kayhan.ir

رمز الخبر: 17416
تأريخ النشر : 2015April10 - 20:12

العدوان على اليمن و الحرب على سورية، وأسرار الشياطين

نمير سعد

ما بين إدلب وصنعاء، نجمةٌ لداود ترقص في لهيب النار...

الجرح السوري القديم قدم ساعات وأيام السنوات الأربع الماضية، الجرح الذي يأبى عبدة الشيطان أن يتوقف نزفه أو أن يشهد إندمالاً ،والحدث الجلل الأخير والتطور الخطير في اليمن، الذي ستتجلى وتتبلور تطورات وتداعيات إفتراضية له في المرحلة المقبلة تمتد وتطال دولاً عديدة وأشباه دول، و لكل من لم يلحظ وجه الحقيقة ويقرأ تفاصيل المشهد، نقول: تمعن وتفكر أكثر، وراقب وتابع أكثر، تصل دونما كثير عناء إلى عنوان عريضٍ طويل، لكنه واضح كما شمس حزيران، عنوانٌ يقول.. ثمة تشابك حقيقي و خيوط تربط بين التحالف الشيطاني الأخير والعدوان على اليمن و المجازر التي ترتكب فيه على أيادي مجرمي يهود خيبر، وبين التصعيد المتزامن وغير المسبوق على جبهتي الشمال والجنوب في خارطة الحرب على سورية، كان مكشوفاً إلى حدٍ بعيد أن التطورات الأخيرة ما كان لها أن تكون لولا أن هناك تنسيقاً على أعلى مستوى بين أفرقاء العدوان هدفه الأساس، وضع حدٍ لسلسلة الإنتصارات التي حققها الجيش السوري في الفترة السابقة، و تعويض إنشغال يهود الحجاز بعدوانهم على اليمن، بتصعيدٍ واسع النطاق و غير مسبوق، تمثل بجهودٍ ومهماتٍ تصدى لها بالتعاضد والتكافل والتنسيق، المقامر الأردني والواهم العثماني، فكانت غزوة قطعان الإرهاب في الشمال السوري مدعومة من حكومة أردوغان، التي قدمت لها العون العسكري واللوجستي الإستخباري حتى تمكنت من إحتلال مدينة " إدلب "، وكان قبلها الدعم غير المحدود من قبل النظام الأردني لعصابات جبهة النصرة، ما مكنها من السيطرة المرحلية على " بصرى الشام " ،ثم كان يوم ، التسلل المشبوه للدواعش إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، التسلل الذي يؤكد حالة التماهي والتبعية لذات السيد، عند كلٍ من جبهة النصرة و تنظيم داعش الإرهابيين، فما بات معروفاً، أن ذلك التسلل ما كان له أن يتم لولا التنسيق الذي قام به كلا التنظيمين التكفيريين الوهابيين، ودائماً، بناءً على أوامر من يقود النشاط الإرهابي في عواصم إدارة العدوان، " تل أبيب وواشنطن وإسطنبول والرياض "، وكان بعده أو بالتزامن معه إغلاق مليك الأردن لمعبر نصيب الحدودي، الإغلاق المفضوح الذي كان ضرورةً وتمهيداً لخطةٍ محكمةٍ مدروسة تهدف إلى سيطرة إرهابيي جبهة النصرة على المعبر الوحيد بين سورية والأردن، ما سينقل تدفق قطعان الإرهاب وشاحنات السلاح من عتمة الليل سراً، إلى وضح النهار جهاراً.

