kayhan.ir

رمز الخبر: 76753
تأريخ النشر : 2018May30 - 19:45

تطورات هامة.. الأردن يستعدّ لفتح طريق عمان ــ دمشق


فرح مرقه

تدنو ساعة الحسم في الجنوب السوري على ما يبدو بينما تراقبها العاصمة الاردنية عمان، ورغم ان القائم بأعمال السفارة السورية في عمان أيمن علوش صرح ليلة السبت- الاحد، أن حكومة بلاده "قد لا تضطر إلى معركة” في المنطقة، مادحاً الدور الأردني في ذلك، إلا ان الولايات المتحدة تستعدّ بكامل قدراتها في الجنوب، بينما انسحبت اي قوات ايرانية او تابعة لايران، واسرائيل تتأهب، والجيش السوري يحذّر، والقوات المعارضة مستنفرة.

الأطراف جميعاً مستنفرة، وغياب الوجود الايراني لم يحدث فرقاً حقيقياً في الرصد الاسرائيلي ولا ردود الفعل الامريكية، والأنباء من الجنوب تزيد احتمالية المعركة وتسعى نحوها، وان كانت في تلك المنطقة تحديداً أشبه بالرقص على الحبال وكلّها مخاطر لا زالت بمستويات مرتفعة، رغم انسحاب الايرانيين من المشهد في الجنوب عمليا، وفق ما أكده السفير الايراني في عمان مجتبى فردوسي بور، وما رصدته القوات الحدودية الاردنية.

معركة أم تسوية؟..

جانب من احتمالات انفجارات المنطقة بمجرد بدء معركة يعود للتهديد الامريكي باتخاذ اجراءات "صارمة” بحق دمشق في حال انتهكت السلطات السورية اتفاق وقف إطلاق النار، غداة إلقاء الجيش السوري منشورات فوق محافظة درعا الجنوبية تحذر من عملية عسكرية وشيكة. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا في وقت متأخر الجمعة أعربت فيه عن "قلقها” جراء التقارير مشيرة إلى أن المنطقة المعنية تقع ضمن حدود منطقة خفض التوتر التي اتفقت عليها مع روسيا والأردن العام الماضي.

الجانب الأخطر الاخر هو بالاستعدادات الاسرائيلية سواء التي يمكن ان يقوم بها اسرائيليون او حتى وكلاء من المليشيات التي تدعمها اسرائيل في الجنوب السوري، وهو ما لم يعد يخفيه المسؤولون الاسرائيليون، وهو ما قد يشكل جبهة مستعصية ضد الجيش السوري، الذي يتصرف كمنتصر تماما، حتى ان الانباء تؤكد "تسريحه” لواحدة من دوراته في الجيش وهو ما يعني استغناؤه عن خدمات نحو 15 ألف مجند، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الانسان.

تلافياً لذلك كله، قد تكون أي "مقاربة سلمية” أكثر فائدة للجميع، وهو ما بدأ الجيش السوري في ابداء الرغبة به عبر منشورات نقلتها وكالة فرانس برس، في درعا تحمل صورة مقاتلين قتلى مرفقة بتعليق "لا تكن كهؤلاء. هذه هي النهاية الحتمية لكل من يصر على الاستمرار في حمل السلاح () اترك سلاحك قبل فوات الأوان”، وتوجهت المنشورات إلى أهالي درعا تدعوهم لمشاركة الجيش في "طرد الإرهابيين”. ووقعت باسم "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة”.

المنشورات بهذا المعنى تحاول تحييد ما عرف بجيش العشائر، بصورة تضمن الانتقال للعقدة الثانية المتمثلة بوجود جبهة النصرة بالقرب من القاعدة الامريكية في التنف. مقاتلو "جبهة فتح الشام” (النصرة سابقا)، تتهم روسيا الولايات المتحدة بحمايتهم وتسليحهم وتدريبهم، وهنا قد تكون عمليا معضلة الجنوب الا اذا سارعت الجبهة في حل نفسها، بعدما تسربت انباء نقلتها "رأي اليوم” أنها اعلنت قرارها عدم القتال في درعا.

