من سيقوِّم عدم التوازن هذا؟!
حسين شريعتمداري
1ـ السؤال الذي يدور لاشهر في اذهان فئات كبيرة من الشعب المسلم والمضحي، ويجري على السن عشرات ملايين المتحرقين منه، بقي دون إحابة! والسؤال هو؛ أليس حجاب السيدات أمر شرعي وإلزام قانوني؟! فان كان الامر هكذا وهو كذلك، فلماذا إلتزم المسؤولون المحترمون الذين تقع في عهدتهم الذب عن الاسلام وقوانين النظام بما لا يقبل الشك إلتزموا الصمت حيال ما تقوم به بعض السيدات بنزع الحجاب وتحول الى ظاهرة مشينة وغير مقبولة اجتماعيا، فلا يهموا بعلاج ناجع بمستوى المسؤولية؟!
واذا توصلوا الى امر جامع وشرعوا بتنفيذه فلماذا لا ينعكس على الارض آثاره الواضحة؟! ومن البديهي ان المسؤولين ومن يهمه الامر في الجمهورية الاسلامية الايرانية هم كسائر غالبية الشعب لا يترددون في ضرورة فرض الحجاب كأمر شرعي وقانوني، اذ لو لم يكن كذلك لا سامح الله ـ ونعلم انه كذلك ـ لووجهنا بظاهرة اكثر نشازا من كشف الحجاب! وتأسيساً على ذلك، فالسؤال الملح هو؛ لماذا لم يتم التعامل مع خروج بعض السيدات عن المألوف بنزع حجابهن، كما ينبغي ان يتم التعامل؟
2 ـ فالنساء اللواتي كشفن الحجاب مقارنة بفئات الشعب الغفيرة وملايين السيدات المحجبات، وبالرغم من قلة عددهن هذا اولا، وثانيا حسب بعض التحقيقات الميدانية، فان الكثير منهن (كبعض الممثلات) يستغلون اما خطأ او إيهاما من ظاهرة كشف الحجاب للفت التوجه! ولكن هذه الحقيقة المرة ينبغي ان لا تكون ذريعة ـ كما يبدو ذلك ـ لثني التوجه حيال هذه الظاهرة المشينة، اذ ان مواجهة الظاهرة المشينة والمؤدية للضياع بتخطيط ليس هو وظيفة اسلامية وقانونية، لرعاية العفة والحؤول دون الانحطاط الاخلاقي للمجتمع كضرورة لا مناص منها، وحسب بل لانقاذ السيدات اللواتي نزعن الحجاب، من فخ سقطن فيه، مما يزيد من ضرورة الامر.
3 ـ ان استمرار عدم الالتفات من قبل المسؤولين المعنيين بنزع الحجاب، سيؤدي لتوسيع عدم التنسيق والفوضى، ولايستبعد ـ لا سامح الله ـ ان ينتشر هذا التصور الخاطئ في وسط بعض الشباب اذ لا يعتبرون نزع الحجاب امر مخل للتوازن ومخالف للشرع والقانون! ليقعوا في ايهام انه اذا لم يكن كذلك لتعامل المسؤولون المحترمون معه بما يتناسب والحالة!... وبالتالي يُخشى جراء هذه الرؤية ان يضلوا مستقبلهم ... فمن دون شك فان لهذا التأرجح تقويما!
4 ـ وان المؤكد عدم غفلة المسؤولين المحترمين عن هذه المؤامرة للاعداء المعروفين، ان يمكن النظر بوضوح ان اشاعة هذه الظاهرة المشينة قد ترصد لها الاعداء منذ الايام الاولى للثورة الاسلامية ولليوم. فان تمكن العدو من خرق سد العفة فباستطاعته عبور سائر الموانع. فليس القصد ان جميع اللواتي نزعن الحجاب عملاء للعدو، إلا ان التمكن من خيوط ومتابعتها يمكّن ضباط امن البلد من الوصول للبؤر الاصلية والمؤثرة.
