أمننا "خط احمر"
مما لايختلف عليه اثنان من ان الجمهورية الاسلامية ومنذ انتصار الثورة المباركة قبل أربعة عقود من الزمن ونيف ان الادارة الاميركية التي تلقت ضربة وصفعة قوية لازالت ارتداداتها ولهذه الساعة وقد جندت كل قواها بتحشيد حلفاءها في المنطقة وبمختلف الذرائع الكاذبة من اجل انهاء الحكم القائم في ايران الذي تعتبره سدا وحصنا منيعا امام تحقيق اهدافها التي رسمتها لدول المنطقة في تغيير خريطتها القائمة لفرض هيمنتها على ثروات ومقدرات شعوبها ولأمد بعيد.
وبطبيعة الحال فان واشنطن قد ادركت جيدا من ان ذلك لم ولن يتسنى لها الا باتخاذ اجراءات قاسية وظالمة على الجمهورية الاسلامية وشعبها الوفي، والشواهد على ذلك لم تكن خافية او غير معلومة بل هي واضحة ومحفورة في اذهان الشعب الايراني اولا وكل المؤيدين والمحبين للجمهورية الاسلامية في المنطقة والعالم. وماحرب الثماني سنوات التي فرضت على الجمهورية الاسلامية والتي كانت كونية بامتياز وغيرها من الاجراءات التعسفية كالحصار القاتل وغيره والتي لايمكن ايرادها في سطور هذا المقال لهو دليل قاطع الى ماذهبنا اليه. كما بذلت اميركا محاولات جادة وعملية بالتعاون والتنسيق مع حلفائها من بعض دول المنطقة والعالم بتجنيد الجواسيس والعملاء لزعزعة الوضع الداخلي ليكون لها عونا في تحقيق اهدافها الاجرامية الا ان يقظة ووعي القوى الامنية والشعب الايراني وايمانه الراسخ بقيادته الشرعية احبط كل هذه المحاولات البائسة والجبانة، وفي قراءة سريعة لما تعلن عنه الاجهزة الامنية من القاء القبض على المجاميع الاجرامية التي جندت لهذا الغرض والتي كان اخرها مجموعة تضم خمسة جواسيس دخلوا ايران خلسة من قبل دولة جارة وبنفس الوقت وبالامس القاء القبض على اثنين من الجواسيس الاجانب والتي كان هدفها زعزعة الامن الداخلي في البلاد.
وردا لما حصلت عليه قواتنا الامنية من معلومات مهمة وخطيرة من هذه المجاميع خاصة الاستعدادات القائمة لارهابيي "داعش" وبعض المجاميع المعادية للحكومة في منطقة شمال العراق خاصة اربيل لارسالهم للقيام باعمال تخريبية داخل المحافظات الايرانية وقد توفرت لدى الاجهزة الامنية ايضا الاماكن والمقرات التي كان يستخدمونها في اعداد خططهم الجهنمية مما فرض على الجمهورية الاسلامية ومن اجل الحفاظ على امن البلاد والمواطنين رغم كل التحذيرات وبالوثائق التي قدمتها حكومة الجمهورية الاسلامية الى الحكومة العراقية عن تحرك هذه المجاميع الاجرامية شمال العراق الا انه وللاسف لم تجد اذنا صاغية من حكومة بغداد بهذا الشأن مما فرض على الجمهورية الاسلامية وحفاظا على امنها واستقرارها والذي يعتبر "خطا احمر" لايمكن تجاوزه ومن اي بلد او جهة كانت فانها استبقت الامور وقامت بقصف مقرات هذه المجاميع شمال اربيل كم قصفت من قبل وكرا للموساد الصهيوني في هذه المنطقة.
والمفارقة هنا ان رد الحكومة العراقية جاء وللاسف مؤيدا لما تريد فعله هذه المجاميع من التنديد بالقصف الايراني لاربيل وغضت النظر عن انتهاك تركيا واميركا لسيادة العراق من خلال تجاوزها واحتلالها الاراضي بذريعة مواجهة المعارضة، اذ اعلن مصدر أمني عراقي في قضاء شقلاوة ان “ستة صواريخ أطلقتها القوات الأميركية في قاعدة الحرير سقطت على منطقة مكتظة بالمنازل في ناحية باسرمة وتسببت بإلحاق أضرار كبيرة في أحد عشر منزلاً وإصابة العديد من ساكنيها” مشيراً إلى أن القوات الأمريكية زعمت أن إطلاق الصواريخ جاء ضمن تدريبات لمواجهة هجومات بطائرات مسيرة محتملة.
وقد تساءل العراقيون بالامس يلفهم الاستغراب اسلوب الكيل بمكيالين التي تعاملت به الحكومة العراقية اذ تعتبر القصف الاميركي للمدن والتوغل التركي باحتلاله المدن امرا طبيعيا ولاغبار عليه، بينما عندما تجد ايران نفسها مرغمة على الحفاظ على امنها من الارهابيين وغيرهم تقوم الدنيا ولاتقعد والذي يعكس ان تصريحات المسؤولين العراقيين الذين يزورون ايران والتي تؤكد على الحفاظ على الامن والاستقرار في ايران قد فقدت مصداقيتها .
واخيرا فليعلم الجميع ان طهران التي لم تتدخل في الشأن الداخلي لاي دولة كذلك يفرض على هذه الدول ان تتعامل معها بنفس الاسلوب من منع ايجاد مراكز تجسسية اومقرات تدريبية على اراضيها لارسال المجرمين لتشكل تهديدا مباشرا لامنها واستقرارها .