للمرة الأولى .. انكسار حاجز الصمت الاسرائيلي حول الأزمة مع قطر!
زهير اندراوس
منذ أنْ انفجرت الأزمة بين الدول الخليجيّة السعوديّة، البحرين والإمارات العربيّة المُتحدّة ومصر من جهة وإمارة قطر من الجهة الأخرى، لم تُبدِ "إسرائيل" اهتمامًا بالمرّة في هذه الأزمة، لا من الناحية السياسيّة ولا من الناحية الإعلاميّة، حيث التزمت صمت أهل الكهف، واكتفت بالنشر عن القضية في الصفحات الأخيرة، ونقلاً عن وكالات الأبناء، الأمر الذي أكّد على أنّ هذه الأزمة تصُبّ في مصلحتها.
واستمرّ هذا الوضع حتى تطوّع وزير الأمن الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان للتعقيب على القضية الخليجيّة وعقّب على قرار بعض الدول العربيّة والخليجيّة بقطع علاقاتها مع قطر. وبحسب موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنيت فإنّه خلال جلسة مناقشة في الهيئة العامّة للكنيست الإسرائيليّ زعم ليبرمان أنّه واضح للجميع أنّ الدول العربية أيضًا تدرك أنّ الخطر الحقيقي في كلّ هذه المنطقة ليس إسرائيل وليس الصهيونية، إنمّا الإرهاب، على حد زعمه، وأضاف: الدول العربيّة التي قطعت علاقاتها مع قطر لم تفعل ذلك بسبب "إسرائيل"، بل بسبب مخاوفهم من الإرهاب الإسلامي المتطرف، على حد وصفه.
وساق ليبرمان قائلاً إنّ هذا الأمر يفتح الأمور نحو احتمالات كثيرة من التعاون في مكافحة الإرهاب. مشيرًا في القوت عينه إلى أنّه "شاهدنا الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، يزور السعودية، وهو تحدّث في المقام الأول عن تحالف ضدّ الإرهاب، ورأى أنّ "إسرائيل" منفتحةً أكثر على التعاون، والكرة حاليًا موجودة عند الطرف الثاني، على حدّ وصفه. وزير الخارجيّة الإسرائيليّ شدّدّ في سياق كلمته بالكنيست على أنّ أيّ محاولةٍ للربط بين القضية الفلسطينية والعلاقات بين "إسرائيل" والدول العربية المعتدلة” هي طريقة خاطئة، بحسب تعبيره.
وقالت القناة الثانية في التلفزيون العبريّ إنّ ليبرمان سُئل من قبل عضو كنيست عن صفقة السلاح التي وقعت عليها الولايات المتحدة مع السعودية، فأجاب ليبرمان إنّ وظيفتنا ليست منع صفقات بين الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة، بل الحفاظ على الفارق النوعيّ.
على صلةٍ بما سلف، علّق وزير الأمن الإسرائيليّ السابق موشيه يعلون على قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر بمقاطعة قطر وقال جازمًا: لم يعد هناك ائتلاف عربي ضدّ "إسرائيل". وأردف: نحن نرى اليوم ما تفعله دولٍ عربيّةٍ مع قطر وتتعامل معها وكأنّها دولة منافقة، سواءً في تعاطيها مع إيران أوْ بسبب التحريض وتأييدها للإرهاب. ورأى الوزير السابق يعلون أنّ هذا يعني أنّه لا يوجد ائتلاف عربيّ، وبالتأكيد ليس ضدّنا، ولفت إلى أنّ التطور الذي حصل في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة أوصل إلى أنّ ما يُسّمى الصراع العربي الإسرائيلي أصبح غير ذي صلة، حسب تعبيره.
وشدّدّ يعلون على أنّ العرب الذين تجمعوا كائتلاف واحد في حرب الأيام الستة عام 1967 من أجل تدمير دولة اليهود، يجدون أنفسهم اليوم في نفس القارب: دول عربية سُنيّة باستثناء قطر إلى حدٍّ كبيرٍ تجد نفسها في نفس القارب معنا ونتيجة لذلك فهم ونحن نرى في إيران العدو رقم واحد، أكّد يعلون.
وأفادت صحيفة (هآرتس) أنّه في كلمة له خلال مؤتمر نُظّم بمناسبة مرور خمسين عامًا على حرب 1967، ، اعتبر يعلون أنّ "إسرائيل" لا تواجه تهديدًا وجوديًا منذ حرب عام 1967.
وتابع يعلون قائلاً إنّه خلال خمسة عقود، نجحت "إسرائيل" بشكلٍ عامٍّ وجيشها بشكلٍ خاصٍّ في فتح فجوةٍ نوعيّةٍ في مواجهة التهديد التقليديّ، مُوضحًا في الوقت نفسه أنّ الدول العربيّة لم تعد تستطيع احتلال "إسرائيل"، والتهديدات التي نضطر إلى مواجهتها اليوم هي تهديدات غير تقليدية، على سبيل المثال السلاح النووي الإيراني وإطلاق الصواريخ علينا، وتابع عندما نخوض حربًا مع حزب الله في لبنان أو مع حركة "حماس″ في قطاع غزة لا يمكن تحقيق صورة انتصار، مُشدّدًا على أنّ مفهوم الحسم والانتصار على هذا النوع من التهديدات التي نواجهها اليوم مختلف.
وخلُص يعلون إلى القول إنّه في الماضي وصفت الحسم، اليوم هو قدرتنا على فرض وقف إطلاق النار على الطرف الثاني بشروطنا. وعندما ننظر إلى الحسم والانتصار بهذا المعنى، في السنوات الثلاث بعد عملية الجرف الصلب، أيْ العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة في صيف العام 2014، فإنّ حماس لم تطلق صاروخًا واحدًا علينا لذلك يمكن القول إنّ الحسم تحقق، على حدّ تعبيره.
وفي النهاية، مهما تكون نتائج الخلاف الخليجيّ-الخليجيّ فإنّه في نهاية المطاف سيكون في صالح أمريكا و"إسرائيل"، اللتان تعملان بدون كللٍ أوْ مللٍ بتواطؤ مع دولٍ عربيّةٍ على نشر الفوضى الخلاقّة، في إطار المشروع الأمريكيّ، الذي وضعته وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة سابقًا، كوندوليسا رايس، والقاضي بخلق شرق أوسطٍ جديدٍ مُسّم إلى كيانات صغيرة طائفيّة، مذهبيّة وإثنيّة تتقاتل فيما بينها.