kayhan.ir

رمز الخبر: 45630
تأريخ النشر : 2016September26 - 19:04

اغتيال ناهض حتر اليوم جزء من تشويه الإسلام!

لا أشك بأن القاتل الذي قتل الكاتب والإعلامي #ناهض_حتر يرى نفسه منفذاً لأمر شرعي؛ وهنا المأساة.

سأحاول أن أجري حواراً مع قاتل حتر لأحاول إيصال معلومات قرآنية يجهلها هو؛ ربما أكثر الناس، وما أكتبه الآن كان يجب أن تتضمنه مناهج التعليم..

لو سألت قاتل #ناهض_حتّر؛ لماذا قتلته؟

سيقول: لأنه اساء للذات الإلهية؟

سؤالي: لو سلمنا لك، من أين أخذت الفتوى بقتله؟ أين هذا في كتاب الله؟

إذا قال: في الحديث ..

قل له: دعنا نبحث في كتاب الله أولاً؛ ثم نأتي للحديث؛ أكرر سؤالي: أين تجد في كتاب الله أنه يجب قتل من أساء إلى الله؟

أولاً: سيعجز عن وجود دليل قرآني في وجوب قتل من أساء إلى الله - مع أني سأناقش تلك الرسمة لاحقاً – لكن؛ على افتراض أنه قصد الإساءة؛ فما الحكم؟ وإذا أراد أن ننتقل للسنة؛ قل له: لا، حتى نستوفي كتاب الله؛ فأنا عندي دليل؛ بل أدلة من القرآن؛ أنه لا يجوز قتله؛ حتى لو افترضنا أنه قصد الإساءة.

ما هي أدلة القرآن على أنه لا يجوز قتل المسيء لله؟

أولاً:العقوبات القرآنية هي لستة من الذنوب (القتل/ القذف/ الزنا/ الحرابة/ البغي/ السرقة). وبما أننا لم نجد عقوبة للمسيء للذات الإلهية في القرآن؛ وبما أن الله ليس نسيا؛ فلابد أن يكون لله حكمة في ذلك، ونحن أتباع نص؛ لا مشرعين عن الله.

وقبل أن ننتقل للأحاديث والفتاوى؛ لابد أن نذكر أن القرآن الكريم فيه العكس تماماً؛ أي؛ فيه : عدم جواز قتل المسيئين لله أو لرسوله أو لكتابه؛ إنما أمر الله بمجاهدتهم بالكلمة؛ بالرد عليهم؛ بالإعراض عنهم؛ وهكذا ... وكل هذه سلمية، لا عقوبة إلا بنص؛ فأين النص؟

سأذكر لكم خلافه من القرآن؛ مثلاً؛ قول الله في حق أناس:

{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ }ألآية[التوبة: 65]

السؤال: هل قتلهم الرسول؟

القصة معروفة في أصحاب تبوك؛ وكانوا من المشاركين في جيش العسرة؛ وقد أثبت الله أنهم استهزئوا بالله وآياته ورسوله ... فهل أمر الله بقتلهم؟ كلا! لم يأمر الله رسوله بقتلهم؛ وإنما تولى الله الأمر بقوله {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}؛ أي؛ دعهم لي، لا لك.

السؤال للقاتل: لماذا لم تترك ناهض حتر لله؟! هو من يحاسبه على نيته؛ وهو من يعلم ماذا يقصد؛ والله حسيب الجميع؛ لماذا المزايدة على الله؟

قد يقول القاتل: إذا كانت الإساءة للنبي يقتل صاحبها؛ فكيف بالإساءة لله؟

قلنا: اتفقنا نبدأ من القرآن؛ فأين حكم قتل من أساء إلى النبي فيه؟

قد يقول: ألم يقتل النبي كعب بن الأشرف؟

يقال له: تعلموا القرآن قبل السيرة والحديث؛ الحديث والسيرة سنناقشهما بعد استيفاء القرآن الكريم؛ تعلموا الأدب مع القرآن؛ تعلموا ترك الاستهانة به؛ ففيه النور كله؛ وسيعلمكم كل الأحكام قبل الانتقال للسيرة والحديث؛ بل؛ هو يصحح ما علق بأذهاننا..

القرآن فقط من تكتشفون به مقدار الكذب على رسول الله وعلى سيرته العطرة؛ هو من سيكشف لكم شياطين الإنس والجن الذين زخرفوا لكم زخرف القول غرورا؛ فإذا كنت أنت ملولاً من القرآن الكريم؛ فأنا لا أمل منه؛ ولا أنتقل إلى غيره حتى استوفي المعلومة منه؛ وقد بقيت عشرات الآيات ضدك تريد تجاوزها..

