جدية ايران وعبثية اميركا
طهران وعلى لسان وزير خارجيتها الدكتور محمد جواد ظريف ردت على كل الطلبات الاميركية حول التعاون لما يجري في العراق بانها مستعدة لمحاربة "داعش" والقضاء عليها في اطار دولي وبمشاركة اممية لان هذه المجموعة تشكل تهديدا ليس للمنطقة فحسب بل للعالم اجمع وكأن طهران تشير في رسالة غير مباشرة لواشنطن بانك غير جادة وغير جديرة بالثقة لمحاربة الارهاب عندما تقسميه الى ارهاب جيد وارهاب سيىء وفقا لما تقتضيه مصالحك وهذا مرفوض جملة وتفصيلا.
وفي الوقت الذي نعتقد ان العراق الجديد بعد الاحتيال على الموصل دخل مرحلة جديدة من الاقتدار والقوة عندما تلاحم شعبه مع مرجعيته الرشيدة العليا وحكومته الوطنية لتعبئة اكثر من مليوني مقاتل من ابنائه للاصطفاف لمواجهة العدوان الدولي والاقليمي الذي واجهته هو جبهة البعثيين التكفيريين، والحاق الهزيمة بها، لكن رد طهران واستعدادها لمحاربة هذا الارهاب المارق هو اختبار لمدى جدية الدول التي تتشدق في محاربتها للارهاب على المنابر وفي المؤتمرات في حين انها الممول والداعم لها واستخدامها ورقة ضاغطة كلما اقتضت الحاجة لها وهذه اصبحت من الحقائق المسلمة بها وليس اتهامات وان الاعتراف بهذا الامر لم يقتصر على الشواهد والدلائل الموجودة على الارض والتي لايمكن انكارها بل ذهبت الى ابعد من ذلك لتعترف الدوائر والاوساط الاوروبية وحتى الاميركية كوكالة "وولدنيت دايلي" التي نقلت عن مسؤولين اردنيين ان تنظيم "داعش" الارهابي سبق له ان تلقى تدريبات عام 2012 من قبل مدربين اميركيين يعملون في قاعدة سرية بالاردن.
واذا ما تجاوزنا هذه المعلومة وكذلك الضوء الاخضر الاميركي المفتوح للذيول في المنطقة بدعم هذه المجموعات الارهابية في سوريا والعراق والذين يتفاخرون بدعمها على انها حركات ثورية كيف يمكن اليوم التغطية على المواقف المفضوحة والمعلنة للبيت الابيض لضرب داعش شرط تنحي المالكي الذي انتخبه الشعب العراقي وهذا تجاوز كبير وخطير على ارادة الشعب العراقي وفرض حكومة وفقا للنسخة الاميركية التي تريد للعراق ان يلتحق بدول الانبطاح العربي التي توفر الحماية للكيان الصهيوني المستفيد الاول من الوضع الحالي التي تستنزف فيها قوى المقاومة في المنطقة.
ان آخر نداء صدر يوم الجمعة عن المرجعية الرشيدة العليا في النجف الاشرف هو في غاية الخطورة بان أي تقاعس لمواجهة "داعش سيندم عليه الجميع." وهذه رسالة جد خطيرة وتحذيرية يجب ان يفهمها اصحاب الشأن خاصة اولئك السياسيين الذين ارتبطوا باجندة خارجية وكذلك اولئك الذين وقعوا في الفخ وتهالكوا للحصول على مكاسب آنية ونسوا تحالفاتهم الاستراتيجية التي حفظتهم وحفظت حقوقهم على طول الخط في عراق موحد وقوي تقطع فيه الايد الاجنبية الاثمة التي تمتد اليه.
على الدواعش السياسيين المغفلين في العراق والذين يطبلون ويرقصون اليوم لانتصارات داعش الوهمية بغية الحصول على المكاسب الخيالية هم اول من يدفع الثمن لان هؤلاء الجناة الارهابيين المتعطشين لسفك دماء المسلمين من مختلف المذاهب اذا ما سيطروا على الاوضاع لاسمح الله لن يسمحوا لغيرهم التصدي للمسؤولية وتجربة سوريا الحية امامكم حيث لم يسمحوا "لجبهة النصرة" المنبثقة هي الاخرى من "القاعدة" وتحمل نفس الافكار التكفيرية الجهنمية من منافستها للسيطرة على الاوضاع في وقت هم باشد الحاجة اليها حيث لازال الميدان مشتعلا ولم يستقروا في مكان ثابت حتى يدخول في دائرة تصفية الحسابات.
وما يجري اليوم على ارض الموصل من تقاتل بين الفينة والاخرى بين داعش والنقشبندية رسالة قوية لكل من اضل الطريق تحت ضغط الاعلام الخليجي المكثف بانه "مهمش" واصبح يتسكع في متاهاته لينتبه على واقعه المرير وينقذ نفسه من الهلاك المحتوم.