kayhan.ir

رمز الخبر: 26264
تأريخ النشر : 2015September19 - 20:53

إبتسامة الشيطان

عبدالرحيم الليثي

عندما ترى ابتسامة أحد المسئولين الأمريكان خلال زيارتهم للمنطقة، تعتقد أنهم يحملون الخير.. كل الخير، وأنهم نعم الخل والصديق، الذي يقف بجانبك في حال نشوب أزمات داخلية، رغم أنهم في الأساس من صنعها، باستغلال عملاءه ورجاله في المنطقة، يختفون وراء الكلمات المعسولة والابتسامات المزيفة، وهم في الحقيقة يكنون لنا كل حقد وكراهية، ويضمرون للأمة كلها مخططات التقسيم والتفتيت والإضعاف، هنا ندرك أنهم يعاملوننا بأسلوب "ابتسامة الشيطان”.

جولات جون كيري ومن قبله هيلاري كلينتون واتصالات باراك أوباما وغيرهم، من المسئولين الأمريكان، كلها تسير في إطار مخطط الدولة العظمى الرئيسي للمنطقة، والذي يعمل لترسيخ دعائم الدولة الصهيونية القائمة على أرضنا العربية المحتلة، وللحفاظ على مصالح واشنطن وتل أبيب في المنطقة، وضمان استقرار الكيان الصهيوني، والذي لن يكون إلا بضعف الكيانات القائمة حوله، أو تحييدها أو تجنيدها، وهو ما اتضح من محاولات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لدعم تيارات الإسلام السياسي، الصديقة لواشنطن.

وقد كشفت القوى الوطنية في بعض الدول العربية ذلك المخطط "الصهيو – أمريكي”، لتقسيم المنطقة، بعد تسليمها لعملائهم في المنطقة من رموز وقيادات تيار الإسلام السياسي، "تسليم مفتاح”، خاصة جماعة الإخوان "الإرهابية”، والتي خدعت الشعوب العربية بشعاراتها المزيفة، وساعدتها واشنطن في الترويج لفكرها لتصل إلى الحكم في أكثر من دولة بالمنطقة، وكاد المخطط أن يتم لولا يقظة تلك القوى الوطنية، والتي يأتي في مقدمتها المؤسسة العسكرية المصرية، والتي وقفت بجانب شعب مصر في إقصاء جماعة الإخوان المدعومة أمريكيا قبل تنفيذ مخططها.

ولا أدل من العلاقة الوطيدة بين الإخوان والجماعة مما شهدناه خلال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، خلال العام الذي حكمت فيه جماعة الإخوان مصر، ودور الوساطة الذي قادته الجماعة لدى واشنطن والصهاينة، والخطاب الذي أرسله الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي لصديقه شيمون بيريز، مفتتحا الخطاب بصديقي العزيز شيمون بيريز، وهو ما لم يفعله أي رئيس مصري من قبل، وفي تلك الوساطة، وعد الرئيس الإخواني أصدقائه الأمريكان والصهاينة بضمان أمن إسرائيل ووقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وهو ما تبعه بالفعل من عمليات اعتقالات من حركة حماس – ذراع الإخوان في فلسطين – لعدد من رجال المقاومة في القطاع.

هذا هو النموذج الذي أرادت واشنطن أن تصنعه في الدول العربية، بدلا من أن يظل في المعارضة ويظل يتاجر بالقضية الفلسطينية وعداء إسرائيل، يأتي للحكم ويضمن لهم أمن إسرائيل مقابل ضمان استمراره في الحكم، إلا أن الشعب المصري والشعب التونسي صفعا الإدارة الأمريكية على وجهها برفض بقاء الإخوان في الحكم، وضرب مخططات التقسيم التي تسعى لها واشنطن، لتتحول المنطقة كلها لدويلات صغيرة مطيعة كما هو الحال الذي عليه دويلة قطر، التي تسير في فلك الإدارة الأمريكية.

إن واشنطن لا تريد في المنطقة قطر واحدة، بل تريد تحويل المنطقة إلى ألف قطر، تتحكم فيها كما تشاء، دويلة صغيرة بلا قوة وبلا جيش وبلا إرادة، صديقة لإسرائيل، مطيعة لأمريكا، تضمن مصالح واشنطن، حتى وإن تغيرت إدارة الحكم فيها يومًا ما، فإنها لن تكون قادرة على اتخاذ قرار من تلقاء نفسها، بعد أن تم تقليم أظافرها، وإضعافها.

ونحمد الله أن حبا مصر برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال أقسموا أن يضحوا بأرواحهم فداء لمصر الوطن الكبير، وليس مصر وحدها، بل المنطقة العربية والأمة كلها، فرأينا الرئيس عبد الفتاح السيسي، يسعى بكل جهد لإنشاء جيش عربي قوي، يتحرك بإرادة وعزيمة مشتركة ليحمي الدول العربية من أي أخطار تحدق بها، ولم لا وكل دول العالم تسعى للاتحاد لمواجهة التحديات الراهنة، ولمواجهة التدخلات الأمريكية.

وهنا يصطدم الرئيس السيسي بالمخطط الأمريكي، فالسيسي يدعو للتكتل والاتحاد، وهم يخططون للتفتيت والتقسيم لإضعاف الدول العربية وإخضاعها، لذا سنشهد خلال الفترة القادمة صراع شديد وضغوط أمريكية لوقف مشروع السيسي العروبي، في تشكيل قوة عربية مشتركة، حتى تضمن واشنطن خضوع الدول العربية لها.