kayhan.ir

رمز الخبر: 153637
تأريخ النشر : 2022July13 - 20:19

أهم اسباب فشل تركيا في شمال سوريا بعد احياء غرفة العمليات والتنسيق المشتركة

 

حسام زیدان

مازالت التهديدات بعملية عسكرية تركية في شمال سوريا في صدارة المشهد الاخباري. هناك لم يتوقف القصف المدفعي والصاروخي التركي على القرى في ارياف حلب والحسكة والرقة، ولم يتوغل في الأراضي السورية الا تصريحات المسؤولين الاتراك، تصريحات تقضم الأراضي السورية، وتتحدث عن السلام ووحدة أراضي البلاد، والدول الإقليمية والفاعلة دوليا، بكافة توجهاتها تمسك العصا مع اردوغان من المنتصف.

لكن، ماذا عن العدوان العسكري التركي الذي تم تحديد توقيته أكثر من مرة، كان ابرز تلك الأوقات، بعد انتهاء العيد. والجواب، ان ما يجري هو ضمن منظومة الحرب النفسية، والابتزاز والمساومة، واللعب ضمن حلبة المبارزة بين تركيا ودول عدة، على مكاسب سياسية تحققها انقرة، ضمن حراك سياسي ودبلوماسي وميداني متواز، في حين تخرج بعض الدول الأخرى عن صمتها المطبق لتفتح باب احتمالات جديدة، لاشغال عامل الوقت الثمين. ميدانياً، لم يطل صمت الأمريكيين - كأحد اللاعبين في حلبة المبارزة التركية - طويلاً، نشاط واضح في الأسبوع الأخير، كان عبر مسؤولين سياسيين وعسكريين وامنيين، تنقلوا بين القادة الاتراك والاكراد، حاول الامريكيين تطبيق مبدأ باب الاحتمالات، عبر مبادرات أطلقها شخصيات أمريكية، منها مبادرة عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ليندسي غراهام، التي نقلتها الصحافة الامريكية، بعد زيارته للعراق وشمال سوريا وتركيا، والتي تنص على تطوير العلاقة التجارية بين الاتراك وقسد، واحد مفاصل تلك العلاقة، قائم على منح الاتراك الترخيص لاستثمار حقول النفط والغاز السوري، مما يساعد الاقتصاد التركي وفي شمال شرق سوريا، طرح لا يبتعد ابدا عن العقلية الامريكية في إدارة الملفات، وهو الإمساك بزمام القرار الاقتصادي، ولو على حساب الشعوب، ولم ينتهي الطرح الأمريكي الى هنا بل كان له تتمة، تتحدث عن انشاء منطقة عازلة على الحدود تنهي مخاوف انقرة، هذه الزيارة طبعا تزامنت مع حركة نشطة للقوات الامريكية والفرنسية والبريطانية على الأرض، انطلاقا من شمال حلب الى شرقها، من عين العرب الى منبج، هناك شكل الوفد العسكري تكاملا مع الحراك السياسي الأمريكي، في محاولة مكشوفة من واشنطن للالتفاف على نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني الى سوريا، وهذه المرة كانت الخطوات، العسكرية الامريكية، بحسب مصادر ووسائل اعلام عديدة، تنطلق من فكرة الانسحاب الكردي من منبج بشكل كامل، وان تسلم الى الجيش التركي، مقابل ضمانات من الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا، بان لا تشن تركيا هجوما على شمال وشمال شرق سوريا، في المقابل، كانت القوة السياسية والعسكرية والدبلوماسية الروسية تعمل على إعادة تفعيل كل ما اتفق عليه سابقا في عام 2019، وتوجيه رسائل للتركي انها مازالت في المنطقة، عبر دوريات جوية يومية، ودوريات عسكرية أرضية، والتخفيف من حدة الاستهداف في شمال الحسكة، والعمل على تليين موقف قسد، للوصول الى اتفاق يجنب المنطقة حرب جديدة، وهذا ما كان عبر إعادة الاعتبار للتفاهمات التي من شانها انهاء التهديد التركي، من خلال تعزيز وجود الجيش السوري على الحدود مع تركيا، وعلى خطوط التماس بين قسد والمجموعات المسلحة المدعومة تركيا، وهو ما افرغ كل الحراك الأمريكي من محتواه، بعد ان استقر الراي عند الكثير من قادة قسد، ان الزيارات الامريكية العسكرية والسياسية تشبه ما جرى قبل احتلال الاتراك لعفرين، ولا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية، لتبدأ تعزيزات الجيش السوري تصل الى عين عيسى وتل ابيض في ريف الرقة، وعين العرب في ريف حلب على الحدود التركية، ومنبج بريف حلب الشرقي، وتل تمر في ريف الحسكة، اليات عسكرية وجنود ومدافع وراجمات صواريخ، انتشار مبرمج ومخطط له بدقة للجيش السوري، بعد ان تم احياء غرفة العمليات والتنسيق المشتركة بين الجيش السوري وقسد وبرعاية روسية في عين عيسى ومنبج وعين العرب وتل رفعت، ما سيساهم في تنسيق مفيد على الأرض في حال العدوان، بالإضافة الى ان ما يجري هو ضمن التزام قسد بأحد بنود اتفاق 2019، وان تعطي القيادة والتحكم والسيطرة للجيش السوري، وشكل هذا الانتشار خريطة ومروحة واسعة من القوات، تعيد التوازن للتصريحات التركية، وتبني قاعدة قوية لإنهاء ملف الشمال الشرقي في سوريا. ومع كل تلك التطورات، الجميع ينتظر ان تحسم قسد خياراتها بخصوص تسليم تلك المناطق بالكامل للجيش، والذي سيكون وحده كفيلاً بإيقاف الهجوم التركي.

محاولات قسد تسريع الاتصالات بالحكومة السورية، وفتح الباب واسعا اما التعزيزات العسكرية وغرف التنسيق، قابله تحولات كبيرة على مستوى خطوط التماس على طول الشريط الحدودي مع تركيا، او في مناطق التماس بين المجموعات المسلحة مع قسد، حيث ارسل الجيش التركي والمجموعات المسلحة المدعومة منه ارتال عسكرية عديدة، باتجاه منبج وتل رفعت وعين عيسى، وارتال أخرى منفصلة الى الريف الشمالي لحلب، عبر معبري باب السلامة والراعي، بالتزامن مع مناورات عسكرية للمجموعات المسلحة، واستعراض قوة، والاعلان عن غرفة عمليات عسكرية، ورفع جاهزية.

بالرغم من كل تلك الخارطة المعقدة من التحركات، الا ان ثابتة وحيدة تكاد ترسم المشهد بطريقة اكثر واقعية، هي ان رفع تركيا السقف والتهديد والوعيد، وصولا الى الإعلان عن توقيت العملية، ما هو الا لعب انقرة على حافة الهاوية، والمراوغة والاستثمار فيها، فالتحرك التركي لن يرى النجاح، لعدة أسباب أهمها وابرزها، الارتباط مع الأمريكي في حراكه المحموم لخلق جبهات متلاصقة مع التركي، وإعادة صياغة التصعيد الذي يندرج ضمن المجال الحيوي لدول الناتو، والذي تعتبر واشنطن وانقرة احد اهم الدول فيه، ما يترك مساحات واسعة للتأويل والتفسير، وان الحل الوحيد هو التزام قسد للخروج من هذه الدوامة، هو تسليم تلك المناطق لسيطرة الجيش السوري، وان غرف العمليات والتعزيزات العسكرية، هي خطوة جيدة على مسار بسط الدولة السورية سلطتها عبر الجيش على كل تلك المناطق.