kayhan.ir

رمز الخبر: 15151
تأريخ النشر : 2015February15 - 20:43

الثورة البحرينية متجذّرة في نفوس أبنائها

لطيفة الحسيني

يُقفل الحراك الثوري في البحرين سنته الرابعة ليبدأ عاماً جديداً يُنتظر أن يكون مليئاً بالنشاط السياسي المُضاعف مُقابل ارتفاع حدّة القمع والاستبداد والاضطهاد داخل المملكة. تعسّف السلطات طيلة الفترة الماضية ومواجهة شعبها بالنار لا بالحوار، لم يُجهض انتفاضةً وطنيةً ترفُض الانصياع لأوامر ملكية لا تراعي حقوقاً سياسية وتعبيرية تفرضها الأنظمة الديمقراطية المتحضّرة. المسيرة ماضيةٌ بزخمها وآمالها وتطلّعاتها، لا وجود لعكس ذلك، فالمُتابع عن كثب للشارع البحريني يُدرك جيّداً أن لا تراجع عن المطالبة بنيل الحقوق حتى لو كلّف ذلك عنفاً أو سجناً أو طرداً أو إسقاط جنسية أو حتى شهادةً.

كيف تراجع المعارضة البحرينية اليوم أداءها خلال كلّ تلك السنوات وما الذي تودّ حقاً فعله في المرحلة المقبلة؟ النائب المستقيل ومسؤول دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية "الوفاق” هادي الموسوي يغوص في الإجابة عن السؤال. هو يقول إن "المعارضة بجمعياتها وجماهيرها استطاعت على مدى أربع سنوات الصمود والثبات في وجه النظام دون كلل أو ملل ولا سيّما في ظلّ الظروف الاقليمية القاسية من حولها وكل التآمر الحاصل مع السلطة عليها، وهي لم تفقد الإرادة للاستمرار في رفع صوتها، خاصة أن قضيتها عادلة وواضحة: هي لم تدعُ الى الفوضى بل الى الاستقرار وتصحيح المسار من خلال حكومة ومجلس نيابي منتخبين مبنيَيْن على مبدأ المساواة والعدالة الحقيقة مع جهاز أمني وجيش وطني يحويان توزيعاً وطنياً دون إقصاء الشيعة عنهما، ويؤكد أن "النظام حقّق في المقابل إنجازاً خالداً على الأرض يتمثّل في القتل والتعذيب والسجن والاحكام القاسية والتمييز الوظائفي وإسقاط الجنسية والتضييق على الحريات وهدم المساجد”.

الموسوي يشرح أن حراك المعارضة لا تختصره المسيرات والمظاهرات اليومية التي تخرج في الشوارع، مع العلم أن هذا هو المتاح داخل المملكة، خاصة أن الجهد مركّز على التمسّك بالسلمية لا من أجل رفعها شعاراً رناناً، بل من أجل إثبات حقيقة واحدة أن السلطة تضيق ذرعاً بهذه الميزة، فهي تخنقها وخصوصاً عندما تبدأ بتعنيف محتجّين عزّل في مختلف المناطق”، ويشدّد على أن "الصراع مع النظام لن يكون ناجحاً اذا فعّل الأخير قوّته وعنفه.. البلد صغير مساحة وسكاناً، وإحكام القبضة الأمنية سهل واستدعاء العناصر والجنود الاجنبية والخليجية يسير جداً أيضاً، أما الصعوبة فتكمن في التحلّي بأعلى درجات الانضباط والهدوء والابتعاد عن الإرهاب، وبالتالي اللجوء الى القوة يحقّق مراد آل خليفة”.

القيادي "الوفاقي” يوضح أن "الحراك الثوري يتوسّع من خلال التواصل مع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية العالمية من أجل فضح ممارسات النظام”، غير أنه يقرّ بأن "قوى المعارضة اليوم تحتاج لمراجعة نشاطها وتفعيله بشكل أكبر ولا سيّما عبر الحضور الميداني المؤثّر، رغم أن النظام يواظب على منع المسيرات وعدم إعطاء التراخيص”. هنا يشير الموسوي الى أن " المعارضة ومن خلال إبلاغ السلطات بخروجها الى الشوارع، لا تستأذن النظام بل تحرص على عدم عرقلة شؤون من لا يودّ المشاركة في الحراك أو الانضمام إليه لأي سبب كان”.

