kayhan.ir

رمز الخبر: 75721
تأريخ النشر : 2018May12 - 21:01

واندحرت بجنوب شرق آسيا


ما كان لافتا ومفاجئا في عالم السياسة خلال الايام الاخيرة هو عودة الرجل التسعيني "مهاتير محمد" باني نهضة ماليزيا الجديدة الى الساحة السياسية بعد ان غادرها قبل خمسة عشر عاما، لكن عودته لم تكن عادية عاد بفوز ساحق وكبير في البرلمان وهو يقود ائتلاف الأمل المعارض والمتشكل من اربعة احزاب ليقصي ائتلاف "الجبهة الوطنية" المهيمن على البلاد منذ ستين عاما، حيث استطاع مهاتير محمد ان يهزم غريمه نجيب عبدالرزاق رئيس الوزراء المنتهية ولايته والمتهم بملفات فساد مالية تبلغ المليارات من الدولارات وللسعودية والامارات دور مشبوه في هذه الملفات التي كشف عنها النقاب قبل عامين حيث تم نقل اموال الى "نجيب عبدالرزاق" على انها هبات سعودية.

فالرجل الذي يشهد له تاريخه السياسي ليس طارئا على الساحة الماليزية بل هو شخصية محبوبة ويتمتع بمكانة مرموقة وتاريخ مشرف في الوسط الماليزي حيث قاد البلاد من 1980 الى 2003 ويعتبر مهندس نهضتها الاقتصادية الذي حول بلده الزراعي الى احد اهم واكبر الاقتصاديات في جنوب شرق آسيا.

مهاتير محمد الذي عاد بقوة كبيرة الى العمل السياسي، تعهد بمحاربة الفساد الذي استشرى ببلده واكد على مواصلة نهضته الاقتصادية لدفع البلد الى مزيد من التقدم والازدهار، لكنه في الوقت الذي يتبنى برنامجا اقتصاديا يحتفظ بمواقفه السياسية من قضايا المنطقة ومنها الارهاب ودعم القضية الفلسطينية والحرب على اليمن وكذلك تعريفه للاسلام المعتدل.

ورغم العلاقات التاريخية التي بدأت منذ الستينيات بين ماليزيا والسعودية وخاصة في المجال التجاري والتعليمي بانتشار المدارس والجامعات الوهابية في هذا البلد وبلدان جنوب شرق آسيا، الا ان القائد مهاتير محمد كان استثناء بين زملائه من رؤساء وزراء ماليزيا لثقافته العالية ووعيه ولشخصيته المحنكة، خرج عن هذا الطور لمعرفته بماهية النظام السعودي الذي يتبنى مذهبا اقصائيا وتكفيريا ولا يقبل بالآخر وفي نفس الوقت رفض ان تكون بلاده شريكا للسعودية في تعزيز الاسلام المعتدل في العالم.

فعودة مهاتير محمد الى المسرح السياسي الماليزي شكلت هزيمة مدوية للنظامين السعودي والاماراتي الداعمين لخصمه نجيب عدالرزاق لكن الاكثر ايلاما لهذين البلدين اللذين اندحرا في سوريا والعراق ولبنان وهما اليوم يجران ذيول الخيبة والهزيمة في اليمن، هو فوز رجل يعادي سياستهما ليست في ماليزيا فقط بل في المنطقة ايضا حيث يعارض بشدة الحرب على اليمن والارهاب الذي يقوده هذان البلدان، ناهيك عن مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية ومعارضته للمشاريع الاميركية الصهيونية حول القدس وهذا بالطبع ما يزعج اميركا التي تدعم الكيان الصهيوني وتقود الحرب على اليمن. ان وصول هذا الرجل الى سدة الحكم وهو يتبنى نهجها ونموذجا سياسيا مستقلا لايمكن ان تقبل به اميركا لانه يتعارض ومصالحها اللامشروعة في السطو والهيمنة على مقدرات الاخرين. فتحية لشعب ماليزيا المسلم الذي عبر عن ارادته الحرة والمستقلة في انتخاب رجل يقوده الى المستقبل ويتبنى الاسلام المعتدل ويعارض الارهاب ويدافع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ويفضح السياسات السعودية التي تتقمص بالاسلام المعتدل.