اسرائيل تحكي رعبها
بانوراما الشرق الأوسط
لم تكن ذكرى القادة الشهداء هذه السنة محطة عادية او روتينية في الصراع، وهي لم تكن يوماكذلك، فلطالما كانت هذه الذكرى مناسبة للاعلان عن معادلة جديدة مميزة في تاريخ صراع الادمغة والارادات الدائر بين حزب الله واسرائيل منذ عشرات السنين، ولطالما تمكن المعنيون في الحزب وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصرالله من تحويل هذه الذكرى التي تتكرر كل عام في 16 شباط الى فرصة لتوجيه رسائل الردع والرعب الى من يهمه الامر، فهنا ومن على منبر مجمع سيد الشهداء كان خطاب عشرات الآلاف من أبناء عماد مغنية، وهنا كان خطاب تدمير الفرق التسع، وهنا ايضا كان خطاب القنبلة النووية.
نعم، انها قنبلة نووية، تلك التي أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله امتلاك الحزب لها، في خطاب تاريخي حمل العديد من الرسائل الاستراتيجية الموجهة الى قلب وعقل اسرائيل قبل عضلاتها،من الحديث عن القدرات الجديدة الهجومية والدفاعية، الى الجاهزية العالية، وصولا الى قنبلة حيفا النووية على لسان الخبراء الاسرائيليين،.
و من تابع الخطاب القنبلة، بات يدرك جيدا ان سنوات الصراع الطويلة قد أورثت الحزب معرفة ودراية بشؤون وتفاصيل هذا العدو، وان في لبنان مقاومة – على عكس معظم أطياف المجتمع اللبناني- لا تترك شاردة أو واردة اسرائيلية لا تحصيها، وصولا الى المتابعة الدقيقة لتصريحات قادة الكيان وضباطه ومحلليه، مع ما يتطلبه ذلك من دقة وجهد، بحيث تمكن من ارساء قواعد جديدة ومعادلات استراتيجية تحمي لبنان وكل اللبنانيين من خطر اسرائيل وعدوانها، فكان السلاح الامضى و الاذكى بيد السيد هو تصريحات قادتهم التي تمثل "لسان رعب اسرائيل”، هذا اللسان الذي ارتد عليها بالأمس ضربة استراتيجية نوعية لا يقل تأثيرها عن صواريخ الحزب المرعبة باعتراف جميع الاسرائيليين.
فاسرائيل ترى وعلى لسان قادتها، ان صواريخ حزب الله تشكل تهديدا وجوديا لكيانها، حيث يؤكد قائد الجبهة الشمالية الحالي ورئيس شعبة الاستخبارات العسكري السابق أفيف كوخافي أن "حزب الله يملك اكثر من 170000 ألف صاروخ جزء كبير منها ذكي وقادر على اصابة أهدافه بدقة، ” ويلاقيه في ذلك عوزي الرابي الخبير في شؤون الدفاع الصاروخي مشددا على أن” حزب الله قادر على اطلاق أكثر من 1500 صاروخ يوميا و صاروخ واحد قادر على تغيير مشهد السماء فوق تل ابيب” .
وهنا تقف اسرائيل – التي تشن كافة حروبها في في سبيل حماية جبهتها الداخلية – عاجزة اليوم امام خطر صواريخ حزب الله لتؤكد على لسان قائد سلاح الجو امير ايشيل أن ” لا حل عسكري لمعضلة الصواريخ، و الخيبة من الدفاع الصاروخي قادمة، لن تتمكن المنظومات من حماية الجبهة الداخلية”.
رعب آخر تحكيه اسرائيل على لسان قادتها هو رعب "الجليل”، وهي لم تنس يوما خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي توعد فيه بالسيطرة على الجليل، وهي التي ترى في مشاركة حزب الله في الحرب السورية تطورا كبيرا طرأ على قدرة الحزب في شن العمليات الهجومية ومنها الهجوم على الجليل.
ويعتبر نائب رئيس الأركان الاسرائيلي يائير غولان أن ” مقاتلي الحزب قد اكتسبوا تجربة وخبرة وثقة في سوريا ستمكنه من تنفيذ أعمال داخل الجدار الحدودي في الحرب المقبلة،” و يتابع غولان قائلا ” نعم انهم يقاتلون اليوم في أكثر الأماكن خطورة وقساوة، انهم الآن أكثر جرأة و تجربة واستعداد للمهاجمة.”
ولا ينظر قادة العدو الى خطر الجليل باعتباره شأنا تكتيكيا فحسب، بل يتعدى الأمر الى مقاربة الموضوع من ناحية الخطر الاستراتيجي الداهم الذي بات يشكله، وهو ما عبر عنه القائد السابق للمنطقة الشمالية عميرام ليفين في حديث لصحيفة معاريف بقوله ” يجب منع حزب الله من تحويل مسألة السيطرة على الجليل الى مشكلة استراتيجية لاسرائيل،” وهو ايضا ما أكده العميد موشي كاتس في مقابلة صحفية و الذي رأى أن ” احتلال حزب الله لاحدى مستوطنات الجليل سيشكل حادثا استراتيجيا يتردد صداه في الشرق الأوسط”، حيث ووصلت حالة اليأس بجنرالات العدو الى حد اللجوء الى خيار اخلاء مستوطنات في أي حرب مقبلة مع حزب الله، في اقرار واضح على عجز اسرائيل عن الدفاع حتى عن مستوطناتها وما تسميه "أرضها” و "ومواطنيها” أمام سيناريو الرعب هذا المسمى "الجليل”.
اذن، ترى اسرائيل نفسها مجددا أمام "المعضلة” المتمثلة في حزب الله ، هذا التهديد "المركزي” الذي يسكن عقول قادتها و برافقهم حتى الى غرف نومهم، و لعل أبلغ ما يعبر عن حالة الجز الذي تعاني منه هو وصف أحد جنرالات الكيان حزب الله بالـ”المنظمة الأخطر والأذكى”، ذكاء بدى واضحا في معادلة نووي حيفا مقابل تدمير الضاحية التي أرسيت بالأمس، ليبقى السؤال هل سينام الاسرائيليون هانئين اليوم بوجود جار لدود كحزب الله يملك خيارات نووية ؟