أنا لا أنكر السنة؛ ولا أقبل أي حديث تصححونه حتى أدرسه متناً وإسناداً. لا أحب الكذب على رسول الله وعلى سيرته.. أيضاً؛ أنا لا أمل القرآن مثلكم؛ أنتم ملولون؛ تملون بسرعة من القرآن؛ وما نذكر لكم آية حتى تضيق أنفسكم وتكرهون ما أنزل الله وتهربون لعوائد العقائد والموضوعات؛ وهذا سر ضلالكم..

اهدأ. اهدأ.

دعنا مع كتاب الله أولاً؛ لا تكن عجولاً ولا ظلوماً ولا جهولاً.. فهذه صفات الإنسان التي ذمها الله.

اهدأ.

ما زلنا في أول الحوار؛ اسمع بقية الآيات الكريمة التي سيسألك الله عنها؛ (ألم تكن آياتي تتلى عليكم).

هذا سؤال الله.

انتبه.

وليس؛ ألم تكن الأحاديث الموضوعة تتلى عليكم؛ آيات أخرى تضاد قتل المسيء لله ورسوله وآياته؛ آيات مكية في حالة الضعف؛ وآيات مدنية في حالة القوة؛ كلها ضدك وضد القتل! هل تريد أن تسمعها؟ فأنت عجزت أن تجد آية في كتاب الله تشرع قتل من أساء إلى الله ورسوله وآياته.. ألا تسمع الآيات المضادة التي تضاد هذا صريحاً؛ وبماذا أمرتك كعبد؟

أنت هنا أيها القاتل عبد لله؛ وأنا عبد لله؛ ومن كان عبداً لله لينصت لمولاه؛ ليعقل عنه جيداً؛ فـ (شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون)..

اسمع إذاً:

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فلا تَقْعُدْ بعْدَ الذِّكْرَى مع الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)} [الأنعام: 68]

هذه مكية؛ وسأنقل المدنية؛ اسمع جيداً ماذا يطلب الله منك في تكملة الآية:

(فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ...) الآية [النساء: 140]

سؤال: إذا سمعت من يكفر بآيات الله ويستهزيء بها؛ فما حكمه عندكم؟ وما حكمه عند الله؟

عندكم : يقتل.

عند الله: لا تقعد معهم.

فهمتم الفرق؟

وقد نقلت لك الآية المدنية (سورة النساء) حتى لا تقول أن الآية مكية (الأنعام)؛ وكان المسلمون في فترة ضعف. كلا. أمر الله في هذا الموضوع واحد.. أنتم لا ترضون بحكم الله؛ أنتم تريدون تحكيم غضبكم وأهوائكم ومذاهبكم وفتاوى شيوخكم؛ أما فتوى الله نفسه؛ فهي عندكم "لا شي" ؛ وهذه إساءة لله.. كيف؟

لأنكم - في الحقيقة - ممن تكفرون بآيات الله؛ آيات الله تقول لكم : لا تقعدوا. فتقولون: معناها اقتلوا !

أليس في هذا سخرية بكلام الله؟

من المسيء؟

لا شك أنني أشمئز وأتضايق من كل إساءة لله ورسوله وآياته؛ لكني ألتزم أمر الله؛ فأجادل بالتي هي أحسن أو لا أقعد معهم؛ أخرج من مجلسهم؛ أحظرهم الخ.. مع أني لا أسلم لكم بأن نية المرحوم ناهض حتر هي الإساءة لله؛ نعم؛ هو نقل لكم تشوه الصورة الإلهية عند عامة الناس؛ ولكن؛ هل يعتقد ما هو منشور؟ عندما قال الله (ذق إنك أنت العزيز الكريم)؛ هل يقصد أن المعذب الكافر هو عزيز كريم فعلاً ؟ أم يسخر من اعتقاد المعذب - لكبره وعناده - بأنه كذلك!؟

الصورة التي نقلها ناهض ستأتي مناقشتها، وهي تشبه كثيراً من الصور المسيئة عن الله التي أدخلها أصحاب الروايات في عقول الناس وتحتاج لتصحيح؛ مصدر الإساءة في آخر الأمر هو القاتل؛ هو من يسيء للذات الإلهية برواية ما يسيء لله؛ وهو الذي يقتلنا عندما نستنكر هذه الصور بشكل من الأشكال.

