“الذات الأميركية” و”شيطان” المقاومة ..
سامر عبد الكريم منصور
بما كُنتَ تفكر وأنت تحدق بالسلاح المصوب إلى رأسك ..؟ ربما كنت تقول: «اغفر لهم، لأَنَّهم لا يعلمون ماذا يفعلون» .. قبل أن يتوقف نبض قلمك وصوتك على عتبة قصر العدل في عمّان.
نجوتَ .. قبل ثمانية عشر عاما .. ونجا معك "المجرمون المجهولون” .. وفروا مع مترين من أمعائك الدقيقة .. ورصاص فكرك لم يزل يلاحقهم .. وهل يفكر الحرّ من أمعائه الدقيقة !؟ .. وعشت طويلا .. أكثر مما يحتملون .. ورأيت أن بعض اليسار .. يسار "الربيع” .. يفكرون من أمعائهم الدقيقة.
وجعلت قاتلك يعاني انتظارك .. ساعة وهو ينوس أمام باب العدل .. مع ست رصاصات عاد بها من حجّه المبرور .. ثلاث منها ستسكن رأسك .. هل يعيش الإنسان مع ثلاث رصاصات في رأسه !؟ .. وحدك ورفاق طريقك .. يعرفون أنّ الموت يزيدهم حياة.
هو مثلك تماما !.. ليس نادما عمّا فعل .. قال قاتلك. لقد مسست "الذات الإلهية” هذا كل ما يعرفه عنك .. قال بأنه لا يحمل فكرا تكفيريا .. وهو غير مهتم بتبريرك عن نشرك رسما يسخر من تصوّر الإرهابيين للإله وجنته .. هو مهتم فقط .. أن يصل إليك قبل غيره .. ليوضّح لك تصوره عن رجل لا يحمل فكرا تكفيريا ..
ألم تقف ذات مقال عند الضريح النبوي المهدد من الوهابيين بالهدم والإزالة؟.. وقلت أن العدوانية الوحشية للوهابية تعبّر عن "نزعة صحراوية معادية للحضارة” .. وأنها "تجد في تدمير تجلياتها المادية طريقة حاسمة في إظهار سطوة المنع والتحريم لمظاهرها الروحية” .. وأن "الوهابية تنتهي مفاعيلها حين يتعلق الأمر بالتبعية للخارج وسيطرة الإمبريالية والتفاهم الفعلي مع الصهيونية”.
ألم تقل .. بأن "سوريا ليست، فقط، ميدان المعركة، سوريا هي المعركة التي تتضافر فيها كل القضايا: فلسطين إزاء الكيان الصهيوني، والمقاومة إزاء الاستسلام، والاستقلال إزاء التبعية، ووحدة الشام إزاء التفتيت الطائفي، والإنسانية والحضارة إزاء الموجة التكفيرية والإرهاب.” ؟.. وتحدثت عن وحدة البندقية الإسرائيلية والسيف الوهابي التكفيري ..
ألم تكتب .. بأن الوهابية هي الأداة الأيديولوجية لإمبريالية القرن 21 ؟ .. وقلت بأنّ الإسلام الوهابي يسمح للامبريالية بالاشعال المستمر للحروب الأهلية العربية .. وشنّ العدوان على البلدان العربية المركزية (العراق، سوريا، مصر).. وتهديد روسيا وايران والصين بالإرهاب .. وأن اعتماد الأيديولوجية الوهّابية يسمح للإمبريالية بالتحكم بالشعوب الغربية واخضاعها للإسلاموفوبيا.
واهم .. وساذج على أقل تقدير .. من يعتقد بأنهم قتلوك لأنك مسست "الذات الإلهية” .. لقد قتلوك لأنك كنت تعري "الذات الأميركية” .. ورفضت أن تركع .. ومن لا يركع "للذات الأميركية” يغدو "شيطانا” ملاحقا من ” ملائكة ” البيت الأسود .. اسرائيل وسيفها الوهابي التكفيري وكل أنظمة العبيد.
هل سمعتَ العاهل الأردني وهو يندد بـ "الجريمة البشعة” .. ويتعهد أمام عائلتك بأنه سيلاحق ويحاكم المحرضين على قتلك ..؟ كأنك تضحك الآن .. كما فعلت ذات سؤال عن إمكانية استهداف اسرائيل من التحالف الاسلامي الذي تقوده المملكة الوهابية .. تضحك وتقول: وهل يستطيع العبد أن يحاكم سيده !؟.
لم تكنْ يوما مؤمنا بالسلام كما يفهمه "نوبل” .. ولم تستغرب الحزن والحداد في أنظمة العبيد .. ولم تستغرب تلك العيون الدامعة على رحيل أحد مؤسسي الكيان الصهيوني .. لقد كانوا صادقين في نحيبهم على رجل سلامهم على عروشهم .. وبادلوه الوفاء حتى آخر قطرة من كرامتهم .. ركوعا وذلا وسلاما.
خلف نعشك .. كنتَ متأكدا بأنك لن تجدهم .. وأنهم لن يتمنوا لك أن "ترقد بسلام” .. فهم لا يغفرون لمن يعري "ربّ الدواعش” و ” بيته الحرام” .. البيت الأبيض. عرفتَ دائما أن "طريق الحقّ موحشة” .. وبقيت قابضا على جمر الحقيقة .. لم تخش رصاص الكيان وسيف الإخوان.
أيها الراقد بسلام .. يا شهيد الموقف والكلمة الصادقتين .. يا ناهض أمة لم تنهض .. عيناك الغافيتان على حلم عشت لأجله .. لن يطول الوقت حتى نهديك نصرا .. وأصنام ” الذات الأميركية” المحطمة على يدّ "شياطين” المقاومة .. دمك الطريق.