kayhan.ir

رمز الخبر: 35871
تأريخ النشر : 2016March13 - 21:41

الخلاصة , اليمن في خمسة أعوام


بلال الحكيم

خرج مئات الآلاف من اليمنيين إلى الشارع في جنوب البلاد وشماله , لم يكن ذلك مجرد مواكبة لأحداث – الربيع العربي – أو تقليدا حماسيا أجوف كما إعتقد المتابع الأجنبي , لأن توتر الأوضاع وخروجها عن السيطرة كانت قد سبقت ذلك بعدة سنوات , المظاهرات الشعبية والإعتصامات والحوارات السياسية المتعثرة لم تكن لتتوقف حتى تعاود الإنفجار من جديد ولأسباب متنوعة , كان منها الأثر السلبي الناتج عن إنعكاسات إستمرار وتعاقب الحروب الداخلية الفتاكة في حجم الضحايا والدمار على الواقع الإقتصادي والسياسي والإجتماعي , منها (حرب 94 في الجنوب , حروب صعده , حروب متفرقة في مواجهة الإرهابية , حروب الثأر القبلية ) , وبذلك تكون المهمة الوحيدة التي أحدثها الربيع العربي هو توحيد تلك الاحتجاجات الشعبية وتنظيمها تحت عنوان واحد هو ( الشعب يريد إسقاط النظام ) .

أما – ثورة 11 فبراير – فقد زادت من بعدها الأمور تعقيدا , إذ أن القوى السياسية ( سلطة و معارضة ) والتي لا يمكن إحتسابها إلا بكونها جزء من النظام والواقع السياسي السابق , قد تمكنت من إستعادة السيطرة على الساحات الثورية باشكال وأساليب متنوعة , فنجحت في تحويل الواقع الثورى الشعبي الى نزاع سياسي على السلطة فيما بينها , تتوج ذلك بإستدعاء الأحزاب لعقد توافق تقاسمي فيما بينها وإستثناء من ذلك المكونات الشعبية والشبابية الثورية الحقيقة , رعت السعودية ذلك من خلال ما سمي ( بالمبادرة الخليجية ) كانت أهم بنود الإتفاق تنص على تنازل علي عبد الله صالح عن رئاسة الجمهورية لنائبه عبد ربه منصور هادي على أن يحصل على عبد الله صالح على الحصانة من أي مسآلة قانونية جراء مسؤوليته عن ما حدث في فترة حكمه للبلاد , وبعدها تشكل حكومة توافق وطني تتقاسم الحقائب الوزارية فيها مناصفة بين كل من المعارضة والحزب الحاكم , ثم يقام حوار سمي ( مؤتمر الحوار الوطني الشامل ) شاركت فيه أغلب المكونات السياسية والإجتماعية في البلد , بما فيهم حركة انصار الله والحراك الجنوبي – الطرفان الأكثر تضرراً من سياسة النظام السابق والذي تم إستبعادهم من حكومة المبادرة الخليجية.

بدأت أولى جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في (18 مارس 2013 ) بتحفيزات ووعود كبيرة لإنجاحه , إلا أن الإضطرابات الميدانية والمطالبات الشعبية كانت لا تزال قائمة في الشارع , فحكومة الوفاق الوطني لم تستطع السيطرة على تفاقم وتدهور الاوضاع وبالأخص الأمنية والمعيشية ” الإقتصادي ” فبقيت مطالب الناس معلقة وبدون حل والفساد بقي متفشيا والمحسوبيات وسرقة الثروات وغياب التنمية والإستثمارات , ثم وفوق ذلك إستمر التأجيج لإنتاج حروب جديدة ( دماج , كتاف , حوث , عمران , شبوة , ابين ,عدن ) كما وبقي الإستهداف للمواطنين المطالبين بحقوقهم حاضرا من قبل العسكر , وازدادت الإتهامات الشعبية للسفارة الأمريكية بإدارة كل هذه الأزمات بما فيها الإغتيالات لضباط وشخصيات أكاديمية وسياسية وكذلك الإستمرار بقتل مواطنين عزل بواسطة الطائرات بدون طيار التي إستخدمت بكثافة وبتأييد حكومي ورسمي يمني بحجة محاربة الإرهاب , ولم يتم أيضا تطبيق – النقاط العشرين – وبعدها النقاط – الحادية عشر – والتي وضعت قبل انعقاد الحوار الوطني بغرض إثبات حسن النوايا وجديتها من قبل الجهات الحكومية المسؤولة في إنجاح الحوار .

