kayhan.ir

رمز الخبر: 4009
تأريخ النشر : 2014July20 - 20:18
القنابل العنقودية: القتل الإسرائيلي الذي يلاحق اللبنانيين

من يحاكم ’إسرائيل’ على جريمة إلقاء القنابل العنقودية

ثماني سنوات مرت على العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006، ولا زالت “إسرائيل” تمارس القتل المقنع ضد اللبنانيين. الكارثة التي خلفها وراءه الجيش الإسرائيلي عبر نشر أكثر من مليون قنبلة عنقودية قبل انتهاء العدوان، حصدت عشرات الشهداء والجرحى حتى الان. ولم يكفِ “إسرائيل” ما قامت به من جرائم ومجازر خلال عدوانها على لبنان على مدى 33 يوماً، بل إنها أرادت أن يستمر إجرامها لسنوات عدة عبر إلقاء هذه القنابل، فمن يحاكم المسؤولين الصهاينة على هذه الجريمة؟

علي مطر


القنابل العنقودية أسلحة فتاكة

تعد القنابل العنقودية التي يخالف استخدامها القانون الدولي من الأسلحة التقليدية الفتاكة، وتستخدم للهجوم على أهداف مختلفة مثل المدرعات أو الأشخاص. وتغطي القنابل الصغيرة فيها منطقة كبيرة ولكنها تفتقر إلى التوجيه الدقيق، وكثير منها لا ينفجر ولكن يستقر في الأرض كألغام قد تنفجر بعد سنوات وتحدث أضرارا وإصابات في مساحة واسعة.

وتعرف المادة 2 من اتفاقية حظر استعمال القنابل العنقودية (اتفاقية الذخائر العنقودية) التي تم توقيعها في 3 كانون الاول من عام 2008 في اوسلو، ورفضت من قبل "اسرائيل” والولايات المتحدة بأنها "ذخيرة تقليدية صممت لتنشر أو تطلق ذُخيرات متفجرة تزن كل منها أقل من 20 كلغ وهي تحوي الذُخيرات المتفجرة”.

هناك أنواع من هذه القنابل تستخدم لنشر الألغام الأرضية حيث تشكل تهديداً مميتاً لأي شخص.

ويؤكد أستاذ القانون الدولي الدكتور خليل حسين لـ”العهد” أن هناك أنواعا من هذه القنابل تستخدم لنشر الألغام الأرضية، حيث تشكل تهديداً مميتاً لأي شخص في المكان ولفترة طويلة بعد انتهاء النزاع”، موضحاً أن "استعمالها مخالف للقانون الدولي باعتبارها تتسبب بأذى غير مبرر وهي محرمة دولياً، لأنها من الأسلحة التي يمكن أن يستمر اذاها بعد المعارك وهي قتل مستمر واحتلال مقنع”.

ويشير إلى أن "أكثر دولتين استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية و”اسرائيل” وان كانت "اسرائيل” تستخدمها بشكل اوسع في غزة ولبنان ونحن لا نزال حتى الان نعاني من هذه القنابل فهي موت غير منتظر للبنانيين”.

وبحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس واتش الاميركية صدر عام 2008 فإن الجيش الإسرائيلي استخدم أكبر عدد من القنابل العنقودية التي استعملت على وجه الأرض منذ حرب الخليج الفارسي في عام 1991، وتخطّى مجموعها ما استخدم في كوسوفو عام 1999، وأفغانستان بين عامي 2001 و2002، والعراق عام 2003، وكان مطلقوها يقصدون إيذاء أكبر عدد ممكن من المدنيين.

إذا كان القانون يحرمها فمن يحاسب على استخدامها؟

إذاً، وكما يتضح مما تقدم، فإن هذه القنابل هي من الأسلحة اللاإنسانية التي يحرمها القانون الدولي لأنها تفتك بالبشر، فهي أسلحة عشوائية لا تميز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ودعت إلى تحريهما العديد من الدول في عدة مؤتمرات دولية عقدت لهذا الخصوص، كان من أهمها المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة الايرلندية دبلن بتاريخ ‏28‏ مايو/ايار ‏2008‏، وكان مقدمة لاتفاقية حظر الأسلحة العنقودية، التي حظرت استخدام هذه القنابل، حيث نصت المادة الأولى منها على أنه يحظر إنتاج وتخزين واستعمال ونقل كافة الذخائر العنقودية تحت أي ظرف بما فيها النزاعات الدولية وغير الدولية. كما يحظر مساعدة وتشجيع أو حثّ أي كان على المشاركة في أي نشاط محظور بموجب هذه الاتفاقية.

وتدعو الاتفاقية وفقاً للمادة 3 جميع الدول الأطراف إلى تدمير كامل مخزون الذخائر العنقودية الواقع تحت ولايتها أو سيطرتها، في أقرب وقت ممكن، على ألا يتعدّى ذلك ثماني سنوات من بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة إلى الدولة الطرف. وتقول المادة 4 انه "يجب على الدول الأطراف تطهير المناطق الملوثة بالذخائر العنقودية بأسرع وقت ممكن شرط ألا يتعدى ذلك عشر سنوات بعد بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة للدولة الطرف”، وكما نرى فإن مفعول هذه القنابل يستمر لسنوات.

والأهم من ذلك أن المادة 4 توجب على "الدول الأطراف” التي استعملت الذخائر العنقودية في السابق في أراضي دولة طرف أخرى على تقديم المساعدة في إزالة وتدمير الذخائر العنقودية بما فيها تقديم المعلومات الفنية حول المناطق التي تعرضت لضربات الذخائر العنقودية وطبيعة هذه الضربات، ولكن المشكلة أن "إسرائيل” استخدمت هذه القنابل الإجرامية، ولم تعط فيما بعد خريطة نشرها، ما انعكس إجراماً على اللبنانيين الموجودين في المناطق الجنوبية.

يجب ملاحقة المسؤولين الصهاينة ممن أمر وأطلق هذه القنابل على أقل تقدير

أمام هذا الواقع الإجرامي، كان يجب ملاحقة المسؤولين الصهاينة ممن أمر وأطلق هذه القنابل على أقل تقدير، حيث يقول الدكتور خليل حسين إن "هذه القنابل يمكن أن يلاحق من يستخدمها أمام المحاكم الدولية فهي تعتبر من جرائم الحرب وتصل إلى جرائم الإبادة الجماعية ويحاكم عليها امام المحكمة الجنائية الدولية”.

ويشير حسين إلى أن "إمكانية إقامة دعاوى جنائية ضد "اسرائيل” تعتبر ترفا قانونيا بالنسبة للدول العربية. ولكن يمكن الملاحقة أمام المحاكم الجنائية الدولية لأشخاص معينين في الكيان الإسرائيلي على استخدام هذا السلاح. فالقانون ينشئ حقا ولكن الحق حتى الان لا يطبق”، مضيفاً أنه "يمكن انشاء بيئة اعلامية مضادة لفضح جرائم "اسرائيل” هذه.

للأسف فحتى الان لم تتم ملاحقة الكيان الإسرائيلي على الكثير من جرائمه في لبنان، ولم يدعِ أحد على مسؤول صهيوني لمحاكمته أمام المحاكم الدولية، كما أن المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً أمام هذه الوقائع، فيما لا يزال العشرات في لبنان معرضين للاستشهاد نتيجة هذا الواقع المؤلم بعد مرور 8 سنوات على حرب تموز 2006.