kayhan.ir

رمز الخبر: 206321
تأريخ النشر : 2025May11 - 20:19

استئناف المفاوضات منوط بإعتذار ترامب

 

حسين شريعتمداري

 1 – اكدت الكثير من وسائل الاعلام الاميركية المعروفة مثل: "اسوشيتدبرس، ديلي ميل وسي ان ان و..." ان ترامب خلال زيارته القادمة للمنطقة قاصد تغيير الاسم التاريخي للخليج الفارسي الذي يعود لآلآف السنين، يغيره الى "الخليج العربي"! وهذا الخبر ليس لم يُكذب الى الآن وحسب بل ان بعض المسؤولين الاميركيين قد شددوا خلال تصريحاتهم ومدوناتهم على ذلك، اذ ان واحدة من ابرز والاكثر وقاحة ما صرح به السيناتور "توم كاتن"، فقد ابدى ردة فعل على مراسل حين استخدم في سؤال مصطلح الخليج الفارسي، قائلاً: ينبغي أن تصحح سؤالك وتأتي باصطلاح الخليج العربي وليس الخليج الفارسي!

2 – وخلال حديث "ستيف ويتكوف" المبعوث الخاص لترامب للمفاوضات غير المباشرة بين ايران واميركا والذي – حسب فريقنا المفاوض – لم يتجاوز الخطوط الحمر في المفاوضات، خلال حديثه لـ"برايت بارنيوز" وفي تغيير لحن قوله 180 درجة، قال: "ينبغي ان لا يستمر برنامج التخصيب في ايران، ولابد من ازالة المواقع الاساسية: نطنز، فردو واصفهان بشكل كامل ... وعلى ايران ان تخفض فوراً مستوى التخصيب لليورانيوم، ونقل المواد النووية خارج البلد، وتحويل البرنامج النووي الى برنامج مدني....كما ان ايران ليست بحاجة الى تقنية التخصيب لاجل برنامج نووي مدني ... وفيما اذا لم تثمر المفاوضات يوم الاحد سيتوقف مسار التباحث وسنضطر لسلوك مسار آخر... واذا ارتكبت ايران هذا الخطأ، فبامكانها في المفاوضات ان تضيع الوقت، فسيكون البديل الاسوأ بانتظارها، بالضبط كما قال الرئيس الاميركي"!

3 – ان موضوع المفاوضات غير المباشرة الاخيرة كان تعادل بين سلمية نشاطاتنا النووية من جهة وإلغاء العقوبات من جهة أخرى، إلا ان اميركا وبالتزامن مع بداية المفاوضات وخلالها قد فرضت عقوبات جديدة.

فخلال يوم الاربعاء التاسع من ابريل وعلى اعتاب المرحلة الاولى من المفاوضات غير المباشرة بين ايران واميركا في عمان، حظرت وزارة الخزانة الاميركية خمس مؤسسات وشخص بذريعة نشاطات مرتبطة بالصناعة النووية في ايران!

وبعد اسبوع "الاربعاء 16 ابريل" وعلى اعتاب المرحلة الثانية من المفاوضات في روما، حظرت مصفى وشركة وعدة ناقلات تعود للجمهورية الاسلامية الايرانية! ويوم الثلاثاء 22 ابريل وهاى اعتاب المرحلة الثالثة من المفاوضات في مسقط حظرت وزارة الخزانة الاميركية عدة شركات ومركز مرتبط بالنفط الخام والغاز السائل الايراني. وفي احدث عقوبات فرضتها اميركا في الثامن من آيار بالضبط قبل المرحلة الرابعة من المفاوضات بثلاثة ايام، لتشمل مصفى للنفط وثلاثة موانئ في الصين. وجاء في تقرير وزارة الخزانة الاميركية ان هذه العقوبات جاءت لزيادة الضغط على الشركات المستوردة للنفط الايراني!

4 – ان ادعاء ترامب لتغيير اسم الخليج الفارسي ورغم اثره عملياً، اذ ان ترامب ومن حوله من البلطجية احقر من ان يمكنهم تغيير التاريخ والجغرافيا المعروفة والمثبتة عالمياً منذ الآف السنين. الا ان ادعاء الاحمق هذا نقض واضح لسيادة الجمهورية الاسلامية الايرانية واهانة لشعب ايران الشريف والغيور ولجميع الايرانيين الذين قطنوا هذه الارض لقرون متطاولة وربطتهم اواصر قلبية.

5 – ان هذه العملة المزورة لها وجه آخر وهو – حسب ترامب والبلطجية من حوله – اهانة الشعب والنظام المقدس للجمهورية الاسلامية الايرانية! مع ان المفاوضات غير المباشرة مستمرة وبلغت المرحلة الرابعة.

