الشهيد القائد أبو عمار بعيون فتحاوية…
محمد صادق الحسيني
قام الأب الروحي للإرهاب الصهيوني، جابوتينسكي البولندي الأصل والمولد، بنشر مقال من سبع صفحات باللغة الروسية، بتاريخ 1/11/1923، حيث كان موطن ولادته جزءاً من الإمبراطورية الروسية، وكان محور ذلك المقال هو:
إاقامة جدار حديدي في فلسطين، التي كانت المنظمة الصهيونية تدعو وتعمل على استيطانها، جدار يسمح لليهود بالازدياد والسيطرة على الوطن الفلسطيني وإنشاء البنى العسكرية والإدارية اليهودية الاستيطانية، في فلسطين، دون ان يتمكن الشعب الفلسطيني، صاحب الأرض أن يقرّر مصيره بنفسه.
أي أنه أراد إقامة جدار حديدي، مكوّن من جنود يهود او جنود احتلال بريطانيين، كما ورد في المقال، لمنع الشعب الفلسطيني من الحصول على استقلاله وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، على أرض وطنه.
ورأى، أو دعا جابوتينسكي، في مقاله، الى التفاوض مع العرب ـ يقصد الشعب الفلسطيني، بعد أن تُقام الدولة اليهودية الصهيونية، على أرض فلسطين، التي كان يحتلها الجيش الاستعماري البريطاني، الذي هيأ كلّ الظروف للاستيطان اليهودي، في فلسطين، وصولاً الى إقامة دولة يهودية فيها، سنة 1948.
إذن فإنّ المستوطن اليهودي الصهيوني جابوتينسكي أراد أن يقيم دولته ثم يفرض الاستسلام على الشعب العربي الفلسطيني، دون تحقيق أيّ من أهداف هذا الشعب الوطنية، التي يضمنها القانون الدولي.
لكن هذا الشعب الفلسطيني رفض الاستسلام للمخططات البريطانية الصهيونية وشرع، منذ احتلال بريطانيا لفلسطين، أواخر سنة 1917، بمقاومة الاحتلال والاستيطان، الذي هو جزء من الاحتلال أو امتداد له.
كما تابع الشعب الفلسطيني مقاومته للاستعمار وللاحتلال «الإسرائيلي»، بعد إعلان قيام «دولة إسرائيل»، بحيث تواصلت أعمال المقاومة في الأجزاء التي بقيت غير محتلة من فلسطين، أيّ قطاع غزة والضفة الغربية، وإنْ بشكل متقطع في إطار العمليات الفدائية ضدّ قوات الاحتلال «الإسرائيلي» ومستوطناته، وذلك طوال خمسينيات القرن الماضي وحتى أواسط الستينيات منه، حيث انطلقت الثورة الفلسطينية، بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، التي قامت بتنفيذ أول عملية عسكرية تقودها منظمة فدائية فلسطينية مكتملة الأركان، وذلك بتاريخ 1/1/1965.
واستمرّت قوات الثورة الفلسطينية، بعد انضمام آلاف الشبان العرب والفلسطينيين إلى صفوفها، واتسعت عملياتها العسكرية في كلّ أنحاء فلسطين المحتلة.
وقد اتخذ العمل الفدائي صفة أكثر وأوسع تمثيلاً لتطلعات الشعب العربي الفلسطيني، في تحرير وطنه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على أرضها، حيث توافقت جميع منظمات العمل الفدائي الفلسطيني على الدخول الى منظمة التحرير الفلسطينية، كإطار جامع لكلّ أطياف الشعب الفلسطيني وممثلاً له عربياً ودولياً. وهو الأمر الذي تحقق بداية سنة 1969، وانتخب الأخ أبو عمار رئيساً للمنظمة وقائداً عاماً لقوات الثورة الفلسطينية.
