kayhan.ir

رمز الخبر: 146541
تأريخ النشر : 2022February15 - 20:10

التشديد على المعارضة البحرينية في لبنان.. اين مصلحة "اسرائيل"؟

شارل ابي نادر

هل يمكن ان تكون من باب المصادفة، وفي الذكرى الحادية عشرة لثورة البحرين او لثورة اللؤلؤة، أن تتعرض المعارضة البحرينية في لبنان لتشديد الخناق عليها بشكل غير مسبوق، بالتزامن تقريبا مع ما كشفه الإعلام الإسرائيلي بأنه وللمرة الأولى سيتم تعيين ضابط من جيش الاحتلال في منصب رسمي بصورة دائمة في دولة عربية، هي البحرين، وأنّ "العلاقات بدول الخليج تتطور بسرعة لدرجة فاجأت الإسرائيليين"، وبأن يتزامن كل ذلك ايضا مع تطور متسارع للعلاقات الامنية والعسكرية بين الكيان وبين النظام الحاكم في مملكة البحرين ، لدرجة ستظهر البحرين بعد وقت قصير، وكأنها قاعدة أمنية وعسكرية بحرية للكيان الصهيوني؟

طبعا، من غير الطبيعي ان تتزامن كل هذه الاحداث مع بعضها بعضاً في توقيت متداخل بشكل لافت، فالمنطق يقول ان هذه الاحداث لها علاقة ببعضها بعضاً بشكل كبير، وكما يبدو، هي مترابطة بشكل مدروس ومخطط وذلك على الشكل التالي:

لا يمكن ان نقول ان السلطات الرسمية اللبنانية تنفذ طلبا اسرائيليا لناحية التشديد على المعارضة البحرينية وعلى جمعية الوفاق الوطني البحرينية بالتحديد، فالسلطات اللبنانية تتعامل مع سلطات الدول الخليجية وخاصة مع السلطات البحرينية في هذا الملف، والذي تعتبره الاخيرة ملفاً ذا حساسية كبيرة، ويمكن، فيما لو ترك دون متابعة، ان يكون له تداعيات ضخمة على النظام في البحرين وعلى الاشتباك الذي يخوضه بمواجهة المعارضة البحرينية.

من هنا، يمكن تفسير موقف بعض السلطات الامنية اللبنانية من خلال منع ندوات واجتماعات اعلامية وسياسية داعمة لهذه المعارضة في بيروت ولبنان بشكل عام، وتحت حجة ان هذه الندوات، في الشكل، لم تحصل على ترخيص بالاجتماع من الاجهزة الرسمية الامنية اللبنانية، وفي المضمون، من غير المسموح لهذه الجمعية او لمناصريها استعمال منصة لبنان لمعارضة النظام الحاكم في البحرين، من باب التزام لبنان بسياسة التضامن المطلوبة مع انظمة وسلطات دول مجلس التعاون الخليجي، وعدم القيام بما يعكر صفو علاقات لبنان مع هذه الدول او مع انظمتها عمليا. ولكن لماذا يمكن القول ان تشديد الخناق على المعارضة البحرينية وفي لبنان خاصة يعتبر مطلبا اسرائيليا بامتياز ويحقق مصلحة الكيان بشكل كبير؟

في الواقع، وفي متابعة لحركة المعارضة البحرينية ومنذ انطلاق ثورتها عام 2011، كان يعتبر اغلب هؤلاء المتابعين، ان هذه الثورة تملك الفرص الكبيرة لان تنجح وتحقق مطالبها المحقة في الاصلاح وتثبيت حق المواطنين في الحصول على مطالبهم العادلة والتي ترعاها القوانين الدولية والانسانية، فهي اولا ثورة سلمية بكل معنى الكلمة، تجمع العدد الاكبر من شعب البحرين الذي وقف وقفة واحدة وموحدة وراء مطالب ديمقراطية واضحة، كل دساتير العالم وانظمة الدول التي تعتبر نفسها متطورة وعادلة، تؤيد هذه المطالب وتؤكد احقيتها وضرورة تحقيقها لمن يطالب بها بطريقة سلمية.

