واشنطن تقف وراء طوفان اللجوء إلى أوروبا
عقيل الشيخ حسين
إملاءات أميركية وراء السياسات الأوروبية في مجال التعامل مع حركة اللجوء، والهدف هو إضعاف أوروبا على طريق تدميرها أسوة بما تفعله الولايات المتحدة أو تسعى إلى فعله تجاه بلدان العالم الأخرى.
لا مبالغة على الإطلاق إذا قلنا بأن الحروب التي تجري في منطقة الشرق الأوسط، أقله منذ الهجمات عل نيويورك وواشنطن في 11 أيلول / سبتمبر 2001، هي لا شيء بالمقارنة مع حرب تستعر بصمت حتى الآن، في أوروبا، ولكن ضجيجها لن يلبث أن ينسي العالم ضجيج الحربين اللتين تسميان بدقة غير كافية بـ "العالميتين" الأولى والثانية، بينما لم تكونا في الحقيقة، وبشكل أساسي، غير حربين أوروبيتين.
والمهزلة أن الحربين المذكورتين لم تكونا أوروبيتين إلا بالمعنى الذي كانت الدماء التي أهرقت فيهما (إذا ما استثنينا دماء المغاربة والأفارقة والهنود الذين كانوا يقاتلون كمرتزقة في صفوف الجيوش البريطانية والفرنسية) دماءً أوروبية، والدمار الذي نجم عنهما دماراً لشعوب أوروبا.
اللاجئون السوريون
كانتا ، بشكل أو بآخر، من صنع القوة الصاعدة يومها والتي أرسلت جيشاً إلى أوروبا بدعوى كاذبة هي تخليصها من النازية التي كانت قد أثخنت بشكل شبه كامل من قبل الجيش الأحمر السوفياتي، قبل أن "تحتل" أوروبا الغربية -التي دمرتها الحرب- بمشروع مارشال.
الحرب التي تدور الآن بصمت في أوروبا الغربية عينها هي حرب بين أوروبا والقوة المذكورة عينها. مع فوارق منها أن تلك القوة لم تعد صاعدة بل هابطة تحاول التخفيف من قوة ارتطامها بالأرض عن طريق وضع أوروبا بينها وبين الأرض لكي تتحطم بدلاً منها، وليمنح ذلك فرصة لبقاء أطول قد تتمكن فيه واشنطن من العودة إلى النهوض.
قنابل بشرية على أوروبا
ولهذه الحرب أيضاً جانبها الهزلي. فهي شبيهة بحروب العرب ضد الكيان الصهيوني، قبل أن تصبح الكلمة العليا فيها للمقاومة : الصهاينة كانوا يحاربون والعرب كانوا لا يحاربون إلا بالمعنى الذي كان يتوجب عليهم أن ينهزموا. وذلك بالضبط ما يفعله الأوروبيون في الحرب التي تشنها عليهم الولايات المتحدة.
بالطبع لا تطلق الولايات المتحدة أية صواريخ باتجاه أوروبا الغربية. ما تطلقه هو ملايين القنابل البشرية تحت أسماء المهاجرين واللاجئين. قالها في البداية الرئيس الروسي بوتين، وقالتها بعده أجهزة استخبارات وقوى سياسية أوروبية.
واشنطن هي وراء إطلاق موجة المهاجرين واللاجئين الحالية نحو أوروبا. والهدف هو، على المدى القريب، إضعاف أوروبا. وعلى المدى البعيد، تدميرها أسوة بما تدمره من بلدان هنا وهناك.
فمن بين أهداف الحروب الأميركية في أنحاءالعالم، وهي حروب تستهدف بلداناً إسلامية بشكل حصري، دفع أمواج بشرية نحو أوروبا. ومن الملاحظ أن واشنطن لا تكف عن مطالبة أوروبا أن باستقبال المزيد والمزيد من اللاجئين.
وهي تمارس ضغوطاً وابتزازاً على بلدان أوروبا، خصوصاً على أقواها وأغناها وأشدها استهدافاً، أي على ألمانيا.
الصهيوني جورج سوروس، قارون العصر، والرجل الذي استولى، بكبسة زر، على ما حققه نمور آسيا من أرباح طيلة سنوات، وأنزل مئة مليون من العمال الآسيويين إلى سوق البطالة هو "المحرك"لموجة اللجوء الحالية إلى أوروبا.
انحنت أمام أوامره أنغيلا ميركل وخففت القيود على دخول اللاجئين إلى أراضيها بعد أن هددها بأنه سيعزلها من منصبها كزعيمة لألمانيا إذا لم تفعل ذلك . . .
وهو قادر على ذلك. أطلق شعار "ميركل يجب أن ترحل" ونشره على نطاق واسع على وسائل التواصل الإجتماعي.
عشرة آلاف يورو
وسوروس الذي يمول معظم ما يسمى بحركات المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين والمنظمات غير الحكومية في العالم، يدفع لمهربي اللاجئين حوالي عشرة آلاف يورو عن كل شخص لقاء تهريبهم إلى شواطيء أوروبا.
وهو، على الأرجح، مساهم أساسي في دعم تركيا بمليارات الدولارات لقاء دورها في فتح حدودها لعبور اللاجئين نحو أوروبا.
وغير بعيد عن سوروس،هناك جهات كمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، الذي دعا أوروبا إلى وضع سياسات شاملة لتوسيع قنوات الهجرة.
والبقية معروفة. "إسلاموفوبيا"، كره للأجانب، تعزيز للخطاب العنصري، تغطية على دور الحكومات الأوروبية في تنشيط حركة اللجوء من خلال مشاركتها في الحروب العدوانية التي غالباً ما تفرض عليها فرضاً من قبل واشنطن. وفي الوقت نفسه استمرار للأنشطة المسيئة لرموز الإسلام الكبرى،وتدبير عمليات إرهابية تعلن المسؤولية عنها جماعات تدعي أنها إسلامية.
وكصدى مباشر للفعل الأميركي، تنبري داعش، بما هي فرقة عسكرية تديرها واشنطن بعد تمويهها بلباس يريد لنفسه أن يكون إسلامياً، تنبري لتعلن عن عزمها إغراق أوروبا بنصف مليون مهاجر بينهم كثيرون من أصحاب الاستعداد لتدمير أوروبا.
أوروبيون كثيرون على علم بنوايا واشنطن السيئة تجاه بلدانهم. فالمظاهرات الكبرى تخرج يومياً في شوارع المدن الأوروبية رفضاً لاتفاقية التعاون بين ضفتي الأطلسي التي لا تعدو كونها وثيقة استسلام اقتصادي أوروبي أمام أميركا. ومعارضون منهم فرانك فرانز، رئيس الحزب الوطني-الديموقراطي الذي صرح مؤخراً بأن للولايات المتحدة "مصلحة جيوسياسية في زعزعة ألمانيا وأوروبا سياسياً" وأن "الأوان قد آن لتقول الحكومات الأوروبية للولايات المتحدة بأن تهتم بنفسها وأن تترك البلدان الأخرى تعيش بسلام".