بات مفضوحاً أيضاً أن هناك محاولة هزلية لتعويم و تقديم " جبهة النصرة " الإرهابية، كطرفٍ مسيطر على مساحات كبيرة من الأرض , فاعل في أية حلول مستقبلية قد تكون ثمرة مفاوضات سياسية، وهو ما لن يكون بالمطلق، لأن سورية بكل مكوناتها ترفض وتلفظ الوباء الإرهابي الوهابي أكان ممثلاً بجبهة نصرة أم داعش أم جيش الإسلام أو أي فصيلٍ تكفيري دموي إجرامي آخر. هي مفاصل وعناوين مهمة تفرض على من يكتب من هذا المنطلق، الخوض أعمق في هذا الشأن، تشريحاً وتمحيصاً وكشفاً وفضحاً، سلاحه الحرف والكلمة في ضيافة العقل والمنطق.. والكلام هنا، لمن لا زال عقله يعشق الغوص في عوالم الحقيقة، الحقيقة التي تسبح في أيامنا هذه ما بين العتمة وتيه العقل والجنون والغدر، لمن لا زال يجرؤ على الوقوف وجهاً لوجه أمام فظاعة قبح أصحابها، مهما بلغت خطورتها و شناعة وبشاعة و رداءة وفظاعة ودمامة تقاسيم وجهها، وإنحراف و نشاذ وشذوذ أبطالها. هي الحرب التي يتحدد إيقاعها في تل أبيب، ويتم إختيار أنغامها في مقرات مكاتب الموساد الصهيوني وتوابعه، لتناسب وتلائم من لا يجيد الرقص إلا على الأشلاء في مستنقعات الموت والدماء

الأسئلة المشروعة تهبنا أجوبتها بالمجان...

من يتابع فحيح أفاعي يهود خيبر، والسحالي التي اشترتها بالمال النفطي القذر، نزولاً عند رغبات الشيطان الأكبر. و رجع صدى لهاث الواهم العثماني، الحالم بتحقيق ما عجز عن تحقيقه على مدار سنوات عمر الحرب على سورية، يسمع لا ريب همساً فضائحياً ونواحا فجائعياً للحقيقة، يكشف المستور من خلال جردةٍ من التساؤلات المشروعة والإحتمالات المستقبلية، القريبة والبعيدة حول ملامح القادم من الأيام. لنا أن نلاحظ هنا أن بعض الحقائق تسارع في حركة إحتجاجية تدعمها البداهة، إلى وضع الأجوبة على طاولة الوعي الجمعي، وتترك لكل منا حرية إستنباط شكل وملامح السيناريوهات الواردة بناءً على مضمون الأجوبة.

الإحتمالات الواقعية.. تعالوا نجرب اليمن أولاً:

ليس المقصود هنا بالتأكيد” الإحتمالات المسندة إلى الواقعية والعقل والمنطق "، وإنما، إحتمالات الأمر الواقع، فاليمن بات حقل التجربة الأولى، وميزان الإستمرار والمضي قدماً في قادم الزمان في حفلات الجنون والعدوان في غير ساحات من عدمه، أو غرس الغزاة لرؤوسهم في رمال الصحراء التي احتلها اليهود دونما حربٍ ولا عناء، خجلاً من هول الهزيمة والعار والشحار، أو هرباً من سهام الأسئلة المباحة التي تتشح بالسواد وتغتسل بالدم، في عيون أطفال ونساء وشيوخ اليمن الذي كان سعيداً حتى آن أوان زمن ربيع صهيون، فباتت أرضه وسيادته وكرامته، و دماء أبنائه تستباح، على مرأى وسمع الكون بأسره، في تكرارٍ مفجع لمشهديات الألم والدماء الذين أغرقا سورية طوال عمر الحرب الصهيو- وهابية عليها.

حسناً.. ماذا عن اليمن واليمنيين؟..