عمليا، لم تنجح هذه الثورة في تحقيق مطالبها، وبالرغم من ان اغلب المعطيات كما ذكر اعلاه، كانت مناسبة لكي تنجح، وحيث ظهرت السلطات البحرينية حينها، عاجزة عن مواجهة هذه الثورة بالطرق السلمية التي تلجأ اليها اغلب الانظمة حول العالم، لجأت الى اساليب العنف بمواجهة المتظاهرين السلميين، واسقطت العديد منهم بين شهداء ومصابين واوقفت رموزهم واخضعتهم لمحاكمات صورية غير قانونية، وهم اليوم وعلى راسهم قائدهم الشيخ علي سلمان الأمين العام  لجمعية الوفاق الوطني، داخل سجون النظام، ينفذون احكاما تعسفية، وكما اشار الشيخ سلمان بذاته: "ينفذ قراراً  ظالما صنّفته الأمَم المتحدة وهي أعلى هيئة سامية بالاعتقال التعسّفي كما صنّفته كبرى منظمات حقوق الإنسان بالجائر والتعسفي".

تبين أن هذه القدرة للنظام البحريني على مواجهة الثورة، لم تكن بسبب قدرته الذاتية، فهو استعان اولا وبشكل ظاهر، بقوات سعودية وخليجية مما يسمى بقوات درع الجزيرة لقمع الثورة بالقوة وبالعنف، وثانيا، وهنا النقطة الاهم والتي ظهرت اليوم وتثبتت، فهو ( النظام البحريني) استفاد من رعاية غربية واقليمية، اميركية واسرائيلية بالتحديد، للوقوف بوجه المعارضة والثورة، والسبب يمكن استنتاجه مما يحصل اليوم من تغييرات استراتيجية على ارض وفي مياه البحرين: قواعد عسكرية بحرية اسرائيلية تتحضّر لان تنطلق قريبا، وتنسيق امني كبير جدا ـ كما يبدو لا حدود له ـ بين الاجهزة الامنية البحرينية والاسرائيلية، وتكليف رسمي من السلطات البحرينية للاجهزة الاستعلامية الاسرائيلية بانشاء ورعاية وتجهيز وادارة جهاز الامن الاستراتيجي في المنامة.

بالاضافة لكل ذلك، كان الحدث الاهم، والذي جاء استكمالاً لزيارة وزير الأمن الاسرائيلي بيني غانتس للبحرين مؤخرا، بالتزامن مع  فعاليات مناورة الخليج والبحر الاحمر التي نفذتها 60 دولة بمشاركة اسرائيلية وبقيادة المنطقة المركزية الاميركية في الشرق الاوسط، حيث اتُّفق على تعيين ضابط من جيش العدو الإسرائيلي بصورة ثابتة في أراضي المملكة وستكون وظيفته كما اشيع، ضابط اتصال مع الأسطول الأميركي الخامس، الذي يوجد مقر قيادته في البحرين، وسيعمل أيضاً بمهمة اضافية، كضابط اتصال بالقوات الأمنية والعسكرية  للمملكة مع الاسرائيليين.

من هنا تأتي مصلحة "اسرائيل" في قمع المعارضة البحرينية بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص، حيث ستجد في نجاح الثورة في البحرين عائقا رئيسا امام تنفيذ اجندتها التوسعية في البحرين من جهة، ومن جهة اخرى، ستجد في نجاح الثورة البحرينية مانعا رئيساً بمواجهة تمدد نفوذها وتواجدها في الجزيرة الاستراتيجية في الخليج وبمواجهة ايران، وحيث تشكل الساحة اللبنانية اليوم، نقطة الارتكاز الاقوى لتطلعات وآمال محور المقاومة في مواجهة "اسرائيل" بشكل عام وفي مواجهة التطبيع معها بالتحديد، يمكن ان نستنتج المصلحة الاسرائيلية الواضحة في قمع المعارضة البحرينية او الخليجية بشكل عام، والتي تواجه بالكلمة وبالموقف السلمي الانظمة المرتهنة للكيان الصهيوني.