kayhan.ir

رمز الخبر: 159842
تأريخ النشر : 2022November07 - 20:14

قل كلمتك وامش: السياسة اللبنانية؟

 

قد يبدو الانسداد والاستعصاء صفات ملازمة للاستحقاقات الدستورية والسياسية في لبنان، وينصرف الساسة للبحث عن أسباب التعثر في النصوص الدستورية، يتحدثون عن غياب المهل الملزمة مرة وعن غياب المخارج الدستورية في حال التعثر مرة أخرى، لكنهم يتجاهلون أن السبب يقع في مكان آخر، وهو أن أغلب الساسة في لبنان لا يعتبرون عدم إنجاز الاستحقاقات من المحرمات التي يجب عدم الوقوع في محظورها.

على سبيل المثال، لو تصرف كل من رئيسي الجمهورية والحكومة تجاه تشكيل الحكومة باعتباره مرتبة تتقدم على الشروط والشروط المعاكسة، ونظرا إلى عدم تشكيلها كسقطة أخلاقية ممنوعة الوقوع، هل كان الفشل في تشكيل حكومة وارداً، وماذا عساه يقدم الدستور من حلول فلو قال مثلا إن الاستشارات الملزمة تجري في حضرة رئيس مجلس النواب إذا لم يقم رئيس الجمهورية بدعوة النواب خلال شهر من اعتبار الحكومة مستقيلة، وأن التكليف يسقط عن رئيس الحكومة المكلف ما لم تتشكل الحكومة خلال ثلاثة شهور من التكليف، وكل من الصيغتين تصيب واحداً من عناصر التوازن الطائفي في الدستور، لكن لو قبلناها جدلاً فالسؤال في الحالتين الافتراضيتين هو، ماذا لو أعاد النواب تكليف الرئيس المكلف ذاته، وأعيد سيناريو الانسداد ذاته. ومن يستغرب حدوث ذلك يتجاهل أن الساسة اللبنانيين يدمنون لعبة الجدران والأقفال لا لعبة الأبواب والمفاتيح، ويجيب البعض انه في هذه الحالة تذهب الحكومة التي يقترحها رئيس الحكومة الى المجلس النيابي لنيل الثقة دون توقيع رئيس الجمهورية أو يأتي من يقول عندها يمكن لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب، والدعوة لانتخابات مبكرة. وفي الحالتين بداية كسر لقواعد الدستور التي جعلت توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم تشكيل الحكومة أبرز ما بقي له من صلاحيات، وجعلت نقل صلاحية حل مجلس النواب وبشروط ضيقة أبرز ما نزع من صلاحيات رئيس الجمهورية وانتقل إلى مجلس الوزراء، وفي الواقع اللبناني ربما تتحول هذه النصوص الى عناصر تحفيز للتعطيل لبلوغ أحد المخارج الخطرة المفترضة.

المشكلة ليست في الدستور ولا نصوصه، ولا دستور يضمن أجوبة على كل ما يمكن ان تنتجه سياسة لا تعتبر التعطيل كارثة، ولا تقف عند المحرمات. وها هي انتخابات رئاسة الجمهورية، الكل يدلي بمواقف، لكن الشرط الأهم يغيب عنها، وهو كيف توصل مرشحا الى الرئاسة وفق هذه المواقف، والكل يشحن جمهوره بروح الرفض، لترشيحات الآخرين بل للتوافق معهم، أو حتى قبول من ليس في صفه، والكل عاجز مع صفه عن المجيء برئيس منفرداً، لكن لا أحد يبني خطابه وخياراته على إمكانية تحقيقها، بل على حجم التوتر الذي تحدثه في شارعه، لأن السياسة تبنى على معادلة قل كلمتك وامش، لا على معادلة أن الأهداف البعيدة الصحيحة هي التي تعبر عن المبادئ لكن الأهداف الراهنة الصحيحة هي القابلة للتحقيق.

البناء