القطرة بحر إن سكبت في البحر
حسين شريعتمداري
1 – انطلقت أول أمس المسيرات الجماهيرية لمناسبة 22 بهمن، بحشود اوسع من السابق، لتدوس آمال اميركا وحلفائها الغربيين والعبريين والعرب، ولتتحول الاحلام التي كدسوها في مخيالهم لهذا اليوم الى كابوس مؤرق. ويذكرنا بما كان يرتجزه الاعداء خلال الايام القريبة من مناسبة 22 بهمن وكيف ذهبت أدراج الرياح توقعاتهم، بتبجحات وادعاءات مجانبة للواقع التي سطرها مثيرو حرب الجمل "وتتطابق هنا على اميركا وحلفائها" خلال الفترات التي سبقت حرب الجمل واعقبته. فكان وصف امير المؤمنين عليه السلام لجبهتي القتال المحتشدين في مواقعهم؛ "وقد ارعدوا وابرقوا ومع هذين الامرين الفشل، ولسنا نرعد حتى نوقع ولا نسيل حتى نمطر..." الخطبة 9 من نهج البلاغة.
2 – واحدة من الاحصاءات – والتي تتطابق مع الواقع الخارجي – افادت ان اكثر من 70% من الذين كانوا إبان انتصار الثورة الاسلامية على قيد الحياة قد رحلوا منها، ومع ذلك فأن عديد المشاركين في مسيرات 22 بهمن يزدادون سنوياً. وهذا الامر يعكس بوضوح ان الثورة الاسلامية ومع مرور الايام ليس لا يبهت لونها وحسب بل هي تنتقل الى الجيل الثالث والرابع.... .
فالحضور الحاشد والمتلهف للشباب واليافعين في مسيرات 22 بهمن لاسيما مسيرات أول أمس لهي شاهد آخر على مدى ما تتصف به الواقعة من بركة.
3 – ان فطنة الشعب ويقظته وما يتمتع به من قدرة تحليلية مميزة يضرب بها المثل هي خصيصة اخرى من ملحمية الحضور الجماهيري أول أمس. فشرح ما يمر به غالبية الشعب من مشاكل اقتصادية منغصة غني عن البيان الا ان تمتعه بقدرة فهم وحسابات ذكية يحول دون ان يحمّل المشاكل الناجمة عن سلوكيات على اصل النظام، فالشعب بحنكته قد أدرك – على سبيل المثال – ان الحادث المروري الذي تسبب في تصادم العديد من السيارات جراء خطأ أحد السواق أو عدد منهم في طريق سريع أو جراء عامل طبيعي مثل هبوط الثلوج والعواصف فلأجل احتوائه ينبغي معاقبة السواق الخاطئين وحتى لو سحبت منهم رخصة السياقة "وللأسف قليلاً ما يغرمون أو حتى لا يغرمون" ويعلمون جيداً انه لا ينبغي وليس صحيحاً ان يغلق الطريق السريع ويخرج من الخدمة، اذ ان ادامة السير منوط بحفظ الشارع العام.
تأسيساً على ذلك فأن شعبنا الحاذق يفرق بين حسابات الثورة الاسلامية ومنهجية المسؤولين أو ما تقع من مشاكل خارجة عن السيطرة وفي تقييمهم الفطن لا يخلطون بين برامج العمل واساس النظام والى الآن لم يعكسوا ذلك في الواقع!
4 – ومن الخصائص البارزة لمسيرات 22 بهمن هذا العام، الكلمة الذكية الماحقة للاعداء للدكتور بزشكيان رئيس الجمهورية المحترم. فهو ضمن تقديمه تحليلاً دقيقاً عن ملابسات هذه الايام، قد استقبح وقلل من ما يصدر من رجز لاعداء الخارج لاسيما رئيس جمهورية اميركا المجنون والعديم الاحساس. ففي الوقت الذي شدد رئيس الجمهورية "بزشكيان" على التعاليم الاسلامية ومبادئ الثورة والمنهجية الحكيمة لسماحة قائد الثورة المعظم، تصدى للعدو بعباراته التي عكرت صفو احلام الاعداء الظانين ظن السوء بمكانة الجمهورية الاسلامية الايرانية المقدسة، فيما اكد روح الامل والعمل والسعي لتجاوز المشاكل.
5- وبالتالي لابد من القول؛ ان الشعب الايراني العزيز قد ادرك بفطنة وهذا الدرك الملحمي قد امتد معه لـ46 عاماً بأن القطرات اذا تواصلت معاً، فتخرج عن كونها قطرات وانما ستتحول الى بحر، فهم قد قرأوا وفهموا معنى العبارة؛
القطرة بحر ان سكبت في البحر
وإلا فهي قطرة والبحر بحر