واشنطن وتداعيات الغاء الاتفاق النووي
باتت الانظار الشاخصة صوب واشنطن حيث من المقرر ان يبت الرئيس ترامب الذي لايمكن حتى التكهن في ممارساته وافعاله في الـ 13 من الشهر الحالي ،بمصير الاتفاق النووي مع ايران الذي هو اتفاق دولي وليس اميركي ـ ايراني، هل سيلغيه او يجمده او يحافظ عليه فيما اذا استمع لمؤسسة الدولة العميقة في الولايات المتحدة الاميركية وساستها القدامى، لكن يبقى الموضوع مفتوحا على كافة الاحتمالات وهذا ما استعدت له طهران وفقا لما ذكره عباس عراقيجي مساعد وزير الخارجية الاسلامية امام مؤتمر طهران الامني بان "ايران وضعت جميع السيناريوهات امامها لمواجهة الموقف وفي حال الغاء ترامب الاتفاق فان ذلك سيلحق الضرر بالمنطقة والمجتمع الدولي" لانه يدفن تجربة ناجحة اثبتت بانه يمكن عبر الحوار الوصول لحل ازمة معقدة استمرت لعشر سنوات وهذا يمكن ان يشكل نموذجا لحل اية ازمة في العالم.
فالمطلوب من المجتمع الدولي ومؤسساته المعنية وخاصة الاتحاد الاوروبي الذي هو طرف اساس في هذا الاتفاق ان يتحمل مسؤوليته الثانوية والاخلاقية للجم التصرفات اللامسؤولة للرئيس ترامب وحمله من احترام المعاهدات الدولية لانه اثبت وخلال عام من استلامه لزمام الامور في اميركا بانه رجل متهور وغير متوازن ولايمكن الحكم على افعاله واليوم فان الكثير من الاوساط الاميركية ونخبه وحتى اقرب المقربين منه سابقا يشككون في صحته العقلية واهليته لاداء مهمة الرئاسة.
لكن ما هو لافت في الموقف الاوروبي ليومنا هذا انه لم يحسم قراره بعد تجاه ترامب ويخرج من اطاره الاعلامي ليترجم ذلك عمليا عبر السماح لشركاته ومصارفه من النشاط في ايران ليقطع الطريق على ترامب ويفهمه بان القرار الاوروبي قرار مستقل ولا يخضع للمساومة وهذا ما لم تلمسه ايران حتى الساعة لذلك يأتي اقتراح السيد ظريف وزير الخارجية في الدقيقة التسعين لنظرائه في الدول الاوروبية الثلاث المانيا وفرنسا وبريطانيا للتشاور حول تنفيذ الاتفاق النووي بحضور السيدة مورغيني منسقة الاتحاد الاوروبي وهذا ما استغله الاعلام المعادي الغربي وخاصة الكيان الصهيوني لقلب الموضوع تماما والتشهير كذبا وافتراء بان الاجتماع يصب في مناقشة الاوضاع في ايران وهذا ما لم تسمح به طهران تماما لانه انتهاك لسيادتها واستقلالها.
فهدف طهران من هذه التمهيدات هو اتمام الحجة ووضع الجميع امام مسؤولياتهم والتداعيات الخطيرة التي قد تنجم في حال اقدم ترامب على الغاء الاتفاقية. فاتصال السيد صالحي رئيس الطاقة الذرية بـ "امانو" رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية وابلاغه بعواقب هذه الخطوة وتاثيرها على التعاون الحالي القائم بين ايران والوكالة الدولية ياتي في هذا السياق.
واذا ما تجاوزنا الموقف الايراني وردة فعله في حال الغاء ترامب للاتفاق النووي فاننا واثقون بان دول العالم خاصة المؤثرة ستقول كلمتها وما كتبه الكاتب البريطاني المعروف "ديفيد هيرست" بدعوته للعالم في اعادة التفكير بنظام دولي جديد بدون الولايات المتحدة الاميركية، يعكس وجهة نظر الراي العام العالمي تجاه اميركا وخاصة رئيسها الحالي ترامب الذي يقود بلاده نحو العزلة الدولية بل من هزيمة الى هزيمة وآخرها وليست الاخيرة كان في الاجتماع الاخير لمجلس الامن الدولي لبحث الشأن الداخلي الايراني. وهذه النظرة الجديدة تجاه اميركا نابعة عن دورها المخرب في اثارة الازمات والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وكذلك عرقلتها لتنفيذ الاتفاقات والمعاهدات الدولية كمؤتمر باريس للمناخ وغيرها واليوم تهديدها بالغاء الاتفاق النووي كل ذلك سيزعزع الامن والاستقرار الدولي والاقليمي.
وفي نهاية المطاف لابد لطهران ومن موقع مسؤوليتها التاريخية وحرصها على السلام العالمي واحترامها للقوانين الدولية، ان تحذر واشنطن من عواقب اي خطأ ترتكبه حول الاتفاق النووي الذي قد لا يسعفها الوقت للندم عليه لاحقا.