kayhan.ir

رمز الخبر: 142004
تأريخ النشر : 2021November30 - 19:58

الأمم المُتحدة والعراق.. مواقف وأخطاء وآخرها ملف الانتخابات

د. جواد الهنداوي

الانتخابات العراقية التي جرتْ بتاريخ 2021/10/10 ، شاهدٌ جديد على سلسلة مواقف ،تبنّتها الامم المتحدة تجاه العراق، وترجمتها على شكل توصيات صادرة عنها مباشرة او قرارات مُلزمة التطبيق و صادرة عن مجلس الأمن.

 الانتخابات العراقية المذكورة شاهدٌ جديد ايضاً على سلسة اخطاء قانونية و سياسية ارتكبتها حكومات العراق التي توالت على الحكم والسلطة بعد سقوط النظام السابق عام 2003 .

 ما يعانيه العراق الدولة، وما يواجهه العراق الدولة اذاً هو نتاج مواقف وقرارات أُممية لم تنصفْ العراق، ونتاج اخطاء سياسية و قانونية وادارية للسلطات الدستورية المتعاقبة، خلقت ظروف وبيئة فساد وتخلّف شملت العراق، وبمختلف الجوانب، لاسيما في مكانته ودوره .

 القرارات الامميّة تناولت العراق منذ تسعينيات القرن الماضي ،حين أقدمَ النظام السابق على غزو الكويت . لم تتناسب القرارات ،في مداها الزمني و لا في اثارها التدميرية على العراق دولةً و شعباً مع حجم و اثار الاعتداء على الكويت : تّمَ غزو الكويت بتاريخ 1990/8/2، وأكمل النظام السابق احتلاله للكويت بتاريخ 1990/8/4 . مدة الاحتلال لم تتجاوز سبعة شهور ،حيث تّمَ تحرير الكويت بتاريخ 1991/2/26 . خضعَ العراق لحصار شامل و جائر على الشعب ،بموجب قرار مجلس الامن المرّقم 661 بتاريخ 1990/8/6 ،اي بعد اربعة ايام من تاريخ غزو الكويت . السرعة التي تّمّ بها اجتماع مجلس الامن واتخاذ القرار وتطبيقه توحي بوجود سيناريو مُعّدْ مُسبقاً بتوقيتاته و بأهدافه تجاه العراق .

 رُفِعتْ العقوبات المفروضة على العراق ، وبموجب قرار مجلس الامن ، المرقم 1483 ، بتاريخ 2003/5/22 ، و لكن لم يتمْ رفع الحصار ،حيث خوّل القرار المذكور الادارة الامريكية و حلفائها بالاشراف الكامل على ادارة الحكومة المؤقتة للعراق ، وعلى ثرواته النفطية، كما نصّ القرار المذكور على قيام الامم المتحدة بتسمية مندوب او ممثل عنها لمساعدة الحكومة المؤقتة في العراق .

 مما تقدّم ،يستنتج القارئ ما يلي :

 تَّم تحرير الكويت بعد سبعة شهور من يوم الغزو والاحتلال ،ولكن لم يتحرّر الشعب العراقي من العقوبات الاقتصادية الاّ بعد 13 عام!

 لم يخرج العراق من العقوبات الاخرى المفروضة عليه بموجب الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة الاّ في /2017/12/9 ! اي بعد ما يقارب عقدّين من تاريخ احتلال الكويت!

 ولكن هل خرجَ العراق اليوم من الحصار السيادي و العسكري المفروض عليه بموجب القرارات الامّميّة ،وهل تحرّر العراق اليوم من أثار تلك القرارات المالية والتعويضية، والتي شابها خطأ وتضليل وتجاوز لصلاحيات الامم المتحدة، لاسيما في مسألة ترسيم الحدود، وتميّزت بالتعسف والمُغالاة تجاه حقوق العراق

 اليوم، الادارة الامريكية والامم المتحدة ومن خلال ممُثليها وبعثاتها المتنوعة و العاملة في العراق يقومان بدور اساسي ومهم في رسم وتوجيه سياسة العراق، ويساعدهم على ذلك بعضٌ من الطبقة السياسية ومن مختلف المكوّنات ومن ادوارهم الحزبية او الرسمية ،من خلال ممارسة مهامهم الدستورية والوظيفية .

 أصبحَ ممثل الامم المتحدة في العراق ،و سفير دولة مُعتمد لدى العراق مَرجعاً لهذا او لذاك الحزب او المسؤول او النائب ، فعلامَ اذاً نلومُ الاخر ونتهّمه بالتدخل في شؤون العراق ! البعض همْ مَنْ يمهّدون الطريق لهذا التدخل ويرهنون مصيريهم ويتبنوّن مواقفهم على ضوء ما يراه هذا الآخر !

 الانتخابات التشرينيّة ،التي مضتْ ، جسّدت ما ذكرته اعلاه ؛ مشاركة الخارج من هيئات و منظمات و سفارات للرقابة كانت اهّم و اكبر من مشاركة الداخل ؛ الخارج باركَ و صادق على اجراءات الانتخابات ونتائجها ،بينما الداخل شهدَ عزوف المواطنين عن الانتخابات ، وشهدَ ويشهد تظاهرات الاعتراض على النتائج ؛ رقابة الخارج على الانتخابات تحّولت في نهاية المطاف الى اشراف على الانتخابات ،من خلال الفرز الالكتروني و ما يصاحبه عادة من امكانية التلاعب و التزوير ، و من خلال تأييد و مُباركة الانتخابات و الاشادة بنتائجها قبل المصادقة على نتائجها من قبل السلطات العراقية المختصة .

 البعض من الطبقة السياسية بدورهم الحزبي او الوظيفي والرسمي ساهموا و يساهموا في عرضْ العراق دولة و ثروات الى متاهات التدخل الخارجي و المصالح الاجنبية . هذا البعض لا يُميّز بين علاقة العراق مع دولة اخرى و ارتهان العراق لمصلحة دولة اخرى .