في وقت كانت معركة حلب الفاصلة تشرف على نهاياتها وفقا لاعترافات المرصد السوري وانشغال الجيش السوري والقوى المؤازرة له بتحقيق هذا الانجاز التاليخي تسلل الآلاف من عناصر داعش سواء الذين جاؤوا من العراق او مدينة الرقة بملابس مبدلة الى مدينة تدمر الاثرية التي حررها الجيش السوري قبل ثمانية اشهر واستطاعوا عبر استخدامهم النيران المكثفة الاستيلاء على المدينة وهذا ما كان ليحدث لولا تغاضي الجانب الاميركي عن تحركات الدواعش في مدينة الرقة السورية حسب ما قالته وزارة الدفاع الروسية. ويذهب البعض الاخر الى ابعد من ذلك بان اميركا وحثالاتها في المنطقة ممن قصم ظهرهم في معركة حلب المصير التي سلم بها الجميع، هم من زجوا بآلاف الدواعش في معركة تدمر اولا لخطف الاضواء عن اعلان تحرير حلب بشكل رسمي وما سيتركه من بصمات على واقع الساحتين الاقليمية والدولية والثاني التعويض عن خسارتهم الكبيرة في سوريا عبر استغلال سقوط تدمر والاحتفاظ بها كورقة للتفاوض عليها في المحادثات القادمة.
والثالث هو منع داعش من الانهيار عبر اعطائها مثل هذه الجرعات لاعادة الروح اليها بعد ان باتت في دائرة الاحتضار. كل هذه الامور لن تنفع داعش والقوى الداعمة لها وان سقوط تدمر امرا مؤقتا ومثلما حررت قبل ثمانية اشهر فان الاستعدادات جارية اليوم على قدم وساق بين الجيش السوري والقوى المؤازرة لها لاستعادتها ثانية وان ذلك لم يدم طويلا.
وقد لا تلام الجهات الداعمة لداعش على ما تقدم عليه لشدة صدمتها الكبيرة من الانهيار السريع والمفاجئ للمجموعات المسلحة رغم امتلاكها لمستودعات الذخيرة والسلاح المتطور الذي كشف في حلب والتي كانت تكفيها لاكثر من سنة وهكذا المواد الغذائية، حيث نرى في الايام الاخيرة ما اقدم عليه الكونغرس الاميركي برفع الحظر على اعطاء السلاح الفتاك لهؤلاء المجموعات الارهابية او حديث جون كيري وزير الخارجية الاميركي بأن "انتصار الرئيس الاسد في حلب لا يعني نهاية الحرب في سوريا."
اما الفجور الاكبر هو صراخ اميركا وحليفاتها الغربيات وبعض دول المنطقة في تباكيها النفاقي على اهالي حلب من خلال تقديم المشاريع المتوالية الى مجلس الامن تحت مسمى وقف اطلاق النار في حلب وانقاذ اهلها من "القصف الوحشي" لكن الواقع كان هو انقاذ الارهابيين والجميع يعلم كم كان لكم دورا مميزا في معاناة الانسانية على مستوى العالم في وقت لم تتطرقوا ابد حول التعامل الوحشي للمسلحين لاهالي حلب واخذهم كرهائن طيلة الفترة الماضية.
ان الاقدام على مثل هذه الالاعيب الرخيصة في الاستماتة لانقاذ داعش ومنع انهيارها لن تغير من المصير المحتوم الذي تنتظر هذه العصابات الارهابية الآيلة الى الانتحار النهائي وان المعارك القادمة والاخف وطأة للجيش السوري والقوى المتحالفة معه في مدينة الرقة التي تسيطر عليها داعش وكذلك دير الزور التي تسيطر عليها جبهة النصرة الارهابيين وفقا لقرارات مجلس الامن الدولي، ستحاصر هذه الجهات وتحرجها بشكل كبير امام الرأي العام الدولي والاقليمي وتضعها تحت طائلة التساؤل امام خيارين لا ثالث لهما اما ان تقف مع الارهاب فتلك مصيبة او ان تحارب الارهاب فالمصيبة اكبر وعندها ستتعرى على حقيقتها وتعجز حتى عن المناورة في هذا المجال.