمهورية الاسلامية الايرانية اصطبغت بصبغة الحزم والجدية وجرى تحذير ترامب من اللعب بذيل الاسد – كناية عن عدم تجاهل مصالح الجمهورية الاسلامية - صعد الرئيس الامريكي من وتيرة تهديداته مخاطبا الرئيس الايراني بالقول : "اياك ان تهدد امريكا مرة اخرى والا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ" .

بمنأى عن لغة ترامب التي تفتقد لادنى معايير الادب واللباقة حيال الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي هي طبعا ليست فريدة من نوعها بل شهدنا تصريحات مماثلة لها حول الافارقة والرئيس السوري.. النقطة المثيرة للاهتمام هي ان ترامب لم يتوقع ابدا بان يواجه رسائل تهديد مماثلة لرسائل التهديد التي يطلقها هو هنا وهناك في صدامه مع ايران.

ويبدو ايضا من كلام ترامب لاسيما التصريحات الاخيرة التي صدرت منه ومن مدرائه بانهم كانوا يتصورون وانتظرو وينتظرون على احر من الجمر بان تصلهم رسالة الاستسلام الاولى من قبل ايران عبر اتصال هاتفي ويعودوا الى طاولة المفاوضات.

بناء على ما قيل يبدو ان تصعيد ترامب في تصريحاته الاخيرة يعود الى قرب موعد السادس من اغسطس وانتهاء مهلة الـ 90 يوما التي حددها لعودة الحظر على ايران. فلم يبق من مهلة عودة الجزء الاول من الحظر الامريكي على ايران سوى 13 يوما ، لكنه وخلافا لتصورات ترامب ليس فقط باتت ايران اكثر عزما واصرارا على مواقفها بدل ان تتراجع، بل انها تكشف تدريجيا عن الخيارات التي تمتلكها لمواجهة الحظر والتهديدات الامريكية .

في نفس الوقت يبدو ان الضجر الذي يعاني منه ترامب خلال هذه الايام يعود الى انه بات يرى مستقبل الطريق غير المدروس الذي سلكه اكثر قتامة من التقارير المقدمة اليه من قبل مساعديه ومستشاريه .

في الواقع ان موقف ترامب من ايران كشف بشكل خاص عن ان هذا السمسار الامريكي ليس فقط يجهل السياسية بل انه يجهل التاريخ والجغرافيا ايضا. يجهل السياسة لانه لا يعرف كيف يسيطر على غضبه. يجهل السياسة لانه ان لم يكن كذلك لما نظر الى وسائل التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" على انها لعبة، ولما جعل نفسه موضع تندر الخبراء والساسة وبالتالي وسيلة لازدهار هذه الوسيلة الاعلامية. لو كان يعرف اولويات السياسة لما ورط نفسه وبلاده في ازمات مختلفة اوروبية آسيوية، روسية شرق اوسطية، افريقية، امريكية و... لو كان سياسا لعلم بان كل تصريح يصدر منه سيكون له ثمن باعتباره رئيسا للجمهورية، وان التراجع عن اي تصريح سيكون له تداعيات وسيكلفه غاليا .

ترامب يجهل التاريخ ايضا. فلوكان يعرف التاريخ وعلى اقل تقدير تاريخ العقدين السابقين لكان تريث قليلا قبل ان يطلق اي تهديدات ضد ايران. ان الجهل بالتاريخ لا يختص بترامب فقط بل يبدو انه يسري الى مستشاريه ايضا الذين لم يذكروه بان اسلافه وخلال العدوانين الاخيرين على افغانستان والعراق لم يجنوا اي شيء .

واخيرا وليس آخرا فان ترامب يجهل الجغرافيا ايضا، لانه لو لم يكن كذلك لادرك بان التلميح الى مضيق هرمز هو مجرد اشارة رمزية، وان ايران لديها عدة مضائق اخرى لمواجهة التهديدات. مضائق مثل محور المقاومة، القدرات الصاروخية، المواهب النووية السلمية ، القواعد الامريكية التي تقع في مرما اسلحتها وجميع تلك الامور التي بنظرة اجمالية يمكنها ان تزعزع امن فلذة كبد ترامب في الشرق الاوسط اي الكيان الاسرائيلي وتعرضه لكابوس رهيب.

ترامب بات يعرف جيدا الان اكثر من اي شخص آخر بان اغلاق مضيق هرمز من قبل الايرانيين كان تهديدا رمزيا، ولكن تطبيقه لهذه المعرفة بحاجة لاخذ دروس في مجال السيميائية الى جانب مراجعة التاريخ والجغرافيا والسياسية .