kayhan.ir

رمز الخبر: 153861
تأريخ النشر : 2022July18 - 20:27

سيكون علي (ع) شعاراً عالمياً

 

حسين شريعتمداري

1 ـ لست ادري من القائل ولكنها عبارة حكيمة وهي؛ (واقعة الغدير بمثابة كربلاء العوام، فيما واقعة كربلاء بمثابة  غدير الخواص).

ففي يوم الغدير  وبالرغم من ان الجميع قد بايع، ولكنهم نكثوا البيعة ورجحوا جفاء علي(ع). وفي صبيحة كربلاء وبالرغم من ان الموقف لم يكن موقف بيعة الا ان الاصحاب  لم يترددوا في الوفاء للحسين(ع)...

وها نحن اليوم وساحة الابتلاء  لما تنجلي بعدُ والحديث لم يكتمل وهو انه في الثورة الاسلامية تواصلت كربلاء مع الغدير، اذ عقدت جماهير هذه الديار، رغم عدم حضورهم في مشهد الغدير وواقعة كربلاء، عقدوا البيعة المنتهكة في الغدير مع التي لم تنعقد  في كربلاء، فهم استجابوا لربهم في عالم الارواح وهم ذراري وقالوا "بلا". فحملوا راية الغدير المطروحة على الارض هملا واقاموا الاسلام  الاصيل الذي هُتك في كربلاء، في مقولة الامام الراحل (اقولها بملء الفم بان الشعب الايراني وجماهيره المليونية اليوم افضل من شعب الحجاز زمن رسول الله(ص)، والكوفة  والعراق في زمن امير المؤمنين والحسين بن علي ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ".

2 ـ في ذلك  اليوم توقف رسول الله (ص) عند عودته من آخر حج في محل يُعرف بغدير خم، مفترق طرق لاهل مصر والمدينة والعراق والشام.

فتوقف رسول الله(ص) واحضر المتقدمين في المسير ان عودوا ادراجكم واستوقف المجتمعين وناداهم بالمكوث ليصل المتأخرين. فحدثا هاما سيخبرهم عن الله سبحانه وتعالى، حين خاطب الرسول الاكرم (ص) كما جاء في سورة المائدة الآية 67؛

{يا ايها الرسول بلغ ما اُنزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته}.

فما هذا البلاغ الذي من دونه لا يكتمل دين الله؟ ... فتقاطرت الوفود من كل حدب وصوب ليزداد عديدهم المائة ألف، فاعتلى رسول الله (ص) على منبر جُهز من اقتاب الأبل ليسمع الجميع يصدح عاليا، ثم اخذ بيد علي فرفعها حتى رؤي بياض ابطيهما وعرفه القوم اجمعون، فقال؛ "ايها الناس  من اولى الناس بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا الله ورسوله اعلم، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه... وانصر من نصره واخذل من خذله...". وسبق ان ذكر الرسول (ص) مرارا بخلافة علي (ع) من بعده.

3 ـ القضية جد بداهة وواضحة للجميع. فالاسلام بحاجة الى امام واسوة ليتحقق. والائمة عليهم السلام والذين يعرفهم القرآن "اولوا الامر" ينبغي ان يكونوا معصومين من الخطأ والسهو والخطايا، اذ جاء الامر باطاعتهم؛

"يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم.."

ومن جانب آخر امر الله بالعدل والاحسان ونهى عن الرذيلة والاثم. من هنا وحسب رؤية القرآن دون اي شك يمكن ملاحظة أن اولاً؛ الامة بحاجة الى امام، ثانيا؛ وينبغي ان يكون الامام معصوما، ولما كان امر معرفة عصمة الامام بالنسبة للجماهير غير ممكن، وانما يصدر التاييد من جهة تعلم الظاهر والباطن والسير  والسلوك والافكار ما ظهر منها وما بطن، اي الله لا غير، لنصل الى نتيجة مفادها ان الائمة لابد ان ينصبوا من قبل الله. ويتوجب ان يُعرَّف هذا الامام للناس كي يطيعوه.

4 ـ وليس واقعة الغدير منحصرة بيوم الثامن عشر من ذي الحجة للسنة العاشرة للهجرة، اذ ليست معارف القرآن مقيدة بالزمان.  وقد قال سماحة الامام؛ "ان يوم الغدير  لا ينحصر  بذلك الزمان. اذ لابد ان يتجدد  في طول الزمان، وان النهج الذي انتهجه امير المؤمنين(ع) لهو متبع في هذه الحكومة، وينبغي ان يكون ذلك سجية الشعوب والعاملين على  البلاد". ونقرأ كذلك من التوجيهات الحكيمة لسماحة الامام (ره)؛ "ان الولاية التي تم التطرق لها في حديث الغدير  تعني الحكومة". فيما نقرأ لقائد الثورة المعظم؛ "ان الذين سعوا لفصل الاسلام عن الشؤون الاجتماعية والامور السياسية ويحصروه في المسائل الشخصية لحياة الناس وتكون نظرتهم علمانية للاسلام، يرد عليهم قضية الغدير". ففي واقعة الغدير  كان الحديث عن حكومة الاسلام الحية وهي نفس القضية المتروكة على الارض واحيتها الثورة الاسلامية وهكذا كان حيث انسجم الغدير مع كربلاء واثره شق الشعب السقف الظلماني لنظام الاستبداد ليطرحوا نظاماً جديداً. لنقرأ!

