إغتيال الهاشمي..”إعرف المتضرر تكتشف المستفيد”
صبـاح زنكنـة
تعد الاحداث المباغتة من اصعب الامور على وسائل الإعلام فهي تبدأ بالعواجل وتنتهي بالمغالطات، فيكون الضحية معلوماً والفاعل مجهولا الهدف غامضاً !، وبخاصة عند وسائل إعلامية ليست لديها اي خلفية عن الحدث وخفايا المؤامرة، والحال كذلك بالنسبة للأفراد المتابعين عبر عالم التواصل الافتراضي والسوشيال ميديا.
لذلك يلتجيء الجميع الى التحليل المتخبط او إصدار الاحكام المسبقة والعاطفية انطلاقا من الحب والكره ومن منطلق قول الشاعر : (( وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا )) لأن الحقيقة كلما كانت غامضة كانت التكهنات والمزاجية هي سيدة المشهد التحليلي !!.
ثمّة ملاحظة مهمة ينبغي الوقوف عندها طويلا وهي انه في كل عملية اغتيال نوعي وخطير علينا البحث اولا عن الجهة المتضررة ،وعندما نكتشفها سنعرف الجهة المستفيد.
فعملية اغتيال الزميل الراحل هشام الهاشمي (رحمه الله)جاء وفق خطة ممنهجة ومدروسة بإتقان وبتوقيت دقيق ولم يكن الحادث اعتباطياً .
فقد كان للراحل مواقف صريحة وجريئة في كشف ارهابيي القاعدة وداعش ،وكان له الفضل في فضح اسرارهم وتحركاتهم وطريقة تفكيرهم فضلا عن تغطياته الصحفية وتحليلاته المهنية عبر الفضائيات المحلية والعربية والدولية ابّان حرب العراق ضد تنظيم داعش ، فضلا عن مقالاته وابحاثه، ومؤلفه الشهير ( عالم داعش من النشأة الى الخلافة) ،وآخر اعماله لقائه الصحفي الجريء بالارهابي عبد الله قرداش معاون الارهابي ابو بكر البغدادي الذي القي القبض عليه مؤخرا .
فاصبح الهاشمي بمثابة الهدف المستقبلي المؤجل للتنظيم بانتظار ساعة الصفر ولحظة التنفيذ لتحقيق التوظيف الزماني عبر اغتياله.
وبعد تحقق الاغتيال فورا تم الترويج بأن فصيلا من فصائل الحشد وراء اغتياله واغضاء الطرف كليّاً عن مواقفه المناهضة لداعش !!
معرفة المتضرر سيدفعنا الى كشف الجاني المستفيد والمتمثل بالولايات المتحدة وتنظيم داعش والايادي التي تعمل لهما .
فتنظيم داعش تمكن من الأخذ بثأره المؤجل ، من جهة ،ومن جهة اخرى وظّفت الولايات المتحدة القضية ضد الحشد، من خلال الإعلام الموجه والتعبئة الجماهيرية والجيوش ألالكترونية والتوظيف الدعائي واستطاعت ان تحقق امنية كانت تحلم بتحقيقها ابّان تحريف التظاهرات المطلبية عن مسارها وصناعة شيطنة الحشد وخلق ايران فوبيا، والتحريض ضد الفصائل وضد اصحاب القبعات الزرقاء والتجاوز على السيد مقتدى الصدر.. والصدام الشيعي الشيعي ووو..غيرها مستعينة بذلك عبر الفضائيات الصفراء و(نواشيط احداث اسنان) تمكنت من تحويل أميركا الى نبي مرسل بل قرآن منزّل وغيرها كلهم شياطين !!.
دليل سريع اورده هنا للدهاء الأميركي في صناة الجاني هو قيام قناة الحرة "الممولة من الكونغرس ” فور اعلان اغتيال الهاشمي بنشر مقطع فيديو مروّج عبر موقعها في اليوتيوب ويتحدث فيه الراحل عن ما اسماه بـ(خلية الكاتيوشا) وجاء تحت عنوان ماكر :
( آخر لقاء للخبير الامني العراقي هشام الهاشمي على قناة الحرة قبل اغتياله اليوم )!!
ويمكن ملاحظة الخبث الاعلامي وراء العنوان الذي يشير بالاتهام الايحائي الى من يقف وراء اغتيال الزميل الهاشمي بعد ان يتابع المتلقي اللقاء الذي كان يتحدث فيه عن مطلقي الكاتيوشا ! ، فما بالك لو رأيت التقارير والمحللين المهيئين لهذا الغرض الذي يصر على ايصال البلاد الى الفوضى الذهنية والانفلات الامني والانقسام الطائفي!؟
تكشّفت اللعبة وعرفنا (الجاني المستفيد) الذي اختار التوقيت المناسب لخلق رأي عام يغاير الواقع تماماً ويلحق الضرر بالمستهدف ويحقق الهدف ، والضحية "هشام الهاشمي” .