أميركا البائسة والذرائع المفلسة
مهدي منصوري
لا نغالي اذا ما قلنا ان هناك اجماعا عالميا على ان اميركا اليوم هي ليست اميركا الامس التي كانت تفرض هيمنتها وتفرض ارادتها على الدول فضلا عن الشعوب. وقد اكد هذا الامر وبوضوح الرئيس الاميركي بايدن بعد الخروج المذل والمخزي من افغانستان بقوله "على مدى عقدين من الزمان خسرنا الاموال الطائلة في افغانستان وجاءت النتيجة صفر" ويلخص هذا التصريح وبكل وضوح ان الادارة الاميركية تعيش حالة من الاحباط الكبير، ولما كانت النتيجة في افغانستان قد وصلت الى لصفر فانه وفي نظرة سريعة لما عليه اميركا في المنطقة والعالم ومن خلال سياستها الهوجاء التي لا تستند الى اي من الثوابت العالمية فانها ستخرج الى ادنى من الصفر.
ومن الملاحظ انه خلال السنوات الاربعة التي حكم فيها ترامب الولايات المتحدة وبسياسته الهوجاء وضع اميركا امام سيل من المشاكل مع الدول من اميركا اللاتينية الى الصين الى روسيا الى منطقة الشرق الاوسط واوروبا وغيرها بحيث اوقع واشنطن في شرنقة خانقة لايمكن الوصول فيها الى بصيص من امل لتجد الحلول. وجاءت حكومة بايدن وجدت نفسها امام حمل ثقيل من الازمات التي يجب ايجاد الحلول لها. ولذلك فهي وفي هذا الخضم من الازمات قد فقدت بوصلتها بحيث لا تدري من اين تبدأ والى اين تنتهي ولم يقف الامر عند هذا الحد بل انها عقدت الاوضاع بصورة وبدلا من حل الازمات الى التعقيد بحيث اشارت الاوساط السياسية والاعلامية الاميركية على الخصوص وغيرها ان بايدن لا يختلف عن ترامب في خلق الازمات الا بالاسلوب فقط ولا غير. ولذلك وصلت قناعات اصحاب القرار الاميركي انه واذا ارادت ان تخرج اميركا من حالة الدوران عليها ان تفكر مليا في التخلي عن اسلوبها القديم الذي واجه الرفض القطعي من قبل الدول والشعوب او ان تسلك طريقا آ خر قائما على احترام ارادة واستقلال الدول والشعوب لانها لا تجد من يسندها او يقف معها في تصوراتها ورؤاها لان الاوضاع في الدول اتخذت تتجه نحو الخروج من ربقة الاستعباد والاذلال. وهذا ما تؤكده المعطيات على الارض من ان التدخل الاميركي غير المدروس قد ساهم في تعقيد الاوضاع ليس في العالم بل في المنطقة وما يحصل في العراق واليمن وسوريا ولبنان وافريقيا وغيرها من حالات عدم الاستقرار والوصول الى حلول للازمات التي فيها هي بسبب التدخل الاميركي.
والاهم في الامر اليوم والذي وضع اميركا على المحك هو اسلوب التعامل مع طهران والعالم حول ملفها النووي. بينما تتجه الانظار نحو الوصول الى الحل نجد ان اميركا لازالت تبحث عن ذرائع لكي تبقى الازمة النووية مستعصية على الحل. ولكن الجمهورية الاسلامية اكدت ان حل الازمة النووية من السهولة بمكان بحيث ان يعود بايدن الى ما انتهى اليه ترامب كما اكد ذلك وزير الخارجية عبداللهيان بتصريحه من ان ترامب الاهبل الذي خرج من الاتفاق النووي فعلى بايدن ان يعود وان لا تخلق واشنطن الذرائع الواهية التي تقف عقبة دون الوصول الى حل، الا ان امير كا التي كانت تضع المعرقلات التي لا علاقة لها بالملف النووي لصناعة الصواريخ وغيرها جاءت اليوم وعلى لسان وزير الخارجية بلينكن يطالب فيها طهران ايقاف صناعة الطائرات المسيرة والتي تهدد المنطقة كما يزعم خاصة "اسرائيل" قبل الذهاب الى المفاوضات مما يجعل المراقب ان يطرح سؤالا هل ان ايران وحدها هي التي تملك الطائرات المسيرة بحيث تشكل تهديدا؟ بل ان اغلب الدول المحيطة بايران تستفيد من هذا السلاح والذي اغلبه مستورد من اميركا والتي استفادت منه اميركا واسرائيل منه في ضرب مواقع المقاومة الباسلة في العراق وفلسطين ولبنان وسوريا. فهل هذا الامر هو حلال لهما ولكن حرام على غيرهما؟
واخيرا وخلاصة القول ان اميركا لم يكن امامها سوى حل واحد لا غير اما ان تخضع او تستجيب لارادة الشعوب والا فان مصيرها سيكون اسوأ مما حدث لها في افغانستان.