عندما تعود أذربيجان «سوفياتيّة» وأرمينيا إلى بيت الطاعة
محمد صادق الحسيني
بعيداً عن كلام الإعلام واستعراض الشاشات اتفاق قره باغ الثلاثيّ بين موسكو وباكو ويريفان،ليس هو الإنجاز الذي كانت ترمي اليه أذربيجان تماماً، لكنه الهزيمة المرّة الأكيدة لتركيا العثمانية الأطلسية المتغطرسة وارتياحاً واسعاً لإيران، ونجاحاً باهراً لروسيا
هذه هي خلاصة ما حصل من توافق بين قادة روسيا وأرمينيا وأذربيجان في الساعات الماضية حول قره باغ.
فوقف القتال في القوقاز الجنوبي سيفضي عملياً حسب مصادر وثيقة الصلة بالنزاع الى ما يلي:
1- استرجاع الأذربيجانيّين أراضيهم المحتلة منذ نحو 30 عاماً.
2- عودة نحو مليون مهجّر أذربيجاني الى بيوتهم وأوطانهم.
3- استعادة قره باغ موقعها كإقليم خاص داخل أذربيجان كما كان منذ عهد ستالين.
4- عودة أرمينيا الى بيت الطاعة الروسيّ بعد أن حاولت عبر نفوذ غربي أميركي أن تخرج من الفضاء الروسي هلى الطريقة الجورجيّة.
5- خروج أردوغان الأطلسي من الفضاء الروسي القوقازي بخفي حنين.
6- تحصين الروس لسلطات نفوذهم العميقة أصلاً في أذربيجان سواء في أركان القيادة العسكرية الأذربيجانية او من خلال السيدة مهربان زوجة علييف ونائبة الرئيس المعروفة بميلها الروسيّ المعتق.
7- تحصين النفوذ الروسي في عالم الطاقة القوقازي من خلال مشروع ربط الغاز التركماني الذي اشترته موسكو بخط الغاز الأذربيجاني الذي يمرّ من جورجيا وعلى تخوم حدود أرمينيا الشماليّة.
8- استعادة روسيا موقعها المركزي في مجموعة بلدان حوض الخزر (بحر الخزر أو بحر قزوين) كطرف أساسي ومؤثر بالشراكة مع إيران.
9- إعادة الزخم لعلاقاتها الاستراتيجية مع إيران بعد أن ساهمت في إطفاء نار الغدر واحتمالات العدوان على الأمن القومي الإيراني من بوابة اللعب بالصراع العرقي على حدودها الشمالية.
10- تأديب تركيا وتقليم أظافرها في أذربيجان من خلال العمل الفعلي والجادّ على جدولة خروج مستشاريها وقواتها من باكو ومعها المستشارون الإسرائيليون وكلّ ما استقدم من رجال عصابات إرهابيّة الى منطقة النزاع.
كل ذلك سيحصل من خلال وجود عسكريّ روسيّ سيبدأ بآلاف المراقبين الروس ومئات المدرّعات ولا يعلم مدى حجمه المستقبليّ إلا الله والراسخون في علم الفضاء السوفياتي.
لقد صبرت موسكو كثيراً على قيادة يريفان التي حاولت التمرّد على الفضاء الروسي.
وصبرت أكثر على قيادة باكو وحليفها التركيّ المستجدّ والدخيل على الفضاء الروسيّ في القوقاز منذ ان حسمت معارك الحرب العالمية الثانية طبيعة هذا الفضاء الاستراتيجيّ.
كما استطاعت موسكو أن تعمل بتؤدة وبخبرة عالية أمنية وعسكرية وسياسية وديبلوماسية اكتسبتها من الميدان السوريّ، أن تؤمن ظهرها بالحليف الإيراني وتمنحه جائزة ترضية في حدوده الشمالية من دون أن يخوض حرباً مكلفة لأجل ذلك في القوقاز.
ومسك الختام كان عملها الدؤوب والحثيث لتحضير كلّ ذلك بعيداً عن الواجهة المحتدمة للصراع من أجل اقتناص اللحظة الاستراتيجية العالمية لفرض التسوية الإقليمية لهذا الصراع الناريّ والعدو الأميركي في لحظة انشغال وانهماك في استحقاقاته الانتخابيّة وتداعياتها التي جعلته يتخبط في مستنقع اللامعقول والشلل الاستراتيجيّ.
درس لكل مَن يريد أن يعتبر كيف يتم حسم معركة كبرى مفروضة عليه، من دون إطلاق رصاصة واحدة، اللهم عدا الطوافة العسكرية التي سقطت قرباناً للإعلان عن الصفقة!
هي السنن الكونية والأقدار يحصد نتائجها مَن يتقن السباحة في بحرها.
بعدنا طيبين قولوا الله