5 ـ ان عدم الالتفات (او قلة الاهتمام) لمسؤولينا المحترمين حيال نزع بعض السيدات الحجاب، فهو اضافة لتجاهل تكليف يلزمهم حسب القانون، بمثابة اضاعة حقوق فئات كبيرة من الشعب،هي من الحقوق القطعية لابنائه. فالسخط المستمر والاعراب عن القلق من قبل الشعب بيّن ويشاهد بوضوح. ففئات الشعب الكبيرة تشعر باضاعة حقوقها من قبل ثلة قليلة، ولذا من حقهم ان يطالبوا بتطبيق القانون.
6 ـ وبالنظر لما عُرف عن مسؤولينا المحترمين من تعهد وحرقة فلا نستبعد وضعهم للخطط في مواجهة هذا الخروج عن المألوف،وسوف لا يمروا امام هذه الظاهرة السيئة بنزع الحجاب مرور الكرام، ولكن ينبغي ان يبينوا للشعب ما هو البرنامج الذي في خلدهم؟ وما هي المراحل التي تمت عبورها للوصول للهدف؟ اذ ما يستنبط من ظاهر الامر هو عدم الاهتمام والالتفات لهذه الظاهرة المشينة والقبيحة! وان استمر هذا النهج فمن المحتمل ان نواجه ماهو اكثر ضررا وهو ما نتوقعه!
7 ـ ان الشعب الايراني المسلم والمضحي قد برهن مرارا انه لحفظ نقاوة المجتمع والحؤول من مثلمة الفوضى لا يجامل أحداً ! من هنا فلا يستبعد ان توصلوا لهذه النتيجة (وان كانت غير حازمة) بان بعض المعنيين غير قادرين في مواجهة نزع الحجاب من قبل بعض السيدات! او لا سامح الله ان يقصّروا في انجاز تكاليفهم! فمن المحتمل ان يهموا (فئات الشعب) بانفسهم لمواجهة كسر الانضباط هذا والذي يمس المعتقدات الدينية للمجتمع ويعرض العفة والاخلاق للخطر! ولما كان مواجهة هذا الانفلات ضمن مسؤوليات عدة اجهزة من هيكل السلطات الثلاث، فان تداعيات هكذا اجراءات هي في حد ذاتها خارجة عن الادارة الذكية للدوائر المختصة، ستكون مكلفة.
8 ـ وقد قال امير المؤمنين عليه السلام؛ "الناس اعداء ما جهلوا"، اي ان عداءهم ينبع من عدم معرفتهم لحقيقة ظاهرة ما، ولذا يكنوا له العداوة، واذا عرفوا حق المعرفة ماهية التعاليم الالهية، فلا يهموا بمخالفتها. فمن بين السيدات اللواتي نزعن الحجاب الكثير ممن انطبعت صورة خاطئة وغير حقيقية في اذهانهن. ولذا فان التبيين وايضاح الامر لهذه الفئة من الضروريات، وينبغي ان لا نتصور انهن في عزلة منا والتعامل معهن كغرباء. وبالطبع من البديهي ان التبيين ينبغي ان لا يحول دون منع تجنب الانفلات فان هذا المنع سيصب لصالح الجهة الممنوعة كذلك.
9 ـ وبالتالي ينبغي التاكيد مرةاخرى على ان نزع الحجاب بمثابة مشكلة للاطياف الثلاثة؛ الشعب، والمسؤولين، ونفس الشخص الذي نزع حجابه. فالشعب من جهة ان حقه القاطع في حفظ العفة وتطبيق القانون قد تم تجاهله. فيما المسؤولون من جهة انهم برهنوا مراراً بان الشعب كله تشكيلة لعائلة واحدة وواسعة لايران الاسلامية، وانه لنازعات الحجاب من جهة بمثابة تائهات يحسبن على نفس هذه العائلة الواسعة و... وكما قال الشاعر سعدي؛
ان بني آدم اعضاء جسد واحد
فهم في الخليقة من جوهر واحد
فان تألم يوما احد اعضائه
فلا يقر القرار لسائر احنائه