زيارة الرئيس روحاني والآفاق الجديدة
زيارة الرئيس روحاني لتركيا الذي سيحل اليوم ضيفا عليها لمدة يومين بناء على دعوة رسمية من الرئيس عبدالله غل، تأتي في سياق توجهات ايران واولوياتها للعلاقات مع دول الجوار وهذا نهج ثابت في سياستها الخارجية التي تركز على المشتركات مع هذه الدول التي تجمعها ا كثر من قاسم مشترك وان اختلفت معها احيانا في الرؤى والقضايا ذات الاهتمام المشترك، لان ذلك نابع من قناعاتها الراسخة بان توطيد العلاقات مع الخارج تبدأ بالجوار.
وانطلاقا من هذه القاعدة فان زيارة الرئيس روحاني تهدف اساسا الى رفع مستوى العلاقات بين البلدين وتعزيزها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها والتي ستتوج بتوقيع ست اتفاقيات للتعاون المشترك كدلالة واضحة على اهتمام قيادتي البلدين على تمتين العلاقات الثنائية الى المستوى الذي يطمح اليه الجانبان وهو الوصول الى سقف 30 مليار دولار من التبادل التجاري. وللدلالة على اهتمام البلدين البالغ لرفع العلاقات الثنائية الى اعلى مستوياتها هو اناطة رئاسة اللجنة العليا للتعاون الاستراتيجي بين ايران ولتركيا للرئيس روحاني واردوغان بشكل مشترك.
المراقبون ينظرون الى زيارة الرئيس روحاني الى تركيا في هذه المرحلة الحساسة التي تلت الانتخابات الرئاسية السورية التي حسم فيها الشعب السوري امره في اختيار مستقبله ورئيسه بانها سترسم آفاقا جديدة ليس في مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين الذي شابها بعض الفتور بسبب الازمة السورية وموقف الطرفين المتناقض تماما لما يدور على الساحة السورية، بل حتى في القضايا الاقليمية ذات الاهتمام المشترك بسبب ما سيفرزه الواقع بعد تفويض الشعب السوري للرئيس الاسد لولاية ثالثة، لان تركيا بحاجة ماسة لايران في ترتيب علاقاتها مع دول الاقليم المتصدع.
وايران يوم اتفقت مع الاتراك على ابعاد الملف السوري من مسارالعلاقات الثنائية، كانت على قناعة تامة بصوابية مواقفها العقلانية بعيدا عن العواطف والتطورات الموسمية والرهان على الاوهام في تصدير "الديمقراطية" بقوة السلاح والارهاب لاسقاط الحكومات وفرض الوصاية على شعوبها وهذا ما يتعارض مع كافة القوانين والاعراف الدولية والانسانية.
ونقولها للتاريخ وللاجيال الحالية ان الجمهورية الاسلامية في ايران لم تألوا جهدا ولا تترك فرصة الا واستثمرتها لاقناع كل الاطراف بما فيها تركيا بان الازمة السورية ليس لها حل الا عبر بوابة الحوار وصناديق الاقتراع حيث يكون الشعب السوري هو الفيصل وهذا ما ثبت اليوم على ارض الواقع وعلى الاخرين ان يتكيفوا معه واذا ما شذوا عن ذلك فسيضعوا انفسهم في معركة مفتوحة مع الشعب السوري وهذا خلاف لمنطق التاريخ وسننه ولا اتصور هناك عاقلا يقدم على مثل ذلك بعد اليوم، اللهم سوى الانتقام المحض لهزيمته.