المقاومة الفلسطينية للإحتلال: انتظروا الأسوأ
زهراء جوني
لا يحتاج الأمر إلى وضع تعريفات وعناوين لكل أشكال المقاومة التي تحصل في فلسطين المحتلة. والحديث عن نذر انتفاضة ثالثة لا يعني أننا لسنا في قلبها الآن. ما يحصل في القدس والضفة وكل مناطقها وشوارعها يعني أنّ كل فلسطينيّ على تلك الأرض بات يدرك جيداً عظمة المقاومة ووحدة الخيار في مواجهة هذا المحتلّ الغاصب.
كان يحتاج المشهد فقط إلى إظهار تعاظم قدرات المقاومة ومجموعاتها المختلفة من خلال العمليات الأخيرة التي طبعت مشهد عام 2022 حتى انتهى العام على تصريحات عبرية تنذر بخطر استمرار هذه العمليات وتأثيرها على العمق الإسرائيلي وما يمكن أن ينتجه من مشهد أكثر سوداوية على الكيان في العام الجديد. وتستند إحدى المقالات على العملية المزدوجة في موقف الحافلات في القدس، التي فتحت أمام الإحتلال عنوان المواجهة المقبلة "إنتظروا الأسوء".
يُدرك العدو جيداً، أكثر من أي طرف آخر، خطورة المرحلة ومستوى المقاومة المتقدم، الذي لا يشبه أي مرحلة سابقة. وباعترافات ضباطه وقيادييه وإعلامه، فإنّ عملية القدس المزدوجة كانت بمثابة "اعلان انتفاضة من نوع آخر تختلف عن الثمانينات وعام 2000، وتتميّز بكثرة العنف ضد جيشنا"، سبق هذا الإعتراف كلام للرئيس السابق لهيئة الإستخبارات الإسرائيلية اللواء احتياط تامير هيمان بأنّ "الساحة الفلسطينية تزداد اشتعالاً أكثر مما يتخيّله السواد الأعظم من الجمهور"، مشدداً على أنه يجب التعامل مع العمليات التي وقعت في القدس وكذلك عملية اختطاف جثة تيران بير؛ (أحد الجنود الإسرائيليين الذي أُسر على يد مجموعة فلسطينية مقاومة)، على أنها مؤشرات تدل على "احتمال انفجار هائل للأوضاع على المدى المتوسط".
من هنا، أراد العدو الإسرائيلي للعام 2023 أن يبدأ من مكان آخر، محاولاً ترميم صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي من خلال إظهار مشهد مقابل للعمليات الفلسطينية البطولية وما سببته من تأثيرات نفسية على الداخل المحتل، فكان المسجد الأقصى عنوان المرحلة بالنسبة للإحتلال ليبدأ بوتيرة اقتحامات مرتفعة وبوحشية معهودة تولى تنفيذها والتخطيط لها، بضوء أخضر من جهاز المخابرات "الشاباك، وزير الأمن القوميّ الإسرائيلي المتطرّف، إيتمار بن غفير، المعروف بتطرفه ومواقفه المتشددة بحق الفلسطينيين.
لكنّ الإحتلال مرة جديدة فشل في فهم الشارع الفلسطيني وقدرات الجيل الجديد الذي ربما لم يعي لحظات الإنتفاضة الأولى لكنه كان جنيناً يتغذى على صبر أمه ومقاومتها للإحتلال بأشكال مختلفة.
فخرجت الدعوات الفلسطينية للمشاركة الواسعة في إقامة صلاة الفجر الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، رداً على تدنيس المستوطنين للمسجد، ومحاولات فرض وقائع تهويدية جديدة، وزيادة المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى للوقوف صفا في وجه "المتطرفين الاسرائيليين" الذين كما يبدو سيذهبون نحو هذا الاقتحام بشكل دائم، وبحسب تصريحات بن غفير فإنّه لن يكون الإقتحام الأول والأخير.
تريد المقاومة في فلسطين بكافة أشكالها وفصائلها ومجموعاتها وعبر شبابها أن توصل رسالة واحدة واضحة للإحتلال؛ مهما حاول إظهار تطرفه فإنّ ما يتنظره أسوأ، وهذا ما تؤكده المجموعات المقاومة تحديداً في نابلس وجنين التي تحولت إلى كوابيس تطارد العدو الإسرائيلي ليل نهار.
لا شكّ أنّ تثبيت هذه المعادلات احتاج إلى وقت، ولا يعني أن الإحتلال بات ضعيفاً أو لا يمتلك قدرات المواجهة، لكنه بالتأكيد أثبت فشله في ردع الشارع الفلسطيني وتقليص حجم العمليات الفلسطينية وتغيير الواقع الفلسطيني على الأرض كما أثبت بشكل واضح لا لبس فيه فشل المنظومة الاسرائيلية الأمنية التي لطالما فاخر بها الإحتلال، لذلك يبذل العدو اليوم أقصى إمكانته لإعادة الإعتبار لصورته التي انكسرت حين خرج إليهم شاب في مقتبل العمر ووجه رصاصة عن مسافة صفر دون خوف أو قلق، وحين قفز شاب آخر كأن الأرض لا تحمله وأطلق الرصاص كالمطر في جسد مستوطن اخر، ومثلما فعل رعد خازم وعدي التميمي وابراهيم النابلسي وعشرات الأسماء التي حفرت عميقاً في الذاكرة.
أما السؤال الذي ستجيب عنه الأشهر المقبلة، كيف سيكون عام 2023 وأي عمليات نوعية تنتظرنا في العام الجديد؟