kayhan.ir

رمز الخبر: 34942
تأريخ النشر : 2016February24 - 21:26

في ذكرى مقتل الحريري.. سعد: (أيها السادة.. أنا إسرائيلي)

محمود عبد اللطيف

في الرابع عشر من شباط لم ينسى زعيم تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري الإطلالة بمناسبة مقتل والده بعملية انتحارية هزت بيروت والمنطقة العربية في العام 2005، إلا أن الحريري استثمر هذه المناسبة لشن هجوما سياسيا على حزب الله اللبناني، متهما أياه بجملة من الملفات الداخلية والإقليمية، معتبرا إن مشاركة المقاومة اللبنانية في الحرب الدائرة في سوريا، هي محاولة من قبل المقاومة لتقمص دور "القوة الإقليمية”، وكأن صبي الرياض تناسى اللقاء الذي جمع مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف إلى لبنان ولقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وكان لتلك الزيارة الكثير من مدلولاتها السياسية على المستوى الإقليمي والدولي.

وحاول الحريري إن يلصق تهمة إقامة العداء بين لبنان والدول العربية بسبب ممارسات حزب الله، الأمر الذي يخرج عن المنطق الحقيقي لمجريات الأحداث، فالنظام السعودي وحلفائه الخليجيين يشن حربا إعلامية وسياسية ضد حزب الله، وإذا ما كان الحزب قرر الدخول في المواجهة مع الميليشيات التكفيرية العاملة لصالح المشروع الأمريكي الممول خليجيا في سوريا، فإن ذلك جاء من وعي سياسي مطلق بالمرحلة ومتطلباتها من قبل قيادة المقاومة، فالأخيرة تعرف إن انكشاف ظهرها سيكون من خلال سقوط سوريا، فمشروع تقسيم الدولة السورية لن يفيد أحد بقدرما سيفيد الكيان الإسرائيلي.

وليس مفاجئا أن يكون سعد الحريري متبنى بالفطرة للرأي السعودي بمشاركة حزب الله في مواجهة الميليشيات التكفيرية في سوريا، فالحزب لا يقاتل على أرض لبنانية، أو أي قوة سياسية لبنانية فما الذي يجعل من مشاركة الحزب في مواجهة النصرة وداعش في سوريا أو في أي مكان من الأرض معطلة لملف الرئاسة اللبنانية، او تشكيل حكومة أو حل الملفات الداخلية كملف "النفايات”..؟، ناهيك عن إن كل الدول اللهاثة لتحصيل مكاسب سياسية على المستوى الإقليمي والدولي تتحجج بمحاربة داعش للتدخل في الأزمة السورية بما في ذلك السعودية التي يمثلها الحريري داخل المجتمع اللبناني.

ثم من الذي يمنع سعد الحريري المتمنطق بالوفاء للبنان من العيش في بيروت بدلا من التنقل بين الرياض وباريس، فإن كانت حجته الخوف من ملاقاة مصير أبيه، فالأمين العام لحزب الله مستهدف من قبل دول ومخابرات عالمية على رأسها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، ومع ذلك لم يغادر لبنان بالمطلق. سعد الحريري الذي يظهر في لبنان خلال مناسبات ترتبط بتاريخ أسرته لا تاريخ لبنان كدولة، حاول أن يبدو خلال الخطاب في صورة الملتزم بقيم "رفيق الحريري”، ومن السخيف ألا يكون للأخير قيما حقيقية يمكن أن يعمل بها في مواجهة التهديد الإسرائيلي المستمر للجمهورية اللبنانية، وهنا يجب على "صبي الرياض” أن يجيب نفسه على سؤال عريض يقول: ما الذي تريده لـ لبنان..؟..

فهل تناسى زعيم تيار المستقبل الدور الكبير الذي لعبه مع جملة من الصبيان العاملين لمصلحته داخل لبنان في تمويل وتسليح الميليشيات التكفيرية في سورية، والتي أفرزت وجودا لداعش والنصرة، وهل تناسى ابن "نضال البستاني” التي يقال إنها كانت عشيقة للملك السعودي السابق "فهد بن عبد العزيز” وانجبت منه سعد قبل أن يطلقها رفيق وتصبح من بين زوجات الملك رسميا، هل تناسى أن الأزمات الإنسانية التي عصفت بلبنان من خلال ملفات الخطف حلت عن طريق قطر، الدولة المتحكمة بجبهة النصرة والتي كانت حاضرة في ملف العسكريين المخطوفين في عرسال..؟، ثم هل الوجود الإرهابي الحالي في عرسال وجرودها والمناطق القريبة هي مناطق سورية، وإذا ما كانت قوات الجيش اللبناني إلى الآن عاجزة عن اجتثاث هذا التهديد من الرقعة الجغرافية الصغيرة، فهل يطالب المجتمع اللبناني بالسكوت والقبول بوجود التكفيريين كقوة سياسية حاضرة في هذه المجتمع اللبناني لتكون فيما بعد القوة العسكرية التي تقابل قوة حزب الله العسكرية في لبنان، ولكن في صراع داخلي..؟

ومن أطرف ما قاله "سعد الحريري” الذي من اللافت إنه لم يتلكأ في باللغة العربية كما كل خطاب سابق، إنه مستعد للتضحية وأن تيار المستقبل هو من يرسم حدود هذه التضحية، فهل قصد الحريري إنه سيضحي بوجوده في باريس ليكون قريبا من تياره في المرحلة القادمة، أم إنه سيضحي بالعلاقة مع السعودية لأخذ دور وطني لبناني حقيقي في جملة من الملفات العالقة في لبنان.

كما أن محاولة دق الاسافين ما بين حزب الله والقوى الحليفة له من خلال الملف الرئاسي تأكيد على إن الحريري إن بقي في لبنان أكثر من أسبوع فهو آت لعقد صفقات سعودية سياسية مع قوى الداخل اللبناني من أجل ضرب حزب الله في الظهر، ومن السخافة أن يعتبر سعد الحريري الصورة التذكارية مع قيادات قوى "14 آذار” دليلا على قوة هذا التحالف السياسي، فالمواقف أكبر من التذكارات في المناسبات الواهية.

سعد الحريري الذي صنع من مقتل والده بالتعاون مع قوى إقليمية حدثا استغل لضرب سوريا وحزب الله في مقتل، لن يقوى على تحويل "رفيق الحريري” المشهود له بنهب البيروتيين خصوصا واللبنانيين عموما على المتسوى الاقتصادي إلى بطل قومي على الرغم من مرور 11 عاما على مقتله، فمن صنع تلك الحادثة كان يعرف تماما إلى أن يقودها من خلال الزخم الإعلامي المرافق لحادثة اغتيال سياسي لا ترقى لمستوى تسميتها بالشهادة، فرفيق مات ولم يخلف للبنان إلا مزيد من التفرقة في الدولة التي عمل طوال حياته على تحويلها إلى محمية سعودية لصالح أمريكا.

ومن الأجدر للحريري أن يحتفل العام القادم بـ "عيد الحب” على أحد مراكبه الترفيقهية الفخمة أو في أحد قصوره المترامية في دول عدة، بدلا من ادعاء دور القيادي السياسي، أو المتحدث الحامل لهم وطن، حينها سيصدق الجمهور كلماته أكثر، وسيكون لحضوره منطقية أكثر، فجملة ما تقدم به سعد في خطابه بذكرى مقتل والده، جاء معاديا لأعداء إسرائيل، وكأنه يقول على الملء: (أيها السادة.. أنا إسرائيلي).