الأتفاق النووي من 5+1 الى 7-1
ماجد حاتمي
موقف الرئيس الامريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي وقعته بلاده الى جانب القوى الدولية الخمس الكبرى مع ايران، لا يُحسد عليه بالمرة، فالرجل يحاول التخلي عن الاتفاق، كما وعد خلال حملته الانتخابية، الا يرتطم وبشدة بالموقف الايراني المسؤول من الاتفاق، وبالموقف الدولي المؤيد للاتفاق، وقبل كل هذا وذاك يرتطم بقوة الردع الايرانية الهائلة.
تخبط ترامب ازاء الاتفاق النووي وظهوره بمظهر "الكابوي” الاهوج الذي لا يمتلك وسيلة لحل مشاكله الا قوة سلاحه، بات يثير حفيظة حتى بعض اعضاء ادارته ومن بينهم وزير خارجيته ريكس تيلرسون، فترامب يتوعد ويهدد ايران لعدم التزامها بالاتفاق النووي، بينما الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكدت في سبعة تقارير مفصلة اصدرتها منذ التوقيع على الاتفاق النووي، على ان إيران التزمت وبشكل كامل بجميع تعهداتها المنصوصة عليها في الاتفاق.
ترامب ادرك ان موقفه الرافض للاتفاق النووي سيعرض بلاده للعزلة الدولية، بسبب تأييد القوى الخمس الكبري، روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا الى جانب الاتحاد الاوروبي، للاتفاق والتزام ايران به، لذلك يحاول عبر استخدام مبدأ تكرار الاكاذيب بشان عدم التزام ايران بـ”روح” الاتفاق، وشن حربا نفسية عبر امبراطوريات اعلامية، للتاثير على الراي العام العالمي، الذي لم يعد يرى بديلا للاتفاق النووي لتسوية البرنامج النووي الايراني السلمي.
هذه الحقيقة اشار اليها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في تغريدة له على تويتر، عندما رد على ترامب قائلا ": إن الرئيس الأميركي كان يريد دائماً القضاء على الاتفاق النووي، ويحاول إظهار إيران بانها المسؤولة عن هذا الأمر، من أجل تجنب العزلة التي سيقع فيها”.
رغم ان ايران وضعت في حسابها طبيعة الرد على احتمالات خرق الاتفاق النووي من قبل امريكا، بحكم التجربة التاريخية المرة لبلدان العالم مع الانتهاكات والخروقات الامريكية للمواثيق والمعاهدات الدولية، مثل عودة ايران الى مستوى التخصيب الذي كانت عليه ما قبل الاتفاق، الا ان هذا الخيار سيكون الاخير، لمعرفة ايران للرفض الدولي لسياسة ترامب الدولية لاسيما ازاء ايران والاتفاق النووي.
السيناريو المحتمل الذي يمكن تصوره لما بعد انتهاك ترامب للاتفاق النووي ورفض اوروبا وروسيا والصين الاصطفاف مع امريكا، هو ذلك الذي رسمه رئيس المنظمة الوطنية الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، عندما اكد ان مجموعة خمسة زائد واحد ستتحول الى مجموعة سبعة ناقص واحد، ما يعني أن إيران وباقي الدول التي تلتزم بالاتفاق ستكون في جانب، بينما ستكون أمريكا معزولة في الجانب الاخر.
يبدو ان التقارير الدولية وخاصة تقارير المنظمة الدولية للطاقة الذرية التي ايدت وفي عدة مرات التزام ايران بالاتفاق النووي، وكذلك تاييد مجلس الامن الدولي للاتفاق عبر المصادقة على القرار رقم 2231 ، والتاييد الدولي وخاصة الاوروبي للاتفاق، لم تحد من اصرار ترامب على التخلي عن الاتفاق بضغط واضح من اللوبي الصهيوني في امريكا، لذلك كان موقف ايران في غاية الحكمة عندما رفضت تحت ضغط سياسة الحظر الامريكي، التخلي عن تطوير قدراتها الصاروخية الردعية، ليقينها انها الضامن الاكبر للاتفاق النووي، لاسيما ان الرجل الذي يهدد ايران ليل نهار، ويتربع على كرسي الحكم في اكبر دولة في عالم، مشكوك في سلامة قواه العقلية بشهادة اطباء نفسيين امريكيين.