وعليه فإن المسيرات توجع النظام من خلال نداءاتها وتحشيدها للمواطنين، يجزم الموسوي.

لكن ماذا عن الحوار ومستقبله بعد أربع سنوات من الثورة؟ يجيب الموسوي "منذ بدء الانتفاضة في دوار اللؤلؤة شعرت السلطة أنها مجبرة على الدخول في حوار مع الجمعيات المُعارضة، فعقدت جلسات مكوكية بين الجانبين، وما إن أوشك الطرفان على الاتفاق حتى استدعت الخارج، لأن النظام لا يؤمن إلّا بمعادلة أنه السيد وما عداه عبيده، يتحكّم بكلّ الامور، فيما تطرح المعارضة الشراكة مع آل خليفة لا إسقاطهم”. بحسب الموسوي، "لا فائدة من الحوار لأن النظام يريد أن يقول إنه غير مجدٍ، وفي المحصلّة لن تبدّل المعارضة عقيدتها فالحوار والسلمية منهجان متكاملان يبنيان دولة عادلة ينال الجميع حقوقهم فيها”.

من فعاليات إحياء ذكرى الثورة والغازات المسيلة للدموع لا تفارق الشوارع!

لا ينفصل تقييم الموسوي للثورة المستمرّة عن كلام الأمين العام للتجمع الديمقراطي الوحدوي في البحرين فاضل عباس الذي يرى أن "المعارضة تمكّنت على مدى أربع سنوات من إسماع العالم لقضيتها وإبراز مظلوميتها التي أصبحت حاضرة على طاولات المنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية باستثناء الامم المتحدة التي ترضخ في ذلك للفيتو الامريكي، الذي يمنع مناقشة الملفّ البحريني في الجمعية العامة للمنظمة الدولية ومجلس الامن”.

يعتبر عباس أن "الحراك الشعبي والسياسي أوصل فعلاً معاناة البحرينيين من سجن وتعذيب واضطهاد وقتل”، ويلفت الى " أهمية حرص المتظاهريين المُعارضين يومياً على الابتعاد عن العنف وعدم تخلّيهم عن سلمية الحراك يؤذي النظام خاصة أنه مطابق للقوانين الدولية”.

يكرّر عباس في حديثه التشديد على خاصية السلمية، لماذا؟ يقول "لأن الإرادة الشعبية المسالمة تؤثّر فعلاً في نقل صورة متحضّرة للنشاط المُعارض داخل المملكة مُقابل عنف مدوٍّ تمارسه قوات النظام، كما أنها تعبّر عن تصميم الناس على تغيير جدي لا يجنح الى القوة”.

تتطلّع أطياف المعارضة في المستقبل، بحسب عباس، الى مناقشة أزمة المملكة في أروقة الأمم المتحدة وتوقف النظام عن استخدام القوة المفرطة لقمع الصوت المخالف له، وهذا لا يتحقق إلّا عندما تتوقّف السعودية عن تصوير المشهد في البحرين على أنه يستهدفها، وهذا يتطلب منها أن تنأى عن المنامة وأن تلعب دوراً إيجابياً من أجل الوصول الى حلّ بين طرفي الأزمة، وأن تسحب قوات درع الجزيرة من أراضينا، كذلك فإن المعارضة تأمل في الوصول الى وثيقة سياسية موحّدة في مواجهة إجراءات النظام القمعية”.

لا وجود لحوار في البحرين اليوم، ببساطة يؤكد عباس ذلك، لأن لا مؤشرات تدلّ على أنه متواصل بل كلّ شيء متوقف بفعل سياسات النظام الاستبدادية. برأيه، "هذا الحوار يحتاج الى دفع إقليمي ودولي، بموازاة وقف دعم قمع النظام لشعبه، كما حصل في المرحلة السابقة اذ كان الحوار استهلاكاً للوقت لا أكثر”.