5 ـ خلال حرب صفين قال مالك الاشتر  بمرارة لعمار؛ "ليتنا تمكنا ان نذهب بعلي لعصر يعرف الناس منزلته ويتبعوا منهاجه" فواساه عمار وقاله له؛ "ليست بعيدة هذه الايام".

وصرح عن اُناس في اصلاب الرجال  وارحام النساء، واذا حل هذا العصر الذي تمناه مالك فسنشهد الملبين يواصلون الدرب، رجال عبروا المنية والانانية ووصلوا الى بارئهم. لا تشغلهم دنيا دنية ولا تحتوش قلوبهم الهموم وكان وما يكون، اذ رهنوا  قلوبهم للاسلام  المحمدي  الاصيل واعتقدوا بعلي مولى واماما ومرادا.

ولنعكف فصول التاريخ فهل نشهد فترة غير عصر الخميني وخامنئي تتطابق مواصفات الأمة على ما شرحه عمار لمالك؟!

6 ـ عصر عاشوراء، حين قدم قبله بساعة سيد المظلومين رأسه الشريف وهو ينادي "هل من ناصر ينصرني". فمن كان يطلب ابن رسول الله (ص) للنصرة؟ فمن جهة معسكره فقد تلطخ اصحابه بدمائهم، وفي الجهة المقابلة، سلَّ الأعادي سيوفهم لسفك دمه! اذن فمع من كان يوجه الحسين(ع) خطابه؟ واي فئة يستنصرها لنجدته؟! فالحسين كان يعلم ان كربلاء هي ا ول الدرب وان عاشوراء هي بداية المسار..

وللننظر مرة اخرى لتجاويف التاريخ! فما الذي نراه؟ اليست صيحات سيد الشهداء  في عصر عاشوراء المشحون غماً وهما ـ موجهة لاصحابه في زمن الخميني والخامنئي لنصرته؟ فلا يضم التاريخ في جعبته سنين اُخرى غير سنيهما.

7 ـ في مرتين زار الكاتب الصحفي المصري الشهير (محمد حسنين هيكل) الامام الخميني(ره)، الاولى في باريس، والثانية عام 1979 في طهران.

ونشر مذكراته في كتاب عن الثورة الاسلامية بعد زيارته الثانية، في مائة صفحة، يقول فيها؛

"لقد وجدت الامام الخميني كأحد اصحاب رسول الله (ص) في صدر الاسلام، فعبر بالاعجاز نفق الزمان وجاء في قرننا الحاضر ليقود جيش علي (ع) الذي فقد القائد بعد استشهاده  وتضرج بدمائه مع اهل بيته (ع)، وارى في الامام الخميني هذه القابلية."

ان محمد حسنين هيكل يصف ولاية الفقيه كانموذج لحكومة على عليه السلام واستمرارا لها، فيقول؛ ان ولاية الفقيه "لغم" زرعه علي في صدر الاسلام، ليفجرها الخميني في القرن العشرين تحت اقدام المستكبرين...

8 ـ ويقول هنري كسنجر؛ "ان آية الله الخميني جعل الغرب يواجه ازمة جادة مبرمجة، فقراراته على مستوى من القوة تسلب من الساسة والمنظرين فرصة التفكير والتخطيط... فلا احد كان يحدس قراراته من قبل، فهو يتحدث ويعمل بمقاسات تختلف عن مقاساتنا المعاصرة وكأنه يُلهم من جهة عليا، فعداء آية الله الخميني للغرب مستلة من التعاليم الالهية فكان مخلصا حتى في عدائه".

9 ـ وبقلق شديد يقول عالم الاجتماع الاميركي "ايمانوئيل والرشتاين"؛ "ان الحاجز  الاساس أمامنا ينحصر في مبدأ ولاية الفقيه للامام الخميني... وان جميع النظريات تفقد بريقها مع مرور الزمان وينتابها التقادم لتلتحق بمتحف التاريخ، الا ان نظرية ولاية الفقيه للامام الخميني تتجدد يوما بعد آخر وتزداد حيوية لتجذب الكثير من المسلمين".

والمئات من الامثلة الاخرى، يمكن مشاهدتها بوضوح في النقطة التي نحن عليها اليوم، وبامكاننا ان نقولها بملء الفم؛ "سيأتي اليوم الذي يكون علي (ع) شعاراً للعالم اجمع".