لماذا هذا التواكل؟!
حسين شريعتمداري
1 – جاء في معاني الامثال لشدة بلاهة البعض انهم حتى اذا امتطوا بعيراً فسيعضهم الكلاب! ولست قاصداً ان اوجه اهانة – لا سامح الله – لبعض المسؤولين، وبالذات المسؤولين المحترمين للشؤون الاقتصادية والامنية والمعلوماتية، إلا انه مع الاشارة لمثل آخر ينبغي القول: "الشيء الواضح في ظهوره فلا ضرورة لبيانه"! فالحديث يدور حول سعر الدولار وتأرجحه المستمر، فهو بعكس ما يشهد في جميع الدول اذ لا علاقة لسعر الدولار بالبرنامج المطروح لاقتصاد البلد، والسؤال هنا هو: من الذي يحدد سعر العملة الصعبة؟! ومن هم الذين رهنوا الحالة المعاشية للشعب بالارتفاع المطرد ودون ضوابط لسعر العملة الصعبة؟!
2 – ان محافظ البنك المركزي "فرزين" قد اعلن في حديث بتاريخ "31 ديسمبر العام الماضي": "هنالك قناة تليغرام مبدأ نظام الخدمة فيه يصدر من اميركا، وتقوم هذه القناة كل يوم الساعة التاسعة صباحاً بتحديد سعر الدولار، وبالطبع يقوم الصرافون بوضع سعر الدولار"!
ان هذا الكلام الصادق للسيد "فرزين" يعكس حقيقة مرة، وهي: اننا جعلنا بيد العدو مقاليد الادارة الاقتصادية للبلاد واقتدارنا القومي وبرنامج الحالة المعاشية للمواطن! أليس كذلك؟! فتصريحات محافظ البنك المركزي بلا رتوش – حتى ان لم يكن عالماً وقاصداً – تستبطن العتاب الشديد على المسؤولين الاقتصاديين والامنيين والقضائيين والمعنيين بشؤون المعلوماتية، وهذا التساؤل يصاحبه اعتراض جاد بانه لماذا يتواكل المسؤولون المذكورون قبال هذه الظاهرة المشينة والمدمرة، ولا يفعلون شيئاً؟! واذا كانوا قد فعلوا شيئاً فلماذا لا نعثر على اقل دليل يبرهنه؟!
3 – لربما يقال ان نظام الخدمة لهذه القناة في اميركا وان الحؤول دون "التوجيه" و"تثبيت الاسعار" لهذه القناة يصعب على المسؤولين! وهنا يثار التساؤل: هل من غير الممكن التعامل الحازم مع الصرافين الذين يستلمون برنامج عملهم من القناة (وبعبارة ثانية من العدو الظاهر في معاداته للشعب والنظام) ويطبقوا كل ما تمليه هذه القناة عليهم؟!بالتأكيد ليس الامر كذلك، وان هنالك تقصير بعدم الاقدام وهو مما لا يمكن التسامح معه لاسيما وان التقصيرمستمر.
4 – افترضوا ان احد المهربين الكبار للمواد المخدرة يرسل من خارج البلاد المواد المخدرة للداخل، ليتم توزيع هذه المواد بواسطة العملاء المنتشرين في انحاء البلد، أليس التعامل مع الموزعين في الداخل من مهام الاجهزة المسؤولة؟! وأليس الموزعون هم أيادي للمهرب الكبير في الخارج؟! فان تم التعامل الحازم مع هؤلاء الصرافين الذين يتلقون الاوامر من القناة الكذائية في اميركا، فلا تتمكن القناة من الاخلال باقتصاد البلاد. ان النصيحة والتعامل الخطابي له ظروفه الخاصة وينبغي فعله ولكن ان لم ينفع هذا الاسلوب فيجب ان يتم اتخاذ الاسلوب الحازم القاطع.
5 – وبالتالي من البديهي القول ان هذا المقال دوّن على اسس حقيقية لا تقبل الشك، وان هذه الاسس يمكن ملاحظتها ولا تفتقر في فهمها الى تخصص اكاديمي في علوم الاقتصاد. ونختم هذه الوجيزة باشارة الى كلام للكاتب الايرلندي الشهير "برناردشو" فهومعروف بخفة الطبع ولطائفة العلمائية. ففي معرض للرسوم وجه انتقاداً لإحدى اللوحات، فثارت ثائرة الرسام الذي رسم هذه اللوحة،وقال لبرناردشو بحدة: انك لم ترسم طوال عمرك لوحة واحدة، فكيف تسمح لنفسك وتنتقد لوحتي؟! فأجابه برنادرشو: انا استطعم البيض المخفوق المقلي اكثر من الدجاجة، في الوقت الذي نتاج هذه البيوض من الدجاجة!