هل يمكن الاتفاق على كيفية مواجهة الأخطار؟
داود رمال
أعادت قضية العسكريين المخطوفين فتح باب النقاش حول ضرورة التنسيق مع سوريا، إن على المستوى الرسمي الحكومي أو على المستوى العسكري الرسمي وبشكل علني، خصوصاً أن خاطفي العسكريين دفعوا في اتجاه "وحدة المسار” بين لبنان وسوريا على المستوى الأمني، وكذلك في مسألة التفاوض للإفراج عن العسكريين المخطوفين، وذلك من خلال مطلب الإفراج عن موقوفين في لبنان وسوريا مقابل الإفراج عن العسكريين.
ولأن الحكومة اللبنانية تحاول تفادي الاتصال المباشر أو العلني مع الحكومة السورية، فقد لجأت إلى الاتصال الأمني عبر قناة محدّدة يتولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في حين أن التنسيق العسكري قائم منذ فترة على مستوى اللجنة العسكرية المشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري.
لكن خطر الإرهاب الذي بات يشكل هاجساً في المنطقة، يدفع دولاً عربية باتجاه تشجيع التسوية في سوريا حتى تتمكّن مجتمعة من مواجهة هذا الخطر العابر لكل الحدود ويطال لبنان. وتتحدّث بعض المعطيات التي تتردد لدى بعض الأوساط السياسية في بيروت عن أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدفع باتجاه حلّ سلمي في سوريا، على قاعدة أن هناك عدواً مشتركاً لكل من مصر وسوريا والعراق ومعهما الأردن ولبنان، خصوصاً بعد مبايعة جماعة "بيت المقدس” لـ”داعش”، وهو أبلغ دولاً خليجية أساسية أنه ذاهب لاستئناف العلاقات مع سوريا وإعادة التنسيق العسكري والأمني بين المؤسستين العسكرية والامنية في كلا البلدين.
وتقول المعطيات، التي ينقلها مرجع سياسي لبناني إلى عدد من السياسيين الذين التقوه نهاية الأسبوع الماضي، إن الرئيس المصري يسعى إلى تأمين عقد لقاء ثلاثي في القاهرة بين مصر والسعودية وسوريا، بغض النظر عن مستوى اللقاء، هدفه التمهيد لإنهاء القطيعة مع سوريا تدريجياً وإعادتها الى الجامعة العربية، لمواجهة الحلف الذي لا يزال يدعم "الاخوان المسلمين” والقوى التكفيرية المتطرفة، وعلى اعتبار أن العدو أصبح واحداً من القاهرة الى بغداد وصولاً الى دمشق وبيروت.
وتشير المعطيات إلى أن السيسي ابلغ جيرانه، دول شمال افريقيا، لا سيما المغرب وتونس والجزائر وليبيا والسودان، أن الجيش المصري على استعداد لرفع درجة التنسيق الأمني والعسكري مع الأجهزة الأمنية والعسكرية في هذه الدول لضرب خلايا "الاخوان المسلمين” والتكفيريين الإرهابية، حتى لو اقتضى الأمر قيام الاجهزة المصرية المذكورة بعمليات مباشرة في بعض هذه الدول، وتحديداً في تونس وليبيا.
وتشير المعطيات الى ان روسيا، وبطلب من مصر، تشجّع القيادة السورية على التجاوب مع خطة ستيفان دي ميستورا لإجراء مصالحات في حلب وغيرها من المناطق، تمهيداً لإيجاد تسوية سياسية تسمح لقوى المعارضة المعتدلة السورية التفاهم مع النظام السوري على حلّ سياسي يهيئ لمواجهة القوى التكفيرية التي صارت تشكل خطراً على كل من سوريا ومصر والعراق ولبنان.
وفي هذا السياق، تشير تلك المعطيات إلى أن المسؤولين اللبنانيين تلقوا نصائح من دول عربية لمواكبة التحولات المتسارعة في ملفات المنطقة، لأن العام المقبل سيكون حاسماً في معالجة هذه الملفات وإنهائها، على ان يكون أي حوار ثنائي او متعدّد على المستوى اللبناني مهمته الأولى توحيد الموقف من التحديات التي تواجه لبنان، وعدم الاستمرار في إدارة الظهر للعلاقة مع النظام السوري.
إلا أن الرهانات الداخلية ما تزال ضعيفة على إمكانية وصول القوى السياسية إلى رؤية واستراتيجية موحّدة لكيفية حماية لبنان من المخاطر الداهمة، وربما تحمل وقائع الحوار المنتظر بعضاً من التفاهم على نقاط مهمة، لكن الأهم هو الإسراع في انطلاق هذا الحوار.. ولو من دون جدول أعمال مسبق.