وهي القوات التي واصلت، لا بل طوّرت بشكل كبير جداً، العمليات الفدائية والعمل العسكري الفلسطيني، ضدّ قوات الاحتلال في كلّ فلسطين المحتلة؛ تلك العمليات، التي تواصلت، ورغم الكثير من العقبات، التي اعترضتها في الدول العربية المحيطة بفلسطين المحتلة، وصولاً إلى:
احتضان الجزائر الشقيقة للمجلس الوطني الفلسطيني (بمثابة البرلمان الفلسطيني الجامع لكلّ الفلسطينيين، في فلسطين المحتلة والشتات، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وذلك بتاريخ 15/11/1988.
الأمر الذي يعني انهياراً متجدّداً، لجدار الأب الروحي للإرهاب الصهيوني جابوتينسكي، خاصة بعد أن تمكّنت منظمة التحرير الفلسطينية من دخول الأمم المتحدة، كعضو مراقب، سنة 1974، وبدعم لا محدود من الجزائر الشقيقة ومن مجموعة دول عدم الانحياز الـ 77.
علماً انّ الدليل الأكبر، على انهيار جدار جابوتينسكي الحديدي، وتحطّمه تحت أقدام الفدائيين الفلسطينيين، هو ما أقدم عليه تلميذ جابوتينسكي، أرئيل شارون، من إقامة جدار من الخرسانة المسلحة، سنة 2001، بعد انتفاضة النفق (أول نفق حفرته سلطات الاحتلال تحت المسجد الأقصى المبارك سنة 1996، والتي قادها وأدارها الرئيس أبو عمار، وبعد انطلاق انتفاضة الأقصى، بتاريخ 28 /9/ 2000، اثر تدنيس شارون نفسه للمسجد الأقصى، اعتقاداً منه (شارون) انّ هذا الجدار الجديد، بين الضفة الغربية ومناطق 1948، قادر على منع العمليات الفدائية ضدّ كيان الاحتلال. وقد استمرّت هذه الانتفاضة، التي قادها وأدارها الأخ الرئيس أبو عمار أيضاً، حتى قيام جيش الاحتلال «الإسرائيلي» باجتياح كافة مناطق الضفة الغربية، وعلى رأسها مدينة رام الله مقر قيادة أبو عمار، وفرض الحصار المطبق عليه حتى تسميمه واستشهاده، بتاريخ 11/11/2004.
لكن هذا العمل الإجرامي، وعلى الرغم من كلّ التداعيات التي أعقبته وأثرت سلباً على حجم العمل العسكري الفلسطيني، ضدّ قوات الاحتلال، لم يفضِ الى فرض الاستسلام على شعب الجبارين، الشعب العربي الفلسطيني المقاتل، وإنّ ما نتج عن فترة البطش «الإسرائيلي» ومحاولات قوات الاحتلال المتواصلة، لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، هو شيء مختلف تماماً عن مخططات الاحتلال وضغائنه.
إنها الثورة الفلسطينية المتجدّدة، التي تقودها روح الأخ الرئيس أبو عمار، وهي الروح التي تحلق فوق كلّ ربوع فلسطين، من غزة سيف القدس، الى الـ ٤٨ وبطولات أهلها المتجذرين في أرض آبائهم وأجدادهم، معركة وحدة الساحات، وما بعد ما بعد وحدة الساحات، الى كتيبة جنين وكتائب طوباس ونابلس وعرين الأسود، الصامدين في نابلس جبل النار، بانتظار قدوم اخوانهم في قوات محور المقاومة، والتحامهم مع أبطال عرين الأسود، في معركة مشتركة لتحرير فلسطين وإعادة كتابة تاريخ وجغرافيا فلسطين والمنطقة العربية بأكملها، وإسدال الستار على آخر جدار حديدي صهيوني، في وجه الشعب العربي الفلسطيني، ونعني هنا ما أطلق عليه «اتفاقيات إبراهام».
لن تفيدكم جدرانكم في شيء أمام زحف قوات محور المقاومة مجتمعة لتحرير فلسطين والأقصى، وستذهبون أنتم وأعراب الجاهلية الى غير رجعة وسيبزغ فجر فلسطين، الحضارة والتاريخ من جديد.
بعدنا طيبين قولوا الله…