الاذناب لا تفهم سوى لغة الحديد
مما لاشك فيه ان معركة شمال حلب الحاسمة التي قطعت طريق الامداد التركي للمجموعات الارهابية قلبت معادلة الميدان تماما في هذه المنطقة مما جن جنون الاطراف الداعمة لهذه المجموعات التي هي مجرد اجندة لا اكثر تعمل بالوظيفة وهذا ما حشر تركيا والسعودية وقطر في زاوية الفضيحة لدى ساسة الغرب الذين لم يكترثوا بعد بدور هذه الدول ولا وزنها في ايجاد توازنات المنطقة لهزائمها المتوالية في الساحة السورية وهذا ما اتضح تماما من حديث الرئيس اردوغان لساسة اميركا والذي فيه الكثير من الانتقاص لتركيا ووزنها في المنطقة حين يخاطب واشنطن بالقول "اما نحن واما الاكراد" حيث ساوى بين الامبراطولية العثمانية وفصيل كردي سوري!!
والخطأ التاريخي الفادح هو ان الغرب راهن على تقييمات هذه الدول الفاشلة في اسقاط الرئيس السوري وانجر الى الساحة السورية دون ان يتقن محاسباته الا ان التدخل الروسي القوي على خط الازمة السورية وضع الغرب وفي المقدمة اميركا امام واقع مر مما اضطرت الاخيرة ومن موقع ضعفها مماشات القيادة الروسية لايجاد مخرج للازمة السورية تبلورت في مؤتمر ميونيخ الذي دعا لوقف اطلاق النار وهذا ما انعكس في الاتصال الهاتفي بين الرئيس اوباما وبوتين اللذان اكدا على دعمها لجهود فريقي الاشراف على تطبيق وقف اطلاق النار في سوريا ومتابعة الاوضاع الانسانية عملا بقرار مجلس الامن.
اما التحركات الاخيرة للرياض بارسال بعض المقاتلات الى قاعدة انجرليك التركية او قصف المدفعية التركية يوم امس الاول لبعض مواقع حزب الاتحاد الديمقراطي بالقرب من اعزاز هي تحركات يائسة لمن يلفظ انفاسه الاخيرة ولو كان بامكان هاتين الدولتين ان يتدخلا مباشرة في الشأن السوري لما فوتا هذه الفرصة طيلة السنوات الخمس الماضية.
وبعد العدوان المدفعي التركي على بعض المواقع داخل الاراضي السورية والذي جوبه برفض دولي اضطرت واشنطن الطلب من انقرة وقف عملها العسكري ضد سوريا لذلك نراها سرعان ما التزمت بالامر لكنها وكعادتها استجدت بالمجموعات الارهابية لمواجهة الموقف الحرج حيث ادخلت 4000 عنصر من فيلق الشام التي اتت بهم من محافظة ادلب لتزج بهم في محرقة الموت في ارياف حلب لمساندة جبهة النصرة المحاصرة هناك.
واذا ما تجاوزنا كل هذه الوقائع الموجودة على ارض الميدان فان مغادرة احد القطع البحرية الروسية الراجمة للصواريخ قاعدتها وتوجهها الى مياه البحر الابيض وبالذات احد الموانئ السورية في هذا الظرف رسالة بليغة يفهمها من يعنيه الامر ليكف عن تدخلاته السافرة في الشأن السوري وبجنب نفسه وبلاده تداعياتها الخطيرة التي لا يحمد عقباها.