من المفارقات العجيبة التي تتسم بها قمة مجلس التعاون هذه المرة والتي تعقد في المنامة العاصمة المحتلة من قبل الاميركان والبريطانيين والسعوديين بان النظام السعودي الذي كان يصنف نفسه على الدوام بانه الاخ الاكبر اي الآمر والناهي لهذه المجموعة اصبح اليوم هو الاصغر بسبب انكشاف ظهره واهتزازه للغاية وقد بان على حقيقته كالكيان الصهيوني مجرد نمر من ورق لا يقوى حتى على مواجهة الآلاف من المقاتلين الحوثيين الذين توغلوا في عشرات المواقع العسكرية والقرى الحدودية للمملكة مع حقيقة اخرى وهو هزيمة مشروعها العدواني المسماة بالتحالف العربي ضد اليمن وعدم تحقيق اي من اهدافها رغم مرور اكثر من سنتين على حربها الشرسة.
المفارقة الثانية هو نزول المملكة من عرش المكابرة بسبب تلقيها الصفعات والهزائم المتوالية وفي اكثر من ساحة اقليمية لتقف اليوم عند حجمها وبالتالي يضطر ملكها وقبل انعقاد القمة الخليجية في البحرين ان يزور دول مجلس التعاون ويتودد اليها عسى ان يحيي مشروع المملكة الميت اساسا وهو تشكيل الاتحاد لهذه الدول" من اجل الهيمنة عليه بعد ان فقد كل مواقعه في المنطقة ليوحى للعالم ثانية بانه لازال يمتلك بعض الاوراق.
لكن الذي لا يخفى على المتتبعين للشأن الخليجي بان مشروع السعودية لفرض الاتحاد على دول مجلس التعاون ليس جديدا وقد طرحته قبل عدة سنوات فعارضته عمان وتحفظت عليه قطر والتزمت الكويت السكوت عليه حتى لا تؤثير حفيظة الرياض التي انتقمت منها بوقف انتاج النفط من حقل خفجي المشترك بين البلدين واليوم اضطر سلمان وفي زيارته للكويت ان يرضخ من موقع الضعف ويوافق على استئناف انتاج النفط من هذا الحقل.
لكن المفارقة الاخرى التي ادهشت المراقبين والساسة في المنطقة هو تعامل الملك سلمان الخشبي مع عمان وشطب العاصمة مسقط من جولته الخليجية دون انه يعى ان خطوة كهذه تمهد لتدمير هذا المجلس او الاتحاد المزعوم الذي يريد تأسيسه واذا ما سمح لدول مجلس التعاون وشعوبها ان تقول الحقيقة فلا احد منها يوافق على سياسة المملكة الهستيرية التي تصدر الفكر الوهابي والافكار التكفيرية والدواعش وغيرها من "النصرة" الى المنطقة والعالم.
ولا يخفى على المتتبع ايضا من ان السعودية ومن تحالف معها في العراق وسوريا على وشك الهزيمة النهائية لكن الازمة اليمنية وعدوانها السافر على هذا البلد لازال يقض مضاجعها وهي تبحث عن من تتشبث به لانتشالها من هذه الازمة. اما الطامة الكبرى ووسط هذه الضائقة المالية التي تمر بها السعودية وصول رجل الاعمال الاميركي دونالد ترامب الى سدة الحكم في البيت الابيض لمعالجة مديونية بلاده التي تجاوزت العشرين تريليون دولار من الخاوات التي سيفرضها على السعودية ودول مجلس التعاون وحتى الدول الاعضاء في الناتو.
ولا شك ان احد اهداف جولة الملك الى دول مجلس التعاون هو التنسيق بينها لدفع "الجزية" التي ستفرض عليهم قسرا.
فالسؤال المطروح هل ستتخذ هذه الدول راي شعوبها بالموضوع أم ستقدم اموالها وثرواتها بشكل سخي حفظا لعروشها صاغرة ذليلة؟! اما التساؤل الاكثر اثارة وشذوذاَ هو وجود رئيسة وزراء بريطانيا العجوز ودورها في هذه القمة الذي ينسجم مع الاعراف والتقاليد المعمولة بها؟!!