بايدن يحلب السعودية بإسلوب جديد
امير حسين
كان من المقرر ان تقوم وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي ايه" خلال الـ 24 الساعة الماضية بنشر تقريرها السري حول اغتيال الصحافي جمال خاشقجي بعد قرار بايدن الاسبوع الماضي برفع السرية عن هذا التقرير الذي حجبه ترامب عن الكونغرس الاميركي يومها بسبب العلاقات الوطيدة مع بن سلمان ومصالحه الشخصية، لكن على ما يبدو دخلت التسوية على الخط وأخرت نشر التقرير بعد الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس بايدن مع الملك السعودي سلمان مساء الخميس من دون ان يترشح شيئا مهما عن هذا الاتصال ما عدا التأكيد على حقوق الانسان، حسب تسريب البيت الابيض اليافطة المزيفة والبالية التي تعتاد عليها اميركا دائما في الاستثمار فيها. وقد سعى الملك سلمان اثناء اتصاله السبت الماضي بالرئيس بايدن ثنيه عن قراره بوقف نشر تقرير الوكالة حول اغتيال خاشقجي لكنه فشل في ذلك لأن الرئيس بايدن وحفظا لسمعة اميركا ومصالحها يسعى لاعادة ضبط العلاقة مع السعودية والحفاظ عليها ولكن ليس من باب المغامرة للمخاطرة بقلب نظام استبدادي تابع لبلاده. وهذا ما يهدف اليه الرئيس بايدن ولم يكن من وراء قراره برفع السرية عن التقرير أي وازع انساني أو اخلاقي.
فالكثير من المؤشرات ومنها ما تسرب في واشنطن من الدوائر السياسية ان اتصال بايدن بالملك السعودي خرج بتسوية فاضحة تبعد محمد بن سلمان عن العرش مقابل أغلاق الملف وعدم ملاحقته قضائيا.
واذا ما تم توجيه الاتهام لابن سلمان فان ذلك يعني نهاية حياته السياسية وان ما يريده بايدن من هذه التسوية الجنائية هو حفظ النظام السعودي من دون بن سلمان الذي لايمكن ضبط تصرفاته المتهورة واللامسؤولة التي تخاطر بأمن المنطقة ومصالح الولايات المتحدة الاميركية فيها.
واذا لم يذعن النظام السعودي لقرار بايدن الذي هو مستبعد جدا لما ستلتبس الامور وتعقد الموقف لان بن سلمان يواجه جريمتين حسب الدوائر الاميركية الاولى تتعلق بملف الاغتيال بصفته العقل المدبر لأبشع جريمة مروعة بحق الصحافي جمال خاشقجي والثانية اجراء محاكمة صورية للمتورطين في هذا القتل واعفاء المحيطين به من هذه الجريمة كسعود القحطاني.
وقد يذهب القضاء الاميركي لتحسين وجهته وسمعة الولايات المتحدة بعد الاتصال الذي حصل بين بايدن وسلمان باستصدار مذكرة بحق محمد بن سلمان خلاصتها ان يمنع من السفر الى الخارج وعدم استقباله هناك.
فقرار الرئيس ترامب برفع السرية عن تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية لم ينطلق من اي بعد انساني أو اخلاقي بقدر ما هو اعادة بترسيم العلاقة مع النظام السعودي التابع والخاضع لواشنطن لان اميركا سواء الديمقراطية او الجمهورية هي أم الجرائم والارهاب في العالم وكل ما تريده من هذه الخطوة حفظ النظام السعودي من دون محمد بن سلمان لما تقدمه من خدمات سخية لها.