السجال النووي والخاصرة الضعيفة لاميركا
حسين شريعتمداري
1 – استؤنفت أمس "السبت 19 ابريل" الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين ايران واميركا في روما. فيما كانت الجمهورية الاسلامية الايرانية شددت ان يكون موضوع المفاوضات بخصوص الملف النووي حصراً، ولا يتم التطرف لمواضيع اخرى مثل؛ القدرة العسكرية والصاروخية لايران والحضور في المنطقة، ومعدل تخصيب اليورانيوم و...
فالجولة الاولى من المفاوضات كانت ضمن هذا الاتفاق، ولم يخرج المبعوث الاميركي مساعد ترامب "ستيف ويتكوف"، ولكن بعد انتهاء الجولة الاولى وخلال الحديث لـ"فاكس نيوز" اعاد الادعاءات السابقة لاميركا بالتزامن مع المساعد الاول لترامب "جي.دي.فينس"، ووزير الدفاع الاميركي، وترامب نفسه قائلاً: ينبغي ان يكون البرنامج الصاروخي لايران من ضمن المواضيع التي تعالجها المفاوضات و...!
ولما كان المبعوث الاميركي قد خرج عن الاطار المتفق، فان شدد مرة اخرى خلال المفاوضات الثانية على ما طرحه لـ"فاكس نيوز"، فان استمرار المفاوضات ستواجه بعقبة جادة اي عبور الخصم من الخط الاحمر لايران. وكان الدكتور عراقجي قد صرح خلال اجتماع مع نظيره الروسي؛ "لدينا شكوك جادة حيال نوايا ودوافع اميركا" وهو ما يحتمل ان يكون له علاقة بتصريحات ستيف ويتكوف قبل بداية الجولة الثانية للمفاوضات.
2 – في شباط عام 2002 وبعد الزيارة الثانية لمدير الوكالة اللدولية للطاقة النووية "محمد البرادعي" الى ايران، وفي اشارة الى مطالب الوكالة التي هي اشبه بالذرائع فلم تتطابق مع نص معاهدة "الحد من انتشار الاسلحة النووية – NPT"، كتبت حينها مقالاً، ان البرنامج النووي الايراني ليس الموضوع الاساس المثير للجدل ليبدأ من هذه الزاوية وباعتماد نص معاهدة NPT وتصريحات البرادعي، قلنا ان البرنامج النووي لايران ذريعة لمواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية. في ذلك المقال وفي اشارة الى المادة العاشرةمن معاهدة NPT اعتبرنا الحل الوحيد الذي امامنا هو الخروج من هذه المعاهدة، واكدت انه لما كان الجدل النووي مجرد ذريعة فسوف لا يتم التوصل الى نتيجة.
3 – مقال صحيفة كيهان ووجه حينها باعتراضات واسعة لمسؤولين اميركيين، والدول الاوروبية ووسائل الاعلام الغربية، وفي الداخل اقام ادعياء الاصلاح الدنيا ولم يقعدوها ضد مقترح كيهان "وهذه الايام تكون مراجعة هكذا نماذج موضع عبرة ودرس". وهكذا تمت متابعة الجدل النووي بحضور ثلاث دول اوروبية هي بريطانيا وفرنسا والمانيا "الترويكا الاوروبية". فتقدمت الترويكا الاوروبية بعد جولات من المحادثات مع المسؤولين الايرانيين، تقدموا باقتراح عقد اجتماع نهائي في لندن، وتقرر ان تعرض ايران ادلتها على عدم وجود انحراف في البرنامج النووي الايراني من الحالة السلمية الى العسكرية "انتاج السلاح النووي"، وتضمن ايران عدم حصول هذا الانحراف وفي المقابل تعلن الترويكا الاوروبية والوكالةالدولية بانتهاء الجدل الحاصل. ولكن في اجتماع لندن اعلنت الدول الثلاث ان افضل ضمانة تقدمها ايران هي التخلي عن النشاط النووي!
