حقد أعداء آل البيت بشاعة لا توصف
* جميل ظاهري
صفحات التاريخ الاسلامي سوداء برائحة الدم المظلوم لما جنته يد غدر أبناء الطلقاء منذ بزوغ شمس الاسلام وحتى يومنا هذا، من تآمر وحيل ومكر وخداع وتضليل وتزييف وتزوير لحجب رحمة ورأفة ونبل وعظمة الرسالة السماوية السماح الاسلام المحمدي الأصيل؛ ليتنقل الصراع بين الباطل والحق والظلام والنور والمحبة والعنف من جيل الى جيل، أبناء وأحفاد وأتباع وأنصار حاملين فكرة تكفير الآخر حسب تفسيرهم المعوج لروايات وأحاديث أبتدعها فكر الغدر والخيانة والفرقة والنفاق في صفوف الأمة لاجاء بها أمر ولا نزل بها وحي .
حمل أبناء الطلقاء ومن تبعهم كراهية لاتوصف عندما وقف على دور الامامة من بعد الرسالة المحمدية حيث أوصى بذلك الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم وبايعت الأمة بكبار قياداتها وصحابتها وخلفائها الراشدين الامام على عليه السلام؛ وأن الإمامة كالنبوة موهبة إلهيّة يَمنحُها الله سبحانه لِمَنْ هو أهل لها من عباده المصطفين الاخيار الأبرار دون غيرهم، ولا دخل للعمر في ذلك .
من يستبعد نبوّة وإمامة الطفل الصغير أو يتصورها غير ممكنة فإنه قد خلط بين الأمور الالهيّة والشؤون العاديّة ، وتصورها بشكل واحد ، بينما الواقع ليس كذلك ، فالامامة والنبوة مرتبطة كل منهما بارادة الله عز وجل ، وهو يمنحها للعباد الذين يعلم ـ بعلمه اللامحدود ـ أهليّـتهم لهذا المقام الرفيع ، قال تعالى : ( يا يحيى خُذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً ) مريم 12 ، وقال تعالى : ( قالوا كيف نكلم مَن كان في المهد صبياً * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً ) مريم 29 ـ 30 .
برهن الامام الجواد (ع) بمواهبه وعبقرياته، وملكاته العلمية الهائلة وقدرته على تقلد أمور الامامة والزعامة الدينية بعد استشهاد أبيه الامام الرضا (ع) وكان عمره الشريف لا يتجاوز السبع سنين.. حيث عاش حياته متجهاً صوب العلم فرفع مناره، وأرسى أصوله وقواعده، فأستغل مدّة حياته في التدريس ونشر المعارف والآداب الاسلامية، واحتفّ به جمهور كبير من العلماء والرواة ينهلون منه العلوم الإسلامية من علم الكلام والفلسفة، وعلم الفقه، والتفسير؛ ما أربك السلطة العباسية الجائرة كما هو الحال على طول تاريخ هذه الأمة المتشتة والمتفرقة حيث الخوف والفزع ينتابان الحكومات الطاغية والمتفرعنة من وعي وحنكة وحكمة واستقلالية أتباع وأنصار ومحبي أهل بيت النبوة والرسالة عليهم السلام وما الأنظمة الوهابية الحاقدة الحاكمة في السعودية والبحرين والامارات وأخواتها المتوارثة للسلطة ودورهم السيادي في إراقة دماء الأمة وتدمير البلاد وقتل العباد على شاكلة أسلافها أبناء الطلقاء، إلا نموذجاً في عصرنا الحالي لما كان يحمله أبناء الطلقاء من حقد على بيت النبوة والرسالة السماوية ومساعيهم في تحريفها ودفع البشرية نحو "الاسلاموفوبيا" منذ اللحظة الأولى لطلوع فجر رسالة السماء السمحاء .
ساهم الامام محمد بن على الجواد (ع) والذي نعيش اليوم التاسع والعشرين من ذي القعدة ذكرى استشهاده المفجع على يد مثلث شوم الاغتيال كما يرويه المؤرخ على بن الحسين المسعودي: "وجعلوا - المعتصم بن هارون، وجعفر بن المأمون، وأخته أم الفضل - سُمّاً في شيء من عنب رازقي، وكان يعجب الامام الجواد (ع) العنب الرازقي، فلمَّا أكلَ(ع) منه نَدمَتْ، وجعَلَتْ تبكي"، وبقي جسده الطاهر ثلاثة ايام على سطح المنزل كما بقي جسد جده الامام الحسين عليه السلام عرياناً في صحراء الطف لثلاثة ايام ليعيد التاريخ نفسه؛ وذلك سنة عشرين ومائتين، بعد أن قاسى الامام أبو جعفر (ع) من المعتصم ما قاسى (عيون المعجزات: 122 ـ 123، وبحار الأنوار 50: 99 | 12، ورواية الطبري في دلائل الإمامة: 388 ـ 390، واختصاص الشيخ المفيد: 102، ومناقب آل أبي طالب 4: 382 ـ 383)؛ خلال مدة امامته التي لم تدم أكثر من سبعة عشر عاماً في إغناء معالم مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وحفظ تراثها، فأحتف به جمهور كبير من العلماء والرواة وهم يأخذون منه العلوم الإسلامية؛ حيث عدّ الشيخ الطوسي نحو مائة من الثقات والرواة من تلامذة الامام الجواد (ع) الذين تتلمذوا على يده، علم الكلام والفلسفة والفقه والتفسير و... نذكر بعضاً منهم ممن روى علماء الرجال والمحققون عنهم-:
الف ـ أحمد بن محمد بن خالد البرقي: صنف كتباً كثيرة بلغت أكثر من تسعين كتاباً.
ب ـ على بن مهزيار الأهوازي: له اكثر من ثلاثة وثلاثين كتاباً.
ج ـ صفوان بن يحيى: له كتب كثيرة، وله مسائل عن الكاظم (عليه السلام).
د ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر: كان عظيم المنزلة، له كتاب الجامع، وكتاب النوادر.