تمخض عن الحوار ما سمي – مخرجات الحوار الوطني الشامل – التي تم التوافق بين الفرقاء على أغلب بنودها بإستثناء بعض القضايا المحورية التي خالف الطرف الحكومي ممثلا برئيس الجهورية ما إتفق فيه حولها , منها ” شكل الدولة ” , في أن تكون فيدرالية أم إتحادية ثم كم يكون عدد الأقاليم فيها , هل ستة أقاليم كما كان قد أصر عليه رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي أم من إقليمين وهو ما توافقت عليه الأطراف في جلسات الحوار , ثم حصلت المماطلة في تشكيل حكومة جديدة حيث كان من المقرر سرعة تشكيلها بعد انتهاء الحوار كما كان متفق عليه لكي تكون الجهة المنفذة والمنجزة لمخرجات ومقررات الحوار الوطني الشامل .

وفي تلك الأثناء كانت حكومة المبادرة الخليجية قد أقرت قانون تخفيض الدعم عن المشتقات النفطية ما يعني إرتفاع أسعار المشتقات النفطية و إرتفاع أسعار المواد الغذائية , أدى ذلك الى خروج الناس الى الشارع بكثافة كبيرة رفضا لهذا القرار ونصبت الخيم في محيط صنعاء بغرض الضغط على الحكومة للتراجع عن هذا القرار .

في تلك الأثناء كانت الحروب قد توسعت بين الجهات العسكرية التابعة لحزب الإصلاح وبين حركة أنصار الله حيث إستمرت في تصاعدها من حرب ” دماج ” مرورا بحرب ” عمران ” وسقوط مشائخ آل الأحمر أكبر قبائل اليمن و الحليف التاريخي للمملكة العربية السعودية وصولا إلى صنعاء والمواجهة المباشرة مع ” الفرقة الأولى مدرع ” وهروب قائدها ” علي محسن الأحمر” الرجل الثاني في السلطة منذ عشرات السنيين ورجل المملكة العربية السعودية الأول في اليمن , وهو اليوم الذي أطلق عليه ” بثورة 21 سبتمبر ” .

شكل سقوط الفرقة الأولى مدرع وهروب قائدها أكبر التحولات السياسية في تلك الفترة إذ وقعت بعده ” إتفاقية السلم والشراكة ” بين المكونات السياسية بما فيها أنصار الله ومكون الحراك الجنوبي , ثم تم تشكيل حكومة شراكة وطنية برئاسة ” خالد بحاح ” ولم يتم التطرق بأي إشارة تخص إبعاد عبد ربه منصور هادي عن رئاسة الجمهورية علما أن فترة حكمه الإنتقالية حسب اتفاقية المبادرة الخليجية و المتمثلة بعامين كانت قد إنتهت وكان حتى فترة توقيع إتفاقية السلم والشراكة قد تجاوزها بعام إضافي آخر .

الأمر الآخر والذي أدت تبعاته الى إستقالة عبد ربه منصورهادي من رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة خالد بحاح هو في مساعي رئيس الجمهورية لإتمام التوقيع على الدستور الجديد حتى بدون حصول التوافق عليه وبالأخص في مسألة شكل الدولة وعدد الأقاليم وأمور أخرى تضمنتها نصوص وعبارات الدستورالجديد إعتبرت أن فيها تهاون في سيادة البلد وإستقلاله, وفي صبيحة التوقيع على الدستور الجديد وإصرار الرئاسة على تمريره , قامت اللجان الشعبية التابعة لأنصار الله بالقبض على أحمد بن مبارك مدير مكتب الرئيس وامين عام الحوار الوطني والذي كان يحمل الدستور الجديد ذاهبا للتوقيع عليه .

وهذا ما أغضب السفارة الامريكية إذ ترك سفيرها البلاد وبعدها أغلقت ايضا مجموعة من السفارات وتمكن عبد ربه منصور هادي من الفرار من مسكنه حيث كان تحت الاقامة الجبرية , وصل العدوان على اليمن بعدها بما سمي ( عاصفة الحزم ) وهي التحالف العربي المكون من عشرة دول وبقيادة المملكة العربية السعودية بحجة ” استعادة شرعية عبد ربه منصور هادي "