في زمن العدوان السافر الكافر على اليمن ،، يندثر التوزع العرقي و القبلي و الطائفي لصالح الإنتماء لليمن.. لليمن وحسب، في زمن إمتهان الأعراب لكرامة اليمني تتضاءل المساحة المتاحة للتوزع المذهبي، ويغدو الكل يمنياً، يمنياً وحسب، هذا ما ينطق به العقل على أقل تقدير، لكن الدرس " السوري... اليمني " ينبهنا إلى حقيقة مفادها أن بعض ضعاف النفوس من المرتزقة وعبدة المال، أو ممن يتقدم عندهم إنتماؤهم الطائفي على انتمائهم لأرض وتراب اليمن قد يشكلون رافعةً هزيلةً يستند إليها أفرقاء العدوان ساعة الضرورة، وهذا ما تبدى في إستغلال جماعة القاعدة في اليمن، - المستفيد الأكبر من الغزو " الآل خيبري " -، لتهاجم مناطق جديدة وتحاول إحكام سيطرتها على مساحة أوسع من أراضي اليمن، سيطرةٌ كان مثالها الأخير مدينة " المكلا " في حضرموت. لكن التاريخ يذكرنا أيضاً بأن اليمنيون في غالبيتهم لم و لن ينسوا قناعات وحقائق تقول بأن المملكة قد اغتصبت جزءًا من أراضيهم وضمتها لباديتها المترامية الأطراف. لم ينس اليمنيون بعد ولن يفعلوا، وجوه ودماء شهدائهم الحاضرةً أبداً في وجدانهم، الوجوه التي تناجي اليوم رفاق درب الشهادة ممن ترتحل أرواحهم في هذه الحرب، والقاتل المجرم السفاح ذاته، وساعة يتعلق الأمر بعدوان يصيب البشر والحجر والمقدرات والمنشآت والمطارات والموانئ والقواعد الجوية، فلن يكون ثمة متسع لأي منطق لتفهم الأسباب والدوافع وتبريرها.. أجزم أن العدوان الكافر للأعراب بقيادة آل سلول سوف يوحد - غالبية اليمنيين - في موقف وخندقٍ واحد بغض النظر عن إنتماءاتهم الحزبية أو الطائفية، و ها نحن نتابع اليوم بأن غارات الحلف العدواني لم تحل دون تقدم الجيش اليمني ليسيطر على القصر الرئاسي في " عدن "، القصر الذي كان يؤمل أن يكون قريباً مكان إقامة التابع الفار " عبد ربه منصور هادي " ،هي حماقة سعودية تداعب الجنون وتعانق الإنتحار، يقدم عليها يهود خيبر الآل سعوديون.

الإحتمالات الخرافية، و أسرار المعبود الجديد القديم:

إحقاق الحق وإعلان الحرب على المحتل الإسرائيلي لفرض شرعية أصحاب الأرض من الفلسطينيين، " لا بأس إن إبتسم بعضكم أو كلكم هنا "، هو شأنٌ لا مناص من المرور على الشائن في تفاصيله و لا مهرب من فضح وكشف المخزي فيه. بل إن وضعه تحت مجهر الحقيقة هو واجبٌ وطني مقدس، وتشريحه ونشر ما يتلطى داخله من الغسيل القذر أمام حدقات الوعي المتبقي، هو أفضل عند كل الآلهة وأعظم أجراً من الحج إلى أكثر " بورصات النفط " قذارةً وقرفاً وشناعة و نجاسة ورجساً ودنساً. صدًى لحشرجات وهمهماتٌ " آل سعودية " تقول: لا تحرجونا مع أسيادنا، فهناك مقابل رفات وشائج أعرابية مهلهلة ومهترئة تجمعنا، إنتماءً مقدساً و حالة من العبادة والعبودية، تجمعنا و أصحاب الرسالة التلمودية، وخطوطٌ حمراء مقدسة، وآياتٌ تؤكد أن عبدة الشيطان، سيما من كانوا من نسله وخلاصة لقاحٍ إشتركت فيه نطفته، هم خدمته الأذلاء، و جنده الأوفياء، ومقاتلوه الأشداء ،ودوائه إن ألم به الداء، وحراسه من كل بلاء، وما نحن سوى عناوينٌ فاضحة لكل ما ذكرنا. عن هذه الإحتمالات لن نستفيض هنا، فتلك حكاية لعارٍ لا يرتضي إلا أن تفرد له صفحات مقالٍ تخصه، وتغوص عميقاً في مستنقعات المهين فيه والمشين.. مقالٌ قرر القلم أن يشرك فيه معادلة إختصار وتقزيم " الأمن القومي الأعرابي " بأمن مهلكة آل سعود ومن خلفها، الصهيونية العالمية وعلى رأسها.. سلطات الإحتلال الإسرائيلي.