نعم؛ أنا شخصياً أخالف في كيفية استنكار الصور المسيئة لله؛ وما أكثرها في عقول الناس؛ لا أحب التصحيح بهذا الشكل الفج؛ ناقش الفكرة وابطلها؛ لكن؛ في الوقت نفسه؛ لا أجيز قتل من استهزأ بالله وآياته ورسوله؛ بل أرى هجرهم (فلا تقعدوا معهم) = حتى يخوضوا في حديث غيره؛ كما قال الله تماماً؛ مع أني؛ كما قلت؛ لا أسلم أبداً؛ بأن كل كاتب أو راسم لفكرة؛ يريد السخرية. قد يريد التنبيه؛ أو نقل صورة الله في عقول الناس ليصحوا؛ الله أعلم.

الخلاصة من القرآن:

أمر الله في حق المستهزيء بالله وآياته ورسوله؛ هو الهجر؛ الإعراض؛ القول البليغ. أما آيات القتل؛ ففي حق صاحب الجناية بالسيف.

آيات المحاربة والبغي ليست في حق المستهزيء ولا الكافر بآيات الله ولا الساخر منها؛ هي في حق المحارب والباغي والمعتدي بالسيف.. هذه لا يفهمونها؛ لأنهم يكفرون بآيات الله؛ لا يرون أن القرآن يلزمهم؛ إنما؛ يرون الالتزام بما لا يعرفون حجته عند الله، من حديث ضعيف أو فتوى كاذبة على الله.

مشكلة الغلاة مع القرآن نفسه؛ لا يرون أن القرآن كافياً لإشباع ما يشعرون به من غضب؛ كأنهم لم يقرءوا (واصبر على ما يقولون)؛ لا يعترفون بهذا؛ لذلك؛ مهما تعظهم بالقرآن ينتقلون مباشرة للعلماء؛ قال ابن تيمية وقال فلان!

تقول لهم قال الله؛ فلا تشبعهم الآيات؛ لكن؛ قول ابن تيمية يشبعهم! فالمسألة هي (إشباع نفسي)؛ وليست تحكيماً لله ورسوله؛ وبما أن في العلماء من أشبع غضبهم كبرهم وجهلهم ونفورهم عن القرآن؛ فسيكون عندهم أعظم..

طبيعي.

الذي يحكّم هواه - من حب أو بغض - مشرك.. الذي يحكّم الأحبار والرهبان - في تشريع مع الله – مشرك.. الشرك يخالط إيماننا؛ وليس مفصولاً عنه.

لننتبه.

وبقي أن نقول: نبرأ إلى الله من مضمون الرسمة التي نشرها المرحوم؛ ونعتقد بجزم أنه لا يؤمن بها؛ ولكنه عبر - بسخرية - عما يصوره الناس عن الله؛ ونحن؛ وإن كنا نخالفه في كيفية الاستنكار؛ أو كيفية تنبيه الناس لتشويههم لصورة الله؛ إلا أن قتله جريمة واضحة؛ وكان القضاء كافياً لمعرفة الأمر.

لا يقوم بهذا الدين متكبر؛ ولا جاهل؛ ولا عابد لهواه؛ ولا مستعجل؛ ولا مقلد؛ ولا مزايد على الله ورسوله..

كل هؤلاء؛ لا يزيدون الدين إلا تشويهاً.

يقوم بالدين من أحاط به من جميع جوانبه؛ يقوم بالدين كل مقبل على القرآن؛ محب للنبي؛ عارف بأن سيرته لا تخالف القرآن. كل صادق صبور متواضع رحيم.

المتواضع متعلم متأنٍ يخاف الله؛ يراقب الله؛ يطيع أوامره؛ يحب رسوله؛ يتثبت في كل حديث يراه مخالفاً كتاب الله؛ يتثبت في كل سيرة منسوبة للنبي.

لم نتعلم الدين بعد؛ تعلمنا المذاهب؛ والعصبيات؛ وعبادة الهوى؛ والجهل؛ واتباع ما وجدنا عليه آباءنا..

الدين علم ورحمة وحقوق وعدالة وفهم وتأنٍ وسلام؛ والحكومات مسؤولة عن غياب هذه المعلومات؛ لأن بيدها زمام الأمور؛ هي من ترفع من تشاء؛ وتضع من تشاء؛ وبيدها التعليم والإعلام والخطاب والكتاب.