kayhan.ir

رمز الخبر: 147787
تأريخ النشر : 2022March09 - 20:04

بعد “غزل” الامير بن سلمان: شروط إعادة ترميم العلاقات السعودية الإيرانية

 

فاطمة عواد الجبوري

يتراجع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن تصريحات سابقة له هاجم فيها إيران وقال بأنه سينقل المعركة إلى قلب طهران. حيث قال الأخير منذ يومين بأن إيران هي جارة لنا للأبد ولا يمكن التخلص من بعضنا البعض. تأتي تصريحات ولي العهد السعودي بعد الأنباء الواردة من فيينا حول اقتراب القوى الغربية من توقيع اتفاق جديد مع إيران.

أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني رحب بالتصريحات الإيجابية من قبل ولي العهد وقال إن قطع العلاقات مع السعودية كان قراراً سعوديا وأن إيران لطالما سعت لتحسين العلاقات مع الرياض. ولكن إذا ما أردنا تقييم إمكانية عودة العلاقات إلى سابق عهدها أو أحسن، فعلينا أن نشير إلى العقبات التي يضعها الإعلام السعودي أمام تحسن هذه العلاقات.

لا تفوت وسائل الإعلام التابعة للسعودية سواء داخل المملكة أو خارجها الفرصة أبداً في مهاجمة إيران بين الفينة والأخرى. وأخر المواضيع التي سلط عليها الإعلام الضوء كانت المفاوضات النووية مع إيران. روجت وسائل الإعلام السعودية بأنّ الرئيس بايدن يسعى إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي مع طهران وذلك لإن هذا الاتفاق يعتبر إرث الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما. ويكرر الإعلام السعودي بأن بايدن لا تهمه عواقب إعادة إحياء الاتفاق فهو يعمل فقط على ترسيخ فكرة أن انسحاب ترامب من الاتفاق كان خطأً استراتيجياً وهذا بالطبع سيعزز من فرص الديمقراطيين في انتخابات 2024.

كما تقول الصحف السعودية بأن إيران اقتربت أكثر من أي وقت مضى من صناعة القنبلة النووية، وبأن الاتفاق النووي لن ينجح في منع طهران من تصنيع هذه القنبلة.

للإجابة على هذه الإدعاءات يجب القول بأن ما تأتي به وسائل الإعلام السعودية هو عبارة عن مغالطات لتشويش أنظار القراء والمستمعين. إن الجهود السعودية الإسرائيلية هي من دفعت ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي في 2018. لقد التزمت طهران بكافة بنود الاتفاق حتى بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق بشكل انفرادي. إن انسحاب ترامب من الاتفاق صبّ بشكل كامل في مصلحة إيران التي استطاعت أن تطور برنامجها النووي واستطاعت تطوير أجهزة طرد مركزية متطورة (IR-6) من خلال الخبرات المحلية.

في العام 2015 كان الحد المسموح به من تخصيب اليورانيوم حوالي 3.7 بالمائة فقط ولكن وبعد انسحاب ترامب، خصّبت إيران مخزونها من اليورانيوم ليصل إلى 60% وهذا يعني أنها على بعد أقدام من القنبلة النووية. كما أن إيران لها اليوم اليد الطولى في المفاوضات الجارية في فيينا، لإن شعبها وقيادتها استطاعا أن يقاوما العقوبات الاقتصادية بالحد الأقصى. لمجرد المقارنة فقط، علينا أن نعلم بأن إيران واجهت أزمة كورونا بقدراتها الذاتية كما أنها حافظت على مستوى معين من التضخم على مدار السنوات الماضية التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة عليها.

عزيزي القارئ، تصور معي لو أن 10% من هذه العقوبات فرضت على دولنا العربية؟ أنا متأكدة من أن هذه الدول ستسقط وسيعاني شعبها من الجوع. وكي لا نذهب بعيداً فإليك تركيا التي روّج العرب لها على أنها دولة رائدة في الاقتصاد فهي اليوم تعاني من تضخم بلغ 50% حتى دون أي عقوبات مفروضة عليها من الولايات المتحدة!!!!

 لم تهاجم إيران السعودية أو أية دولة عربية خلال التاريخ الحديث، ولكن السعودية هي من أشعلت المنطقة بالحروب في سوريا والعراق واليمن ولبنان.

إذا ما أرادت السعودية أن تتمتع بعلاقات طيبة مع الجمهورية الإسلامية في إيران فعليها أولاً أن تعرف بأن إيران لا ترغب بإقتناء سلاح نووي لإن فتوى قائدها الخامنئي يحرم ذلك. كما أن على السعودية أن تعلم بأن احترام الدول وسيادتها هو الطريق الوحيد لبناء علاقات طيبة مع دول الجوار. وعليهم أن يفهموا أخيراً بأنّ الفرصة مناسبة لإعادة العلاقات مع طهران وذلك لإن إيران اليوم لا تعتبر بحالٍ من الأحوال قوة إقليمية وحسب بل هي قوة عظمى لا يستهان بها.