kayhan.ir

رمز الخبر: 29223
تأريخ النشر : 2015November11 - 19:58

العراق امام متغيرات كبيرة

سعود الساعدي

يبدو ان الاوضاع في العراق تتجه الى تطورات خطيرة سيكون لها تأثير كبير على واقع هذا البلد الذي لايراد له ان يبقى موحدا، فالدخول الروسي السريع والمفاجئ على الساحة السورية احدث تغيرا كبيرا في البيئة الاستراتيجية لساحة المعركة وموازينها العسكرية وما ستتركه من تأثيرات وما تنتجه من تفاعلات على مجمل ميادينها السياسية والامنية والاقتصادية.

ليس العراق جزيرة منعزلة عن العالم يعيش سكانها في اقاصي العالم او في كهوفه المظلمة او في مجاهله المتخلفة حتى يؤكد رئيس وزرائه او رئيس جمهوريته او وزير خارجيته مرارا على رفض سياسة المحاور الدولية في الوقت الذي يرتبط فيه باتفاق اطار استراتيجي واتفاقية امنية مع الولايات المتحدة الاميركية!، وتخضع حكومته وطبقته السياسية للارادة الاميركية وتغرد في سربها وتتماشى مع سياساتها، وفي الوقت الذي تعد ساحته بالاضافة الى الساحة السورية ملعبا عالميا تتبارى فيه القوى العالمية وتخوض مونديالها الجيو- استراتيجي على ارضه منذ سنوات!.

تصاعد المخاطر العسكرية والسياسية والامنية والاقتصادية بفعل السياسيات الاميركية في المنطقة والعالم والسعي لحصار روسيا وتهديد امنها القومي فضلا عن حلفائها دفع الروس للدخول مباشرة وبقوة في ميدان لعبة الامم العالمية ما اثار العديد من التكهنات التي تحدثت عن امكانية تقاسم نفوذ اميركي – روسي في كل من العراق وسورية وتحويلهما الى المانيا غربية تهيمن عليها اميركا والمانيا شرقية تهيمن عليها روسيا الامر الذي اكدته محاولات التصعيد الاميركي في العراق بعد عملية الحويجة التي اثبتت عمق وحجم الحضور الاميركي في العراق وامكانية القيام بعمليات مماثلة في قادم الايام في رسالة واضحة على قوة هذا الحضور في الجو كما في الارض.

فصائل المقاومة والحشد الشعبي تلقفت الرسائل الاميركية وصعدت من سقف مطالبها وحدة لهجتها واتهمت الحكومة بالتقصير الكبير معها والسعي الى حل الحشد الشعبي بعد محاولات محاربته ومحاصرته ما اعاد تنظيم وترتيب الاصطفافات في الساحة العراقية التي شهدت تنسيقا وتواصلا اكبر بين فصائل الحشد المقاوم وامكانية الضغط على الحكومة بما فيها دعوة الجماهير للخروج بتظاهرات واسعة كخطوة اولى فضلا عن مساعي نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي للتحالف معها لاسيما مع تصاعد حدة الخلافات بين المالكي وخصومه الذين سلبوه رئاسة الوزراء بدعم اميركي وتلويح المالكي وائتلاف دولة القانون بامكانية سحب التفويض عن رئيس الوزراء العبادي الامر الذي دفع الاخير للسعي الى تشكيل تحالف سياسي جديد يجمع اتحاد القوى السنية بالمجلس الأعلى وكتلة الأحرار وأطراف من دولة القانون بدعوى ضمان "غطاء برلماني” لإصلاحاته المدعاة والتي تعثرت مؤخراً وامست مادة للجدل السياسي في لعبة جر الحبل ما بين الفرقاء السياسيين فقد اتفق رئيس الوزراء وأكبر الكتل السنية على تشكيل لجنة مشتركة تتولى متابعة تنفيذ الشروط والبدء برسم إطار التحالف الجديد قدم على اثرها اتحاد القوى قائمة من سبعة مطالب اكدت على الالتزام بورقة الاتفاق السياسي التي تشكلت بموجبها الحكومة!

والتي تحوي مطالب تعجيزية كالعفو العام والخاص واقرار قانون الحرس الوطني واعادة البعثيين وغيرها فضلا عن المطالبة بإشراك أبناء العشائر السنية في الحشد الشعبي والالتزام بالنسبة المتفق عليها وهي 50 ألف مقاتل للمكون السني من مجموع الـ120 ألفاً بدلا من التمثيل السني في الحشد الذي يصل إلى 13 ألف عنصر فقط بحسب اتحاد القوى.

فيما يسعى البرزاني الى اقتناص الفرصة الجديدة لتصدير ازمته العويصة والمتنامية الى بغداد ومواصلة لعبة الابتزاز للحكومة الامر الذي رفضه الاتحاد الوطني الكردستاني عبر نائب سكرتير الحزب برهم صالح الذي دعا إلى ضرورة إجراء إصلاحات "حقيقية” في إقليم كردستان وعدم استخدام ورقة الإستقلال عن العراق "لترحيل مشاكلنا” في رد مباشر على رئيس حكومة كردستان نيجرفان برزاني الذي اكد على عدم السماح لبغداد بأن تتحكم في نفط اقليم كردستان ما ينذر بتحول كبير في السياسة الكردستانية تكسر الهيمنة البرزانية على التوجهات الكردية العامة في العراق ويفتح الباب واسعا امام فصائل المقاومة والحشد لتشكيل رافعة سياسية تنفتح على بقية القوى السياسية لسحب البساط من القوى المدعومة اميركيا تحت عنوان الاصلاح ومحاربة تنظيم داعش.

يبدو ان خارطة التحالفات السياسية في العراق تتغير ولهجة الخطاب المناوئ للاميركي وادواته في الداخل العراقي تتصاعد ما يفتح الباب امام احتمالات اصطفافات جديدة ستعمق ازمات العراق السياسية ويرفع من احتمالات القيام بانقلاب جذري على الواقع السياسي الحالي من قبل فصائل المقاومة والحشد الشعبي يُعطل بموجبه الدستور وتُحل الحكومة والبرلمان ويمنع واشنطن من الامساك بزمام الامور وبناء جدار برلين بين العراق الاميركي وسوريا الروسية!.

..