4 – وكنا قد اوردنا قبل اسابيع في مقال للصحيفة؛ "ان اميركا تعلم جيداً ان ايران ليست بصدد انتاج السلاح النووي "لا تريد لا انها ليس بامكانها" وان الحؤول دون انتاج السلاح النووي من قبل ايران كان ذريعة لفرض العقوبات وليست السبب الباعث لذلك.
ان "جورج فريدمن" مدير عام وكالة المعلومات والمراقبة الستراتيجية الاميركية وكان مستشار الجيش والحكومة الاميركية في مجال الدفاع والامن القومي، واستاذاً في كلية "ديكينسون" الاميركية للعلوم السياسية لمدة عشرين عاماً. هذه الشخصية خلال اجابتها على سؤال مراسل صحيفة "يو.اس.اي.تودي" الاميركية بخصوص السجال النووي بين ايران واميركا، يقول: " ليست مشكلة اميركا مع ايران حول النووي الايراني وانما هي ان ايران قد اثبتت انها ليس من دون العلاقة مع اميركا وحسب بل حتى في حال التخاصم والعداء يمكنها ان تكون القوة الاكبر في المنطقة عسكرياً وتقنياً. وهذا ليس بالانموذج المقبول لدى اميركا! واستتبع الربيع العربي". وهذا ما انزله فريدمن في كتاب "العقود الآتية".
5 – ان تصريحات ستيف ويتكوف بعد انتهاء الجولة الاولى من المفاوضات غير المباشرة في عمان دللت على ان اقتراحه السابق لا يرقى لاكثر من مراوغة سياسية قذرة، وان اميركا على العكس من النقاب الذي وضعته على وجهها يوم السبت السابق مازالت متشبثة باسلوب فرض الاتاوات! من هنا فان ارادة اميركا ان تعبر الخطوط الحمر المعلنة من قبلنا فعليها ان لا تتردد، كما اقر جورج فريدمن وبشهادة عشرات الشواهد غير القابلة للانكار، فان الجدل النووي سيكون ذريعة للمواجهة مع اقتدار وتطور ايران العلمي وسيكون الحل في الخروج من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي.
6 – ولنلقي نظرة الى المادة العاشرة من معاهدة NPT ! "المادة 10 // ينبغي ان يكون لكل دولة الحق في رعاية سيادتها القومية اذ حينما تشعر بأن أموراً غير معتادة بما يتعلق وهذه المعاهدة تعرض المصالح الحيوية للبلد للاخطار، ان تخرج من المعاهدة وفي هذه الحالة فانها قبل ثلاثة اشهر من خروجها ان تطلع جميع حلفائها ومجلس الامن التابع للامم المتحدة، انه في هكذا حالة ينبغي قيد الحالات غير الطبيعية التي حسب ذلك البلد تتسبب في تعرض مصالحها الحيوية للخطر". فهل خلال الجدال النووي والذي استمر لاكثر من عقدين لم تتعرض مصالح البلد الحيوية للخطر؟! فان كانت الاجابة ايجابية وهي كذلك فلماذا حسب المادة 10 من المعاهدة NPT لا نخرج من هذه المعاهدة؟! فخروجنا قانوني ومستل من نص المعاهدة المذكورة.
7 – يكفي ان ننظر الى مقترح كيهان حول ضرورة الخروج من معاهدة NPT في حالة ان يتم طرحه من قبل صحيفة ولاقى اعتراضاً شديداً من قبل المسؤولين حينها، كيف احدث ضجة بين المسؤولين الغربيين؟! أتظنون لماذا؟!...انه لسبب ان يكون خروجنا من NPT
من جهة انقاذ ما لحق ببرنامج بلدنا النووي من جدل مفروض ومن جهة ثانية لانه الخاصرة الضعيفة لاميركا وحلفائها. من هنا فأن مسار المفاوضات اليوم سيكون مصيرياً.