ضبابية المشهد السياسي العراقي
مهدي منصوري
لايختلف اثنان ان المشهد السياسي العراقي اليوم وبعد فرز نتائج الانتخابات الاخيرة والتي شابتها الكثير من الملابسات وضعت موضوع تشكيل الحكومة القادمة في نفق مظلم، خاصة وان النتائج التي ظهرت وبهذه الصورة عقدت المشهد بحيث لم تستطع اي كتلة ان تنفرد في الحكم او تستطيع ان تتولى ادارته الا اذا التجأت الى الكتل الاخرى لتكوين الاغلبية البرلمانية.
وبطبيعة الحال والذي لايمكن ان يخفى على الجميع ان التدخل الاقليمي المتمثل بالسعودية والدولي المتمثل باميركا قد لعب دورا قذرا في هذا المجال بحيث ومن خلال اعلامها المكثف والمركز لعزوف الشعب العراقي من الذهاب الى صناديق الاقتراع لانها حاولت جهد امكانها ان لا تجرى هذه الانتخابات لكي يقع العراق في فراغ دستوري يفرض تدخل الامم المتحدة لتشكيل حكومة انقاذ وطني، ولكن واجه هذا التوجه رفضا من الشعب والكتل السياسية التي اصرت على ان تجري الانتخابات في وقتها المحدد دستوريا، ومن هنا لم يتبق لاعداء العملية السياسية الا ان يدسوا انفهم لكي لايشارك الشعب العراقي وبصورة واسعة فعملت ماكنة الاعلام السعودي والاميركي المعادي الى تثبيط الهمم بالاعتماد على بعض الممارسات السلبية التي شابت العملية السياسية وابرازها وبصورة موحشة بحيث زرعت في نفوس العراقيين فكرة ان الذهاب الى صناديق الاقتراع سيعيد نفس التشكيلة السابقة.
ولكن رغم كل هذا التطبيل والتزييف الاعلامي المعادي ذهب العراقيون وشاركوا في الانتخابات مما شكل ضربة قاسية للمعادين، فلذا عملوا على التدخل وبصورة مباشرة لتزييف نتائج الانتخابات وبالصورة التي تحقق اهدافهم من خلال التلاعب بأجهزة العد والفرز الالكترونية الجديدة وبرمجتها وبصورة بحيث تأتي النتائج متقاربة جدا وتغليب جانب سياسي على الاخرين لكي تأتي الحكومة العراقية الجديدة على المقاسات التي رسموها من قبلهم.
ولذا فان نتائج الانتخابات والتي وزعت الاصوات بصورة معقدة ستفرض حالة من الصراع بين الكتل السياسية للوصول الى صيغة محددة لادارة الحكم الجديد، ويمكن القول وكما اشارت اوساط عراقية مطلعة ان المشاورات لتشكيل الكتلة الاكبر التي يحق لها تسمية رئيس الوزراء ستحتاج الى وقت قد يمتد الى مدى غير معلوم.
ولذا فان المشهد السياسي العراقي اليوم يعيش حالة من الضبابية التي لايمكن التكهن بنتائجها المستقبلية بسبب التشابك وعدم الانسجام في الرؤى والتصورات والاهداف بين الكتل مما سيوجه حالة من الصراع الذي قد سيمتد الى الشارع العراقي.
اخيرا وفي ظل هذه الاجواء يتطلب من الكتل السياسية العراقية وعقلاء القوم ان تخرج عن دائرة الاملاءات والتدخلات المعادية للعراق وان تتجه وبروح عراقية وطنية متناسية كل الخلافات في الاتفاق على تشكيل الكتلة الاكبر ومن كل المكونات والكتل القائمة ومن دون اقصاء او ابعاد اي جهة كانت لكي يبقى العراق بلدا موحدا ارضا وشعبا، وبذلك يقطع الطريق نهائيا امام الاعداء الاقليميين والدوليين الذين يريدون النيل من هذه الوحدة ووضع البلاد في اتون حرب اهلية او عرقية او ما شابه ذلك (لاسمح الله).