kayhan.ir

رمز الخبر: 205713
تأريخ النشر : 2025April30 - 20:01

اليمن زناد المقاومة المتأهب

 

 قرار الحرب الذي فرض على اليمن ظلماً وعدواناً برواية اميركية زيفت وعي الرأي العام لتمرير اطروحتها بحماية السفن التجارية من هجمات "الحوثيين" في البحر الاحمر، تفندها تقارير استخباراتية غربية واميركية بأن هجمات انصار الله لم تستهدف سفناً اخرى غير مملوكة للكيان الصهيوني او مرتبطة به، وتدلل على ذلك بمرور السفن الاخرى عبر مناطق الحظر المعلنة دون استهداف او اعتراض، الامر الذي يدحض مزاعم الادارة الاميركية ويؤكد مصداقية البيانات الصادرة عن القوات المسلحة اليمنية في حصر الهجمات على الضغط على الكيان لوقف مجازره وجرائمه التي يرتكبها على مدار الساعة في غزة. فليست ذريعة حماية الملاحة الدولية سوى غطاء لاهداف استراتيجية، فالغارات الاميركية تسعى لازالة اي قيود لوجستية او اقتصادية لاستمرار هذه الحرب كما تسعى الى منع الاستهداف العسكري المباشر للكيان الصهيوني من قبل القوات المسلحة اليمنية. هذا اضافة الى الغطاء العربي لهذه الحرب في المجالات الاعلامية والاقتصادية والسياسية. فعندما يتنصل الفكر السياسي العربي عن مبدأ تدمير "اسرائيل" ويتراجع الى مبدأ التعايش معها، فما الضابط الذي يحافظ على قدسية الفكرة عندما نقفز على الثوابت. اذن اكتملت دائرة المؤامرة على المقاومة اليمنية بانسجام وتكامل فالوفاق الدولي والتراجع العربي باتجاه التقارب مع "اسرائيل" والتسوية السلمية لازمة الشرق الاوسط. كل ذلك لم يسجل نتائج حاسمة على مايبدو حيث لم يحصل اي تبدل او تموضع عسكري جديد بل ان حركة انصار الله اظهرت قدرة على التأقلم والرد على الاعتداءات الاميركية وافقدتها قدرتها التأثيرية في بيئة الصراع غير المتناظرة. فيكفي الدليل على فشل اميركا في ردع اليمن من خلال الهجمات الجوية انها تكبدت منذ بداية العمليات الغذائية في مارس 2024 اسقاط 25 طائرة مسيرة اميركية متطورة من طراز "MQ – 9".ثلث هذا العدد من الطائرات تم اسقاطها خلال العمليات الاخيرة التي اطلقها ترامب وهي طائرات باهظة الثمن. بينما معظم الضربات الاميركية لم تكن دقيقة فقد أصابت أسواقاً شعبية واحياءً سكنية ومقابر وآخرها قصف مركز احتجاز للمهاجرين الافارقة يقع في صعدة مما اسفر عن استشهاد واصابة اكثر من مائة شخص من الابرياء امام صمت الامم المتحدة ومؤسسات حقوق الانسان وعدم اكتراثها بهذا الانتهاك الصارخ للقانون ولسيادة اليمن. وهذا يعكس مدى انفعال القيادة الاميركية وحنقها لما تكبدته من خسائر لاسيما بعد تراجع حاملة الطائرات "ترومان" من مركزها في البحر الاحمر رغم وجود قطع حربية لحمايتها، وهو ما صرح به رئيس المجلس السياسي الاعلى في اليمن "مهدي المشاط" بان حاملة الطائرات قد خرجت من الخدمة العملياتية نتيجة ضربات مباشرة من قوات انصار الله افقدتها السيطرة والقدرة القيادية وقد اجبرت اميركا على سحبها واستبدالها بالحاملة "كارل فينسون".

اضافة الى اعتراف القيادة الاميركية بتسبب الصواريخ والمسيرات اليمنية في اسقاط المقاتلة "اف – 18" من على متن الحاملة "ترومان".

وهذا الاعتراف يتماشى مع ما اعلنه العميد "يحيى سريع" في بيانه حول الاطار التكتيكي القتالي الذي تتبعه القوات المسلحة اليمنية والذي يهدف الى افشال الاعتداءات الاميركية، خاصة بعد تحييد الطائرات التجسسية"ام كيو – 9"، واصرار القوات اليمنية على موقفها المبدئي بدعم قطاع غزة والوقوف بوجه الهيمنة الاميركية في ظل تراجع فاعلية ادوات الردع التقليدية التي لطالما اعتمدتها واشنطن في مواجهة غير متكافئة، وبالتالي يظهر تأكل النفوذ الاميركي في البحر الاحمر، مما يجعلنا نؤمن بأننا امام نهاية الردع التقليدي الاميركي، اذ بالرغم من الاعتداءات الجوية المكثفة فانها لم تسجل نتائج حاسمة ولم يحصل اي تبدل او تموضع عسكري جديد، بل ان حركة انصار الله أظهرت قدرة على التأقلم والرد، اضافة لقدرتها على اختراق شبكات الاتصالات والمراقبة، وهي رسائل الى حلفاء واشنطن في الخليج الفارسي الذين يعتمدون على القوة الاميركية كضمانة للاستقرار والحماية، ويعزز موقف محور المقاومة ويستقطب المزيد من التأييد الشعبي بأن الحروب الحديثة لم تعد حكراً على من يملك احدث الاسلحة بل من يمتلك القدرة على اعادة تعريف الساحة القتالية باعتماد الصبر والمرونة في خوض حرب طويلة النفس وهذه الانتصارات لن تبقى حبيسة اليمن بل ستتجاوزها الى كل حركات المقاومة في المنطقة، اذ ستعاد كتابة المعادلات من جديد ورسم ملامح الردع في الشرق الاوسط. من كل هذا ندرك ان الصراع ليس كما تتوهمه النفوس الضعيفة من المنبطحين امام القوى الغاشمة بما تحدده الالة العسكرية المتطورة، وان صح ذلك لتلاشت الحضارات والامم العريقة في مدنيتها، بل هي كلمة حق أمام سلطان جائر، وهو وعد الهي وسنة كونية، فلن تموت الرسالات بموت الرسل، واكدها الكتاب "افإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم". كما قرع بني "اسرائيل" "ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين*قالوا يا موسى ان فيها قوماً جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرحوا منها..." المائدة / 22.

وفي قبال هؤلاء يسجل الكتاب الموقف الحر للمؤمنين بقوله: "قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين" البقرة / 249.

وفي المقابل يؤيد الله المؤمنين بالرعب لهزيمة الكفار: "وقذف في قلويهم الرعب فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً" الاحزاب / 26.

ومع كل هذه الوعود الالهية هل تبقى ذريعة أمام الانظمة المتخاذلة الجبانة في منازلة اعداء الامة، ام سيرثون من اسلافهم كلمة الباطل: "فاذهب انت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون" ليبقوا في التيه الذي قطعوه على انفسهم "فانها محرمة عليهم ...يتيهون في الارض".