ويثار تساؤل في البين وهو: هل ان اميركا تعير اهمية للمفاوضات المذكورة؟!

فالاجابة الايجابية في احسن احوالها من السذاجة بمكان، لماذا؟! اذ ان جميع القرائن والادلة بين ايدينا وتمت الاشارة لبعضها، لا تبقي ادنى ترديد بان المفاوضات من الرؤية الاميركية هي  حيلة خبيثة تستتبع في الاقل ثلاثة اهداف متقارنة ولكنها متباينة.

6 – الاول: ان ترامب انسان "شبيه بالانسان" معجب بنفسه اشبه بالملك الدكتاتوري الى كونه رئيس جمهورية "!" حتى ان معارضيه – اضافة لكثير من اصحاب الرأي –  وخلال التظاهرات الواسعة ضد ترامب كانوا يرددون "لا نريد ملكاً" قولاً ومكتوباً.

ان ترامب يريد المفاوضات لاجل المفاوضات وليس لاجل حل الامور، وبهذا الدافع يلقي في روع قوى المقاومة والشعوب المتحررة بأن انموذج قيامهم لم يجد بداً سوى التفاوض قبال الاستكبار! ولحسن الحظ فان هذه الحيلة قوبلت بذكاء يضرب به المثل للجمهورية الاسلامية الايرانية حين حلت "المفاوضات غير المباشرة" محل شكل المفاوضات التي كان ترامب يعنيها.

7 – الثاني: وعلى العكس من التصريحات المتتالية لترامب واخرين من المسؤولين الاميركيين الذين يشيرون الى الخيار العسكري المطروح على الطاولة. فليس لاميركا ولا الكيان الصهيوني امكانية مواجهة عسكرية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، ويعلمان جيداً اذا تصرفا بحماقة سيواجهان برد ثقيل لا يمكنهما تحمله. على سبيل المثال  التفتوا الى ما قاله "ريتشارد نفيو" لمجلة "فارين افيرز" واوردناه في مقالنا السابق، فهو ضمن يأسه من تأثير العقوبات على ايران، قال بخصوص الهجوم المحتمل على ايران: "ان تداعيات الهجوم العسكري على ايران ثقيلة للغاية، وفيها احتمال فشل واضعاف اعتبار اميركا. كما ان الهجوم على المنشآت النووية الايرانية لا ثمرة منه، لان التقنية النووية الايرانية محلية وليست مستوردة". ويشدد ريتشارد نفيو على ان "المفاوضات هي الطريق الوحيد لمواجهة وتحييد ايران"!

8 – الثالث: والذي ينبغي اعتباره الهدف الاساس للخصم، ربط الظروف الاقتصادية ومعيشة الناس بالمفاوضات. فمنذ شروع المفاوضات ولليوم شهدنا التأرجح الكبير في الاسعار، سعر العملة الصعبة و... اذ يمكن الاشارة الى تيار ملوث ينشط في هذا المجال، وللاسف لا يتم مواجهته كما ينبغي! وبهذا الخصوص نشير الى تحذيرات قائد الثورة المعبرة. ومنها ما حذر سماحته منه في 15 ابريل بان: " اسعوا على ان لا تربطوا شؤون البلاد بهذه المحادثات، واؤكد على ذلك. فالخطأ الذي ارتكبناه في خطة العمل المشتركة لا ينبغي ان نعيده هنا. فهنالك اوكلنا كل امورنا بتقدم المفاوضات. اي وضعنا البلد شرطاً. حسناً حين يجد المستثمر شؤون البلد متعلقة بالمفاوضات، فلا يقدم على الاستثمار، فمن البديهي سيقول لنجد ما تؤول إليه المفاوضات".

9 – وبالتالي من المقرر ان تجرى المرحلة الرابعة للمفاوضات غير المباشرة بين ايران واميركا في مسقط والسؤال المثار هو انه بالنظر لما مضى وتجاوز الخصم بوضوح لجميع الخطوط الحمر التي وضعت بشكل رسمي ومعلن، فهل ان استمرار المفاوضات من العقل والحكمة؟! فمن دون ادنى شك ينبغي القول انه لاجل الدفاع عن هوية النظام والسيادة الوطنية وما تم توجيهه من اهانة للشعب لابد من ايكال استمرار المفاوضات لما بعد الاعتذار الرسمي لترامب من النظام والشعب الايراني ورد التصريحات العدائية لـ"ستيف ويتكوف" مبعوث ترامب الخاص للمفاوضات، وفي غير ذلك ينبغي – لاجل حفظ حرمة النظام واحترام الشعب – تجنب الاستمرار في المفاوضات.