الخميس 7 ربيع الاول 1443
الولايات المتحدة الخاسر الأكبر في الانتخابات البرلمانية العراقية
الوقت - بينما أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات، في عدة مناسبات، النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق في 10 تشرين الأول(أكتوبر) 2021، وانقسمت الأحزاب والائتلافات السياسية العراقية إلى من يتفق مع النتائج المعلنة ومن يحتج عليها، ولكن يبدو أنه سيتم الحفاظ على النتائج النهائية مع الحد الأدنى من الاختلافات.
وهذا يعني أنه يمكن إضافة عدد قليل فقط من المقاعد إلى أصوات تيار واحد، وبضعة مقاعد إلى ائتلاف أو حزب آخر. ولذلك، يمكن من الآن قراءة الرسائل السياسية الداخلية والخارجية لانتخابات 10 أكتوبر.
والواقع أن تركيبة الأحزاب الفائزة تبعث صراحةً برسالة واضحة في مجال السياسة والحكم في العراق، ومن أبعادها إعادة قراءة نتائج الانتخابات للفاعلين الأجانب المنخرطين في المعادلة العراقية.
وفي هذا الصدد، فإن حجة هذا المقال هي أنه بالنظر إلى الائتلافات والأحزاب الفائزة في الانتخابات المبكرة، يمكن القول بوضوح تام أن حكومة الولايات المتحدة كانت الخاسر الأهم في الانتخابات الأخيرة.
ترکيبة الفائزين والرسالة الواضحة للانسحاب الفوري للقوات الأمريكية من العراق
عند قراءة الهزيمة الكبرى للولايات المتحدة في الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، من الضروري أولاً النظر في ترکيبة الأحزاب الفائزة.
بحسب المؤتمر الصحفي الأخير للمفوضية العراقية العليا للانتخابات(حتى كتابة هذه السطور)، فإن نتائج الأحزاب الفائزة هي كما يلي:
- التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر 70 مقعداً
- إئتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي 40 مقعداً
- إئتلاف "التقدم" بزعامة محمد الحلبوسي 38 مقعداً
- الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي بزعامة مسعود بارزاني 34 مقعداً
- إئتلاف "الفتح" بزعامة هادي العامري 20 مقعداً
- "الإتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة قباد طالباني 17 مقعداً
- تحالف "عزم" بزعامة خميس الخنجر 14 مقعداً
- حركة "امتداد" 12 مقعداً
- حراك "الجيل الجديد" بقيادة شاسوار عبد الواحد 9 مقاعد
- تحالف "العقد الوطني" بزعامة فالح الفياض 5 مقاعد
- تحالف "قوی الدولة" 3 مقاعد
- المستقلون حوالي 20 مقعداً
رغم أنه من الممكن أن تشهد النتائج الحالية الحد الأدنى من التغييرات في المقاعد التي فازت بها التحالفات والأحزاب، لكن بشكل عام، يمكن اعتبار التيار الصدري التابع لمقتدى الصدر بين الشيعة أكبر تحالف في البرلمان العراقي المقبل.
كما أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وهو من الشيعة أيضًا، سيكون ثاني أكبر تحالف؛ وتليه التيارات التي يتزعمها محمد الحلبوسي ومسعودي بارزاني وهادي العامري.
تشير هذه الترکيبة من البداية إلى أن غالبية أعضاء البرلمان العراقي الجديد يعارضون استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق. حيث أعرب مقتدى الصدر، ونوري المالكي، وهادي العامري، والعديد من المستقلين، وحتى بعض التيارات العربية السنية والكردية، مرارًا وتكرارًا عن معارضتهم لاستمرار وجود الولايات المتحدة. والآن، تشكل هذه التيارات بشكل واضح غالبية البرلمان العراقي الخامس بعد عام 2003.
وبالنظر إلى عدم فوز أي من هذه التحالفات بالأغلبية المطلقة(نصف زائد واحد)، أي 165 مقعدًا، فإنها ستلعب بلا شك دورًا رئيسيًا في انتخاب رؤساء القوى الثلاث للحكومة المقبلة. لكن من دون شك، فإن الجانب المهيمن علی نهج هذه التيارات هو معارضة الولايات المتحدة.
رسالة مقتدى الصدر الواضحة للولايات المتحدة
على الرغم من أن التيار الصدري، بقيادة مقتدى الصدر، هو أكبر تيار في البرلمان الجديد بلا شك، إذ حصل على (70 إلى 75 مقعدًا)، إلا أن هذا لا يعني أن الحكومة المقبلة ستتشكل من قبل هذه المجموعة، بل إن ائتلافاً من عدة تيارات وأحزاب سيحدد تشكيلة الحكومة الجديدة.
ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن مقتدى الصدر سيلعب بلا شك دورًا رئيسيًا في تشكيل هيكل الحكومة المقبلة، ولهذا فإن تصريحاته بعد إعلان النتائج الأولية مهمة جدًا.
ومن خلال لمحة عامة عن تصريحات الصدر بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات، يمکن القول بوضوح إنه أكد صراحةً علی انسحاب الولايات المتحدة من العراق، والتصدي لتدخلها في شؤون بغداد.
کما شدَّد مقتدى الصدر في أهم جزء من خطابه بعد الانتخابات العراقية في 11 تشرين الأول 2021، علی أن "كل السفارات مرحب بها ما لم تتدخل بالشأن العراقي وتشكيل الحكومة، وأي تدخل سيكون لنا رد دبلوماسي أو شعبي عليه يليق بالجرم، فالعراق للعراقيين فقط". تشير تصريحات الصدر هذه بوضوح إلى أنه أعرب عن معارضته لاستمرار التدخل الأمريكي.
کذلك، بالإضافة إلى تصريحاته الأخيرة، دعا مقتدى الصدر مرارًا وتكرارًا إلى انسحاب المحتلين الأمريكيين في الماضي، وأعرب عن معارضته لبقاء القوات الأمريكية.
وفي السنوات الأخيرة أيضًا، أدان الصدر مرارًا الکيان الصهيوني والولايات المتحدة لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية، وأعلن مقاومته لهما.
إضافةً إلى ذلك، تُظهر خلفية مقتدى الصدر في الماضي أن انتصار التيار التابع له كان أسوأ خبر بالنسبة للأميركيين، لأن الصدر، كقائد لجيش المهدي، أدار أكبر منظمة مناهضة لأمريكا من 2003 إلى 2007. وهذا يدل على أنه لا يقبل أي مساومة مع أي تيار أو شخص فيما يتعلق بمواجهة الاحتلال الأمريكي.
رسالة الانتخابات الصريحة المعادية لأمريكا لرئيس الوزراء الجديد
إن الوضع الناتج عن فوز التيارات والائتلافات المناهضة لأمريكا في انتخابات 10 أكتوبر، قد حدَّد أولويةً واضحةً لرئيس الوزراء الجديد للحكومة العراقية، وهي: "تنفيذ قانون طرد القوات الأجنبية من البلاد".
في الوضع الجديد، سواء بقي مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء أو جری انتخاب شخص جديد لرئاسة الحكومة، المهم أن الاتفاقات النهائية بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق، والتي تمت الموافقة عليها في الجولة الأخيرة من المحادثات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن، ينبغي تنفيذها في أسرع وقت ممكن.
وبشكل عام، يمكن التأکيد أيضًا أن الأمريكيين سيکون لهم دور ضئيل في تعيين رئيس الوزراء الجديد، وأن مسار المعادلات المستقبلية سيكون مخالفًا تمامًا لنهجهم وإرادتهم.