خلايا التجسس الإسرائيلية لن تكون الأخيرة في محاولات العدو الإطاحة بلبنان
فاطمة عواد الجبوري
يوماً بعد يوم تتضح أبعاد المؤامرة التي يتعرض لها لبنان وتتلخص هذه المؤامرة في المحاولات المستمرة لتركيع هذا البلد الصغير جغرافيا الكبير سياسياً. المؤامرة بدأت عبر ركوب موجة الاحتجاجات الشعبية في 2019. حيث حولت بعض العناصر المنفلتة شعارات الثوار من شعارات العدالة ومكافحة الفساد والمطالب المعيشية إلى شعارات طائفية تستهدف طائفة بعينها دون الآخرين.
ومن ثم وبعد فشل هذا المشروع بدأت مرحلة تجويع وحصار الشعب اللبناني حيث استهلت إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها هذه المرحلة بتفجير بيروت. كمقارنة يشبه تفجير بيروت كثيرا التفجير الذي قامت به إسرائيل في ميناء اللاذقية. وبدلاً من انتظار نتائج التحقيقات قامت بعض الأطراف الداخلية الموالية لإسرائيل بتوجيه التهم مباشرة إلى محور المقاومة. ونظرا لحرص المقاومة على عدم تسيس عمليات التحقيق لم ينخرط المحور في هذه السجالات أبداً.
وبعد ذلك تم تجويع اللبنانيين من خلال فرض حصار خانق عليهم يمنعهم من استيراد مشتقات النفط أو الأدوية أو الأغذية وتمنعهم كذلك من إرسال العملة الصعبة إلى الداخل اللبناني، حيث قام ويقوم حزب القوات عبر عناصره المنتشرة في كل من افريقيا والسويد وبريطانيا من عرقلة التحويلات بالعملة الصعبة للعمال اللبنانيين في الخارج. وتدخلت الولايات المتحدة أيضاً وفرضت عقوبات اقتصادية على تجار لبنانيين وصادرت أصولهم وأموالهم. كل ذلك تم بالتنسيق بين أطراف المؤامرة القذرة لدفع الشعب اللبناني للاتجاه نحو الفوضى. وقد فشلت هذه الخطوات كذلك بسبب كسر الحصار الخانق على لبنان من خلال استيراد النفط الإيراني ومن خلال تدّخل سوريا وإيصال المواد الغذائية إلى لبنان.
وبعد كل هذه الخطوات، اتجهت هذه الأطراف نحو المرحلة الخطيرة وهي مرحلة الحرب الأهلية. فكانت عملية “الطيونة” والتي تدخل فيها حزب القوات اللبنانية بالسلاح لفض مظاهرة سلمية لحزب الله وحركة أمل في بيروت. راح ضحية هذه العملية الغادرة سبع شهداء، ولكن الأهم من هذا وذاك كان ممارسة المقاومة لسياسة ضبط النفس أمام الاستفزازات لمنع الحرب الأهلية في لبنان. ولكن وكما عهدنا المقاومة قوية وصلبة صرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأن لدى المقاومة 100 ألف مقاتل مدججين بالسلاح. بصراحة وبكل وضوح وضح نصر الله بأن هؤلاء المقاتلين هم لردع إسرائيل ولن يلجأ لهم الحزب في الحروب الداخلية. وعليه فقد تم إرساء نظرية الردع المتوازن للمقاومة في لبنان والتي تقوم على ردع العدو الأكبر ليرتدع الصغار. كما تقوم هذه النظرية على أن الطرف الأقوى في لبنان (المقاومة) هو من يستطيع منع الحرب الأهلية.
وبعد كل هذه المؤامرات وكل هذه المخططات كشفت وزارة الداخلية اللبنانية عبر الوزير بسام المولوي عن توقيف عناصر 17 خلية تجسس تعمل في لبنان. وقد جاءت هذه العمليات نتجية جهود جبارة ونتيجة تعاون وتنسيق بين كافة الأجهزة اللبنانية لكشف هذه المؤامرة التي تهدد الأمن القومي اللبناني. إسرائيل وكعادتها تعمل على تقويض الدولة اللبنانية من الداخل. الغريب في هذه الخلايا هو أنها خلايا ذات طابع منفصل وليست هرمية الشكل. ونقصد بذلك بأن هذه الخلايا هي خلايا منفصلة عن بعضها البعض ولا يمكن الكشف عنها عبر عمليات بسيطة.
لقد مرّت أيام على اكتشاف هذه الخلايا ولم نسمع من محور التطبيع والعمالة لإسرائيل أو منظمات ما يدعى المجتمع المدني أي تعليقات عن هذه العمليات وعن هذه المؤامرة، بل هم مشغولون بالتحضير لمجموعة من الاحتجاجات المسلحة وغير المسلحة في حال تم اتخاذ القرار بتاجيل الانتخابات البرلمانية. والمثير للاهتمام أكثر من ذلك هو أن بعض الأطراف اللبنانية تمارس الضغوط السياسية وهي تسعى للإفراج عن هذه الخلايا. ما يخشاه هؤلاء هو أن يتم الكشف عن دورهم العميق واللوجستي في توظيف هؤلاء الجواسيس في خدمة أجنداتهم.
كخاتمة لطالما حذّرنا من خلال مقالاتنا السابقة من أن لبنان يتعرض لمؤامرة كبرى تستهدف أمنه الداخلي وتستهدف تحويله إلى دويلة تابعة لمحور التطبيع كما يرغبون في نهب ثرواته البحرية النفطية والغازية من خلال عمليات الترسيم مع العدو. وعلينا التأكيد على أن العدو لن يتراجع أبداً عن هذا المخطط الكبير وهو دائما وأبداً يملك الخطط البديلة. فهل من متعض؟؟؟