الإحتمالات الإنتحارية.. إئتلاف الجنون والقلعة الدمشقية:

وهي الأسوأ والأكثر كارثية وفجائعية ودموية، والأكثر تهديماً وتحطيماً وتمزيقاً وتشتيتاً لمقدرات البلدان التي قد تكون مسرحاً لها. وهي عودةٌ أكيدة في دائرة الزمن عقوداً وربما قروناً إضافية إلى الخلف، وصولاً لعصور أجداد الغزاة، أبا جهلٍ وأبا لهب. هنا لا نستطيع الهروب من الأسئلة التي تجول في خاطر بعض أبناء الشعب السوري تحديداً، اسئلةٌ يقول مختصرها المفيد.. هل سيكون للقلعة الدمشقية موعدٌ مع عدوانٍ مماثل لما هو عليه الحال الآن في اليمن ؟ بدعوى محاربة الإرهاب وفرض " الشرعية " وإقرار التغيير المناسب !!. أقول أولاً: ما عادت تدهشنا نوبات الجنون الأعرابي بعد اليوم. لكن الجنون ذاته بات يحسب ألف حساب لنوبةٍ يكون مسرحها سورية.. فتكون الأخيرة. وأقول ثانياً: هم يعلمون تماماً رغم قلة علمهم، أن الحال مع الجيش السوري هو غير حال وأن قدرات الجيش السوري لا تقارن حتى بعد سنوات الحرب الأربعة بتلك التي يمتلكها الجيش اليمني والحوثيون رغم عظيم تقديرنا لإمكاناتهم وعزمهم الذي لا يلين، خصوصاً في مجال قدرات الدفاع الجوي والأسلحة الثقيلة، سيما الصاروخية منها. وأقول ثالثاً: أن عقباتٍ كثيرة تحول دون الإنتقال الفعلي للحرب الكلاسكية التقليدية المباشرة من قبل " الأشقاء الأعداء " على سورية، ليس أقلها خسارةٌ لن يرتضيها ويقبلها حلفاء سورية، إيران ومعها باقي مكونات حلف المقاومة، وروسيا وقاعدتها البحرية، و خسارتها الفادحة إن هي خسرت دار الضيافة الوحيد على شطآن البحر المتوسط، بل إن خسرت حليفها الأكثر وفاءً وإخلاصاً في منطقة الشرق الأوسط، إذاً، فحرب سورية مع عبدة الشيطان، هي بشكل غير مباشر، حرب غير دول مع ذات العدو، وحربها هي دفاعٌ مسبق لا يقدر بثمن عن أراضي وشعوب عديد الدول في المنطقة، فهي حائط الصد الأول، وهي السد المنيع، وهي الحصن الباقي، والقلعة الصامدة، التي تحول دون إجتياح قطعان الإرهاب "الصهيو- أعرابي” لبلدانٍ عديدة أهمها بعد روسيا وإيران، مصر، مصر التي لن يكون من السهل على قيادتها تمرير هكذا عدوان أو المشاركة فيه من قبيل المجاملة وتسديد الديون، وتقديم التنازلات لقاء الهبات والعطايا التي يغدقها يهود الخليج الفارسي !!. لكن التساؤل حول ملامح القادم من الأيام يبقى مشروعاً و مبرراً طالما بقيت كما الجمرة في الروح حكاية عشقٍ تنطق بها مشاعر السوري الأصيل تجاه وطنه، حكايةٌ أجمل مفرداتها، أن سيدة الكلام هي الأميرة التي يهواها قلبه، الأقرب إلى نفسه، الأثمن بين لآلئ وجدانه. لكنها أيضاً، الأميرة التي يسعى الكل إلى إيقاف نبض قلبها، وقص جدائلها، وتمزيق جسدها المغرق في القدم، الأثري، والغض الندي الشهي الطري، في آنٍ معاً. إنها سوريا، وللحديث معها و عنها شجونه وهمومه، لكن للحديث أيضاً نهايات مجيدة، نهاياتٌ قد يفضل البعض أن يصفها بأنها المرارة التي تمتزج بالفخر، والكرامة المنقوعة بالألم، والذكريات الملونة بالدهشة والصدمة والذهول، واليقين بنصرٍ أوسمته دماء شهداء الوطن، وقرابينه أرواحهم التي سافرت إفتداءً لترابه الغالي. هذا ما تبشر به ملامح تجارب هذا الوطن، أرضه وشعبه، وجيشه وقيادته.