لو تم حل جبهة النصرة وعقدت صفقة مع المقاتلين، تكون عمان بالتعاون مع غرفة عمليات الولايات المتحدة، قد نزعتا فعلا الذريعة الوحيدة لشن معركة في المنطقة، وهو الامر المنتظر حدوثه بين دقيقة واخرى، كما ان ذلك سيقلل حتما من احتمالات المواجهة مع جيش العشائر وحيدا او حتى مع ميليشيات خالد بن الوليد وغيرها من جهة، والجيش السوري من جهة اخرى، لصعوبة توافق هؤلاء اصلا، ولتوقع تسوية معهم ونقل الجماعات المتشددة منهم لخزان المقاتلين في إدلب من البداية.

ما بعد الجنوب: خط عمان- دمشق..

من هنا يمكن قراءة الاستعداد الاردني- السوري لمرحلة ما بعد الجنوب، والتي تأتي من ضمنها مغازلات القائم بأعمال السفارة السورية علوش عمان عبر وكالة سبوتنيك الروسية، واعتباره الاردن يقوم بدور ايجابي في المشهد، وأن هنالك "الموقف الأردني كبير جدا وفيه رسائل إيجابية كثيرة في هذا الموضوع، مشيرا إلى أن "الأردن يدرك أن مصلحته في جنوب (سوري) هادئ وليس في جنوب مشتعل”.

ما نقله علوش، متماشٍ تماما مع الموقف الرسمي الأردني مؤخراً، حيث عمان تصرّح وبكل المناسبات انها تدعم السيطرة السورية على المعبر الحدودي (نصيب- جابر)، كما ترسل وفودها الاقتصادية والصناعية للحوار والاستماع، وهو حصرا ما يتعلق بما بعد الجنوب ومرحلة فتح المعبر أولاً والتبادل التجاري، ثم المشاركة في إعادة الإعمار.

عمان تفضّل الحل بصفقة سياسية بين النظام والمعارضة (وتسعى لذلك)، ومحاذير الاردن تتعلق أولا: بعدم وجود اي "مليشيات طائفية” والمقصود هنا الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني، وثانياً: بعدم الوقوع ضحية لموجة جديدة من اللاجئين خصوصاً وان المتواجدين في مخيم الركبان مثلاً على الحدود الاردنية السورية الشمالية الشرقية، اصلا لدى عمان تحفظات امنية عليهم وهم مرشحون للانفجار بوجه الاردن لو حصلت فعلا معارك محتدمة، بالاضافة للعبء الانساني والتكاليف المادية لاستضافتهم.

القرار الاردني فعلا يرحب بعودة الجيش السوري لاستلام المنطقة وفرض الامن فيها بأي طريقة، وهذا ما استمع اليه الاردنيون مؤخرا في العديد من الندوات والاجتماعات. وجهة نظر عمان بأن ذلك من شأنه نزع فتيل "معركة شرسة” قد ينفلت عقالها في اي لحظة، خصوصا اذا ما باتت الولايات المتحدة واسرائيل طرفا فيها.

بكل الاحوال، رياح التسوية تبدو اقوى من المعركة، وان كان لا ضمانات لاحد في ان تنتصر التسويات بمنطقة شديدة التعقيد كالجنوب، الا ان الشراكات المستجدة التي تنسجها عمان ودمشق مؤخرا بحد ذاتها تدعو على شيء من التفاؤل، خصوصا والعاصمتان في اشد الحاجة لمتنفس اقتصادي على الاقل.

دمشق تغازل جيرانها في عمان وانقرة ومتحالفة مع العراق وجزء من لبنان، هذا بحد ذاته ذو دلالات واسعة بحاجة للكثير من القراءة، ويؤكد ان العاصمة السورية قد تعود لتلعب دمشق لاحقاً دوراً كبيراً ومهماً في نسج التحالفات في الاقليم.