kayhan.ir

رمز الخبر: 206245
تأريخ النشر : 2025May10 - 20:36

التعميد بالنار

اينما حل نتنياهو جلب معه خبراء وشركاء في مجال المياه، فزيارته للهند والتي وصفتها صحيفة "ذي تايمز اوف انديا" الهندية بالزيارة التاريخية، بأن نتنياهو يحرص على تعزيز علاقات بلاده مع الهند برفقة وفد كبير من رجال الاعمال والمختصين في مختلف المجالات وبالتحديد المياه، فيما قال نتنياهو؛ انه بصدد تعزيز العلاقات بين اسرائيل والهند هذه القوة العالمية الهامة وذلك لان هذه الزيارة تخدم المصالح الامنية والاقتصادية والتجارية والسياسية. تزامنت الزيارة مع قرار الهند بتعليق معاهدة مياه نهر السند مع باكستان الموقعة عام 1960. اذ اوقفت حكومة نيودلهي تدفق المياه من سد باغليهار على نهر تشيناب الى باكستان. كما وتعزم الهند قطع تدفق المياه من سد كيشانغانغا على نهر غيلوم.

وهي الذريعة التي اشعلت نار الحرب بين البلدين الجارين، اما اذا رجعنا الى دراسة للسي آي ايه اجريت عام 1993 تقول فيها ان حرباً ستنشب بين الهند وباكستان عام 2025، سندرك ان القوى العظمى تضع الفخاخ للقوى النامية من خلال الحروب كحقل تجارب للاسلحة التي ابتاعتها، فالهند تشتري الاسلحة سنوياً من "اسرائيل" بقيمة مليار دولار كثاني اكبر مورد للاسلحة بعد روسيا. كما ان اعتماد باكستان على السلاح الصيني وقيام الجيش الباكستاني على التصنيع العسكري الصيني. فالجميع يحاول الاستثمار في مثل هكذا حروب وهوما فعلته اميركا بإبرام اتفاقيات مع الهند لملء فراغ الصين ولتصب في المصالح الغربية. اما الجانب العقائدي والسرد الديني فهو ما برعت به الحكومات الاسرائيلية لاستمالة الشعوب. فقد سمحت حكومة نتنياهو لابناء قبيلة هندية تعرف باسم "بني منشيه" وهي احد المجتمعات القاطنة في شمال شرقي الهند التي يزعم افرادها ان جذورهم تمتد الى احدى القبائل الاسرائيلية العشر المفقودة التي نفتها الامبراطورية الاشورية قبل اكثر من 2700 عام، سمحت لهم بالهجرة الى فلسطين المحتلة والتحول الى الديانة اليهودية فور وصولهم. وهذا يفسر سر احتشاد طوابير من الهنود امام السفارة الاسرائيلية في العاصمة الهندية نيودلهي خلال الاسابيع الاولى للحرب على غزة لتقديم طلبات للحصول على تأشيرات من اجل الانضمام الى صفوف جيش الاحتلال والمشاركة في الحرب على اهل غزة. اذ حسب تقرير صدر عن صحيفة "إنديا توداي" ان مالا يقل عن 400 هندي يقاتلون على الخطوط الامامية مع الجيش الاسرائيلي.

في نفس الاتجاه يسعى الكيان الصهيوني للتأثير على قرارات الدول الافريقية واستمالتها لصفها فيما يخص الصراع مع الفلسطينيين والامة الاسلامية بايجاد موطئ في القارة السمراء، فللكيان علاقات دبلوماسية كاملة مع اربعين دولة افريقية. وعندما زار نتنياهو اديس اباباعام 2016 قال: ان بلاده تعمل على جلب اليهود الفلاشا الباقين في اثيوبيا وعددهم تسعة آلاف يهودي. وفي زيارته الحالية لدول حوض النيل "اوغندا وكينيا ورواندا واثيوبيا" يحاول التشديد اكثر على مصر من ناحية مطالبها المشروعة في الحفاظ على حصتها من مياه نهر النيل.

اذ رافق نتنياهو في زيارته الاخيرة خبراء وشركات في مجال المياه للاشراف على سير عمل سد النهضة التي تتولى شركة كهرباء اسرائيلية ادارة الكهرباء فيها واقامة محطات توليد الكهرباء. ويحتل الخبراء الاسرائيليون طابقاً كاملاً في مبنى وزارة الموارد المائية الاثيوبية، اذ من شأن التوافق بين دول حوض النيل ووجود تعاون بينها مع "اسرائيل" – حسب نصوص قانون المياد الدولي – ان يسمح ذلك لتل ابيب بالحصول على حصة من مياه النيل. وبذلك تسير "اسرائيل" بخطة سرديتها "من النيل الى الفرات" وبما ان النيل يبدأ من اثيوبيا فهذه الخطوة تترجم بشكل عام لها بالخطة الصهيونية الممنهجة ضد مصر في السيطرة على مائها وغذائها، وبالتالي تطبيق خريطة مملكة داوود بان ارض اليهود من النيل الى الفرات.

وقد بدأ النزاع المائي بين "اسرائيل" والدول العربية في منطقة غور الاردن ومرتفعات الجولان منذ نوفمبر 1964 الى مايو 1967 فسيطرت "اسرائيل" على غالبية موارد المياه العذبة في الضفة الغربية وكذلك على مصادر المياه التي تتمثل في مصدرين؛ نهر الاردن وطبقة المياه الجوفية الجبلية والتي عززت "اسرائيل" السيطرة عليها وفقاً لاتفاقيات اوسلو التي وقعها القادة الفلسطينيون والاسرائيليون في مطلع التسعينات من القرن الماضي. وقد استخدم الكيان الصهيوني المياه كسلاح في حربه الاخيرة اذ ان كل ساعة تمر تعرض سكان القطاع لخطر الموت عطشاً، فحصيلة القتلى الناجمة عن نقص المياه وتأثيرها على الصحة العامة تتجاوز عدد ضحايا القصف الاسرائيلي. فعمد الاحتلال على مدار عقود الى استخدام ازمة المياه كأدوات للموت. فان كانت الديانات تستخدم المياه للتعميد الا ان الصهاينة حولوا التعميد بالنار.